الشريحة التي لا تتعب.. ملخص رحلة أبل لتصنيع رقائق السيليكون
عندما أعلنت شركة أبل عن عزمها تصنيع شرائح السيليكون الخاصة بها بنفسها، لأجهزة كمبيوتر Mac في يونيو/حزيران 2020، كان ذلك بمثابة تحول كبير في صناعة التكنولوجيا والرقائق الرقمية على مستوى العالم.
ومنح ذلك أبل القدرة على تقديم أجهزة أكثر تقدما مما كان يحلم به المستخدمون.
ونستعرض في هذا التقرير رحلة أبل مع تصنيع رقائق السيليكون الذكية، من بدايتها، بعد ما أحدثته النسخة الأحدث من هذه الرقاقات من جدل كبير، تلك النسخة التي أعلنت عنها أبل خلال تقديمها للجيل الجديد من أجهزتها اللوحية "آيباد"، وهي رقاقة M4.
بداية مستوحاة من سلسلة A
ومع تقديم شريحة M1، كانت بداية عهد Apple مع تصنيع رقاقات السيليكون، وقدمت من خلالها للمستخدمين أداءً محسنًا وكفاءة أفضل في استخدام الطاقة وتجربة مستخدم سلسة، وفق "إنشيال فوكس ميديا".
ولا تشير هذه الخطوة إلى سعي أبل المستمر للابتكار والتكامل فحسب، بل سلطت الضوء أيضًا على إتقان الشركة في عملها على تحقيق التكامل للأجهزة والبرامج.
تعود أصول سلسلة شرائح M من شركة أبل إلى شرائح السلسلة A المستخدمة في أجهزتها المحمولة.
وتطورت شرائح السلسلة A، التي تم استخدامها في البداية في أجهزة آيفون البدائية ولاحقًا آيباد، تدريجيًا لتصبح قوية وفعالة.
ومن خلال الاستفادة من خبرتها في تصميم هذه الرقائق، وجدت شركة أبل نفسها تفكر في إمكانية إنتاج شرائح لمجموعة أجهزة Mac الخاصة بها.
M1 الرقاقة الثورية
وكان ظهور شريحة M1 لأول مرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، ذلك كان بمثابة بداية حقبة جديدة لأجهزة كمبيوتر Mac.
وتم تصميم شريحة M1 بناءً على تقنية معالج 5 نانومتر، ودمجت من خلالها أبل وحدة معالجة مركزية ذات 8 نواة، ووحدة معالجة رسومات 8 نواة، ومحرك عصبي ذو 16 نواة.
أدى هذا الدمج بين المكونات إلى مستوى مبتكر من الأداء وكفاءة الطاقة، مما أتاح إكمال المهام بسرعة البرق مع الحفاظ على عمر بطارية الأجهزة.
وجلب وصول شريحة M1 معه أيضًا تغييرًا هندسية هائلاً على مستوى التصميم لأجهزة أبل، إذ لم تعد أجهزة Mac المزودة بشرائح M1 تحتاج إلى شرائح منفصلة لوظائف مختلفة، مثل الأمان وإدارة الذاكرة، حيث تم دمجها بسلاسة في شريحة M1 نفسها لتوفير مزيدا من المساحة الداخلية.
ولم يعمل هذا النهج الشامل على تبسيط النظام بأكمله فحسب، بل أدى أيضًا إلى إزالة الاختناقات في أحشاء أجهزة أبل، مما أدى إلى تجربة مستخدم أكثر سلاسة.
التطور ومرحلة ما بعد M1
ولتبني على نجاح شريحة M1، واصلت Apple ابتكار وتوسيع نطاق شرائح M-series.
ومع طرح شرائح M1 Pro وM1 Max في أكتوبر 2021، استهدفت أبل المستخدمين المحترفين الذين طالبوا بمستويات أعلى من الأداء لهذه الرقائق.
وتتميز هذه الرقائق بزيادة كبيرة في نوى وحدة المعالجة المركزية ووحدة معالجة الرسومات، مما يوفر إمكانات لا مثيل لها لمهام مثل تحرير الفيديو والعرض ثلاثي الأبعاد وتطوير البرامج.
واستخدمت شرائح M1 Pro وM1 Max بنية ذاكرة موحدة، مما أدى إلى توحيد الذاكرة وتوفير نطاق ترددي مذهل لإشباع النوى عالية الأداء والرسومات المدمجة.
و لقد عزز هذا الابتكار حدود ما يمكن تحقيقه على جهاز كمبيوتر محمول، مما رفع من قيمة جهاز MacBook Pro إلى آفاق جديدة وتمكين المحترفين من إنجاز المهام التي كانت تعتبر شاقة في السابق على جهاز محمول.
شريحة M2
وبتاريخ 6 يونيو 2022، أعلنت أبل رسميا عبر موقعها على الإنترنت عن إطلاق الجيل الأحدث من رقاقاتها الفائقة، وتقديم شريحة M2.
لتبدأ معها رحلة جديدة من التطور في صناعة شرائح السيليكون من أبل، وعند طرحها تبوأت شريحة M2 مكانة رائدة في عالم الحوسبة، حيث تميزت بتقنية المعالجة بدقة 5 نانومتر من الجيل الثاني، التي تعزز الأداء بصورة استثنائية.
وأتاحت الرقاقة للأجهزة في وقتها من عائلة Mac الاستفادة من معالج مركزي يعمل بسرعة تزيد بنسبة 18% عن الجيل السابق، ووحدة معالجة رسومات تتمتع بأداء غرافيكي أكثر قوة بنسبة 35%، بالإضافة إلى محرك عصبي يتمتع بسرعة زيادة تصل إلى 40% عن الجيل السابق.
ومن خلال توفير نطاق ترددي أعلى بنسبة 50% مقارنة بالجيل السابق، ودعم يصل إلى 24GB من الذاكرة الموحدة السريعة، جعلت شريحة M2 الأجهزة المحمولة MacBook Air والإصدار الجديد من MacBook Pro بحجم 13 إنش الذي طرح في ذلك الوقت، بمثابة تجارب حوسبة فائقة الكفاءة والأداء، مدعومة بتقنيات مخصصة جديدة وكفاءة تشغيل متقدمة.
M3 الشريحة التي لا تتعب
بعد ذلك، في نوفمبر عام 2023 الماضي، كشفت شركة أبل عن الجيل الجديد من أجهزة الكمبيوتر المحمولة MacBook Pro وأجهزة الكمبيوتر المكتبية iMac، والتي جاءت مزودة بأحدث شرائح الكمبيوتر التي تستخدم تقنية 3 نانومتر في ذلك الوقت، وهي شريحة M3.
هذه الشرائح منحت الأجهزة أداءً وكفاءة استثنائيين، واعتمدت على أحدث التقنيات المتاحة في السوق.
وعكست شريحة "M3"، الجيل الجديد من عمليات التصنيع في مجال الرقائق، حيث تمتعت هذه الشريحة بسرعة مذهلة، مما دفع أبل إلى وصفها بأنها "مخيفة" خلال حدث الكشف عن الأجهزة الجديدة في ذلك الوقت.
ووفقًا لشركة أبل، فإنه بفضل رقاقة M3، وصفت أجهزة MacBook Pro وiMac الجديدة بقدرتها على إكمال المهام اليومية للمستخدمين بسرعة وسلاسة، وتميزت بسرعات فائقة تماثل "سرعة البرق".
ومكنت شرائح M3 الجديدة التي تعتمد على تقنية 3 نانومتر، المستخدمون من تصفح المئات من التبويبات بسرعة رهيبة، وأداء مهام تطوير برامج الذكاء الاصطناعي بكفاءة عالية.
الرقاقة كانت نتيجة لتعاون من شراكة ثلاثية بين أبل وARM وTSMC، حيث حصلت أبل على ترخيص لاستخدام تصاميم ARM للمعالجات تحت علامتها التجارية، بينما تقوم TSMC بتصنيع وإنتاج الشرائح بالنيابة عن أبل.
وأتيحت M3 بثلاث خيارات مختلفة على مستوى الأداء، تشمل أولا شريحة M3 التي تمتلك ذاكرة وصول عشوائي تصل سعته لـ 24 جيجابايت، مع تمتعها بوحدة معالجة مركزية CPU بـ 8 أنوية، ووحدة معالجة رسومات GPU بـ 10 أنوية.
الخيار الثاني كان شريحة M3 Pro ، هذه الشريحة تمتلك ذاكرة وصول عشوائي بسعة 36 جيجابايت، ووحدة معالجة مركزية CPU بـ 12 نواة، مع وحدة معالجة رسومات GPU بـ 18 نواة.
الخيار الثالث، هو شريحة M3 Max التي تدعم ذاكرة وصول عشوائي بسعة 128 غيغابايت، مع وحدة معالجة مركزية CPU بـ 16 نواة، وأيضا وحدة معالجة رسومات GPU بـ 40 نواة.
شريحة M4 الأولى الداعمة للذكاء الاصطناعي
وخلال حدثها الأخير الذي كشفت خلاله عن الجيل الأحدث من أجهزة أبل اللوحية، قدمت أبل للمرة الأولى الجيل الجديد من رقاقات السيليكون، عبر شريحة M4.
و أحدثت شريحة M4 ثورة في أداء جهاز iPad Pro الجديد بشكل كامل، حيث تم تصميم هذه الشريحة باستخدام تكنولوجيا 3 نانومتر من الجيل الثاني، وتُعتبر نظامًا متكاملًا في شريحة (SoC) يُعزز كفاءة استهلاك الطاقة.
بالإضافة إلى ذلك، اتاحت الشريحة التصميم المذهل بنحافته المعلنة لجهازiPad Pro الجديد.
وتتضمن الشريحة وحدة معالجة مركزية جديدة مع ما يصل إلى 10 نوى، ووحدة معالجة رسومات غرافيك جديدة مع 10 نوى أيضًا.
وتعتمد على بنية وحدة معالجة رسومات الغرافيك من الجيل الجديد، والتي تُقدم لأول مرة التخزين المؤقت الديناميكي، وتكنولوجيا تتبّع الأشعة المسرعة بواسطة الأجهزة، وتكنولوجيا التظليل الشبكي المسرّعة بواسطة الأجهزة عبر جهاز iPad.
وتتميز شريحة M4 بأسرع محرك عصبي من Apple على الإطلاق، حيث تستطيع تنفيذ ما يصل إلى 38 تريليون عملية في الثانية.
وتفوقت هذه القيمة على وحدة المعالجة العصبية لأي جهاز PC مدعوم بالذكاء الاصطناعي حتى الآن، وبفضل سرعة أكبر في النطاق الترددي للذاكرة، ومسرّعات التعلم الآلي من الجيل الجديد في وحدة المعالجة المركزية، والأداء العالي لوحدة معالجة رسومات الغرافيك، فإن شريحة M4 تجعل من جهاز iPad Pro الجديد جهازاً بقدرات خرافية لمهام الذكاء الاصطناعي.