غزة في مجلس الأمن... خارطة طريق إماراتية لوقف الحرب ودعم السلام
خارطة طريق واضحة المعالم ترسمها دولة الإمارات لإنهاء الأزمة الإنسانية الناتجة عن حرب غزة وتحقيق سلام مستدام يستند إلى حل الدولتين.
خارطة رسمتها الإمارات من خلال كلمتها بجلسة عقدها مجلس الأمن الدولي، مساء الإثنين، للتصويت على مشروع قرار روسي يدعو إلى وقف إطلاق النار لدواع إنسانية في قطاع غزة.
ورغم تعثر مجلس الأمن في التوافق بشأن مشروع القرار الروسي الذي أيدته الإمارات والصين وروسيا والغابون وموزمبيق، ورفضته أمريكا وبريطانيا وفرنسا واليابان، فيما امتنع بقية أعضاء مجلس الأمن الدولي عن التصويت، إلا أن الإمارات سجلت خلال الجلسة موقفا قويا داعما للسلام والإنسانية والقضية الفلسطينية.
ووضعت الدولة من خلال كلمتها التي ألقتها السفيرة لانا زكي نسيبة، المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، خارطة طريق لحل الأزمة الإنسانية الناتجة عن الحرب التي يشهدها القطاع لليوم الـ 11 على التوالي.
7 مطالب
الإمارات قدمت خارطة طريق من 7 نقاط لمواجهة تلك التداعيات الإنسانية على المدى القصير، وتحقيق سلام مستدام على المدى الطويل عبر حل الدولتين يعيشان جنب إلى جنب.
ودعت الإمارات في هذا الصدد، أولا إلى حماية جميع المدنيين، وثانيا إلي الإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن، إضافة إلى توفير المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وآمن.
كما دعت إلى احترام القانون الدولي الإنساني، ووقف الهجمات العشوائية، ورفض الدعوة لنزوح أكثر من مليون فلسطيني عن أراضيهم، وأخيرا الاتفاق على أفق سياسي واضح لحل القضية الفلسطينية يستند إلى حل الدولتين.
وأوضحت الإمارات أن «الدعوة إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية أمر ضروري لتحقيق» تلك الأهداف.
تحذير إنساني
السفيرة لانا زكي نسيبة، آثرت في تلك الكلمة أن تضع مجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي أمام مسؤوليته، عبر رسم صورة عما تعانيه غزة حتى قبل اندلاع الحرب، التي زادات معاناتها.
وقالت في هذا الصدد : «في يناير (كانون ثاني) من هذا العام، أشار تقييم الأمم المتحدة للاحتياجات الإنسانية في غزة إلى أن بقاء مليونين و300 ألف شخص على قيد الحياة مرتبط بحصولهم على المساعدات، وقد كان نصف هذا العدد من الأطفال، فيما صُنف ما يقارب الستين بالمائة من هذه الاحتياجات ما بين الشديدة والكارثية».
وأضافت: «أما في العقد الماضي وحده، فقد عاش سكان غزة ثلاث جولات من العنف في هذا الصراع الممتد مما أفقد أطفال غزة الأمل».
ولفتت إلى أن «هذا كان توصيف الكابوس الذي تعيشه غزة قبل 10 شهور من استشراء الحرب، واليوم، يواجه المدنيون فيها مرة أخرى حرباً مدمرة، بلا ملجأ ليفروا إليه من ويلاتها».
وتابعت أن «غزة، أحد أكثر الأماكن اكتظاظاً بالسكان على وجه الأرض، محاصرة، ويتعذر فيها الحصول على الوقود، أو الكهرباء، أو الغذاء، أو الماء، أو الإمدادات الطبية، ويعتمد فيها مليونا إنسان على خط أنابيب واحد للمياه، حيث انعدام الكهرباء شلَّ العمل في محطات التحلية الثلاث».
وشددت على أنه «إزاء هذه الخلفية المروعة، يجب على المجتمع الدولي أن يدرك أن الدعوة إلى إجلاء أكثر من مليون شخص بلا مأمن ليقصدوه ولا مساعدة، تشكل مطلباً لا يمكن تبريره أو تحقيقه».
ووجهت الإمارات رسائل مهمة وقوية من داخل مجلس الأمن الدولي بشأن إنهاء الأزمة الإنسانية في القطاع، داعية للعمل بما يتجاوز الإدلاء ببيانات، «وأقله أن يكون قادراً على الالتقاء حول الحاجة إلى حماية جميع المدنيين، والإفراج غير المشروط عن كافة الرهائن، وتوفير المساعدة الإنسانية بشكل آمن».
آليات إنسانية
وحددت عددا من الآليات لتحقيق ذلك، مشيرة إلى أن «المطلوب هو الاستعادة الكاملة للوصول إلى الوقود والغذاء والمياه والمعونات الطبية وغيرها من الضروريات الأساسية، وإنشاء إطارٍ يؤمن سلامة العاملين في المجال الإنساني، والذين يومياً يخاطرون بحياتهم بكل شجاعة، بالإضافة إلى تأمين سرعة إيصال المساعدات الإنسانية بدون عوائق».
وبينت أن «الدعوة إلى وقف إطلاق النار لأغراض إنسانية، تشكل ضرورة ملحة لكل ما سبق».
واعتبرت أن »مشروع القرار الذي قدمه الوفد الروسي يستجيب لهذه الاحتياجات الإنسانية المحددة، ولهذا جاء تصويت دولة الإمارات لصالحه، ولذلك أيضاً، نشعر بخيبة الأمل لأنه لم يحظ بدعم المجلس اليوم».
وأمام ذلك، دعت الإمارات مجلس الأمن الدولي للإجماع حول أمرين: التمسك بالقانون الإنساني الدولي، ورفض الهجمات العشوائية وعدم تبريرها، وإنهاء دوامة العنف.
وأكدت أن أحداث الأيام الماضية أوضحت بشكلٍ مؤلم أن شبح إراقة الدماء، سيظل يطارد الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، في ظل غياب الأفق السياسي الجاد.
وأشارت إلى أن الفلسطينيين والإسرائيليين لا يستحقون العيش فقط، وهو الحد الأدنى، بل النهضة، جنباً إلى جنب، في دولهم المستقلة والمزدهرة والآمنة.
وسبق أن حذرت الإمارات من أعمال العنف الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، معتبرة أن ذلك «يُهدد بحدوث اشتباكات أكثر خطورة وحالة عارمة من الفوضى»، وشددت على «السلام العادل والشامل والدائم».
ملحمة دعم
يأتي الموقف الإماراتي الداعم للسلام والإنسانية والقضية الفلسطينية ضمن حراك دبلوماسي وإنساني متواصل لدعم القضية.
فمنذ تجدد التصعيد في غزة، تقود الإمارات قيادة وحكومة وشعبا ملحمة سياسية وإنسانية لدعم القطاع وفلسطين.
ملحمة يقودها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات ضمن جهود دبلوماسية وإنسانية تبلورت منذ الساعات الأولى للحرب على غزة.
وشملت الجهود مباحثات مع قادة العالم حول ضرورة وقف التصعيد، والتهدئة، وممارسة أقصى درجات ضبط النفس لحماية جميع المدنيين، والحفاظ على أرواحهم، قبل أن يصدر توجيهات فورية بإرسال مساعدات عاجلة للفلسطينيين بمبلغ 20 مليون دولار.
جهود القيادة السياسية واكبها حراك دبلوماسي إماراتي على أكثر من صعيد لتحقيق نفس الهدف، من خلال مباحثات وزير الخارجية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان مع نظرائه حول العالم، أو من خلال حراك الإمارات في مجلس الأمن الدولي.
كما تبعتها جهود ومبادرات إنسانية متتالية، حيث أطلقت الإمارات، الأحد، حملة لإغاثة الفلسطينيين المتأثرين من الحرب في قطاع غزة، تحت شعار «تراحم من أجل غزة»، استبقتها بإرسال طائرة مساعدات طبية عاجلة لإغاثة أهل القطاع.
أيضا على الصعيد الإنساني، وجه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بتقديم مساعدات عاجلة للفلسطينيين بمبلغ 50 مليون درهم، عن طريق مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية.
مواقف إنسانية تناغمت مع أخرى سياسية ودبلوماسية قوية، عبر بيانات متتالية تصدرها وزارة الخارجية الإماراتية، متى استدعت التطورات، تناشد فيها إسرائيل بالوقف الفوري للحملات المتكررة والمتصاعدة ضد الشعب الفلسطيني، وتدعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته واتخاذ إجراءات حازمة ومكثفة، تسهم في تهدئة الأوضاع على الأرض وإحياء عملية السلام.
مواقف تحمل رسائل قوية تؤكد من خلالها دولة الإمارات أن دعمها للقضية الفلسطينية لا يقتصر على الجانب السياسي فقط، بل يصاحبه دعم إنساني وتنموي يستهدف تعزيز صمود الفلسطينيين، بما يساهم بالدفع في تحقيق حل الدولتين من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة على أساس حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
تحركات متتالية على مختلف الأصعدة تؤكد من خلالها دولة الإمارات دعمها الأبدي للقضية الفلسطينية، وأن توقيعها اتفاق سلام مع إسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول 2020 لم ولن يكون على حساب القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وإنما توظفها دولة الإمارات دائما لدعم حقوقه.