على وقع الاحتجاجات.. تصاعد وتيرة فوضى الأسعار بأسواق لبنان
وصل سعر صرف الدولار في السوق الموازي إلى 1800 ليرة، مقابل سعره الرسمي في المصارف 1510 ليرات لبنانية.
تواصل أسعار السلع في أسواق لبنان الارتفاع بشكل لافت، ما يزيد من تدهور الأوضاع المعيشية، الصعبة أصلا، لملايين اللبنانيين، تحت لهيب نار التضخم.
- فوضى بأسواق لبنان وموجة هلع على شراء الأغذية
- تواصل الاحتجاجات المتنقلة ودعوات لإضراب عام الثلاثاء بلبنان
وعلى مدى الأيام القليلة الماضية قال مستوردو الوقود والقمح والأدوية إنهم يواجهون صعوبات في تأمين العملة الأجنبية اللازمة للاستيراد.
ووصل سعر صرف الدولار في السوق الموازي إلى 1800 ليرة، مقابل سعره الرسمي في المصارف 1510 ليرة لبنانية.
وأزمة الأسعار هي مؤشر على أزمات لبنان الاقتصادية التي تتصاعد يوما بعد يوم في ظل اشتداد حدة الاحتجاجات وتأخر تشكيل حكومة جديدة بعد استقالة حكومة سعد الحريري.
ولليوم الـ26 على التوالي، تواصلت مسيرات الاحتجاجات في مدن لبنان، مطالبين بـ"إسقاط النظام"، وسط حالة من الفوضى في الأسواق، مع إغلاق محطات وقود أبوابها وارتفاع أسعار سلع أساسية والمشكلات التي تواجه المصارف.
ويعاني لبنان من ضائقة اقتصادية كبيرة حيث تعزف البنوك عن صرف الدولار للعملاء وتجبرهم على القبول بالليرة اللبنانية بسعر الصرف الذي حدده البنك المركزي بحدود 1510 ليرات لكل دولار، بينما وصل سعر صرف الدولار في محلات الصرافة لأكثر من 1800 ليرة، الأمر الذي سبب أزمة مالية دفعت بالمصارف لإغلاق أبوابها باكرا وإجبار المتعاملين على استخدام أجهزة الصراف الآلي التي باتت لا تحتوي إلا على العملة اللبنانية.
وشهدت العديد من المناطق اللبنانية أزمة محروقات حيث اقفلت العديد من المحطات أبوابها لعدم توفر مادة البنزين مما سبب زحمة سير خانقة لازدحام السيارات على أبواب بعض المحطات التي ما زال لديها مخزون من البنزين.
وقررت العديد من المحطات العاملة على تحديد الكمية التي تسمح بتعبئتها لكل سيارة حتى يتسنى لها توفير البنزين لأكبر عدد ممكن من السيارات.
ومن جهة أخرى أعلنت المستشفيات عن وجود أزمة حقيقية في مخازن الأدوية والمستلزمات الطبية، مؤكدة أنها لن تستقبل المرضى إلا الحالات الطارئة ومرضى السرطان والفشل الكلوي بسبب عدم دفع الدولة المستحقات الخاصة بالمستشفيات.
وشهدت المدن اللبنانية مظاهرات حاشدة في العاصمة بيروت ومدينة طرابلس وبعلبك وصيدا وغيرها، احتجاجا على تردي الأوضاع المالية والاقتصادية وللمطالبة بتشكيل حكومة تكنوقراط بأسرع وقت ممكن لإنقاذ لبنان من حالة التدهور.
ولم تحرك السلطات اللبنانية ساكنا منذ استقالة الحكومة التي كان يرأسها سعد الحريري قبل 11 يوما، في حين لا تزال المظاهرات مستمرة أمام المؤسسات الحكومية والمرافق العامة في البلاد.
وتحاول البنوك منذ أن عاودت فتح أبوابها قبل أسبوع تفادي هروب رؤوس الأموال بمنع معظم التحويلات النقدية إلى الخارج وفرض قيود على السحب بالعملة الصعبة، رغم أن مصرف لبنان المركزي لم يعلن عن أي قيود رسمية على رؤوس الأموال.
وقال سليم صفير، رئيس جمعية مصارف لبنان في مؤتمر صحفي يوم السبت، إن "أموال المودعين محفوظة ولا داعي للهلع"، في محاولة لتهدئة المخاوف المتعلقة بالقيود على بعض عمليات السحب التي فرضت منذ خروج احتجاجات على مستوى البلاد.
وقال رئيس نقابة أصحاب المحطات سامي البراكس يوم السبت: "فتحت اليوم المحطات التي لا يزال لديها مخزون، وستغلق ما إن ينتهي مخزونها، وأغلقت أخرى انتهى مخزونها أساساً".
وأوضح: "نحن طلبنا أن ندفع 100% بالليرة اللبنانية (...) إذا لم يجدوا (المسؤولون والمصرف المركزي) حلاً حتى يوم الثلاثاء، فسنضطر أن نوقف استيراد المشتقات النفطية ونغلق كل المحطات ونجلس في بيوتنا".
وبدأت أزمة محطات الوقود في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي مع تذمر أصحابها من صعوبة الحصول على الدولارات لتسديد فواتيرهم للمستوردين.
ويدفع المستهلكون لأصحاب محطات الوقود في لبنان بالليرة اللبنانية، لكن يتعيّن عليهم الدفع بالدولار للمستوردين والموزعين.
وتوقع البنك الدولي يوم الأربعاء، أن يشهد لبنان "ركودا كبيرا" في ظل تزايد الضغوط الاقتصادية والمالية عليه، مؤكدا أن الوضع في لبنان يصبح أكثر خطورة بمرور الوقت، وتحقيق التعافي ينطوي على تحديات أكبر.
وكانت الحكومة اللبنانية تعهدت العام الماضي للمجتمع الدولي بتخفيض النفقات العامة وبمشاريع إصلاحية مقابل حصولها على قروض وهبات بقيمة 11.6 مليار دولار. إلا أنها لم تتمكن من الوفاء بالتزاماتها. وأقرت العام الحالي موازنة لـ2019 تضمنت سلسلة إجراءات تقشفية للحد من العجز.
ويشهد لبنان تدهوراً اقتصادياً، تجلى في نسبة نمو شبه معدومة العام الماضي، وتراكم الديون إلى 86 مليار دولار، أي ما يعادل 150% من إجمالي الناتج المحلي، وهو من أعلى المعدلات في العالم.
وخفضت وكالة "موديز"، يوم الثلاثاء، التصنيف الائتماني للبنان مرة جديدة، ليصبح "سي إيه إيه - 2" في بلد يشهد للأسبوع الرابع على التوالي تحركاً شعبياً ضد الطبقة السياسية التي يتهمها متظاهرون بالفساد ويحملونها مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية.
وكانت موديز خفضت في يناير/كانون الثاني الماضي تصنيف لبنان الطويل الأجل للديون من "بي-3" إلى "سي إيه إيه -1"، محذرة من تخفيض جديد.
وخفضت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية الأسبوع الماضي تصنيف بنكي عودة وبيبلوس إلى CCC-، وهو رابع أدنى تصنيف ممكن.
كما خفضت وكالة موديز انفستورز سيرفيس، يوم الخميس، التصنيف الائتماني لأكبر 3 بنوك في لبنان من حيث الأصول إلى مستويات أعلى للمخاطر، وهو ما يعكس ضعف الجدارة الائتمانية للحكومة اللبنانية، بينما تتضرر البلاد من الاضطراب السياسي.