هل يتخلى الاقتصاد العالمي عن التعامل بالدولار؟
الدولار رغم سيطرته على صناعة التمويل العالمية، لكن لا يمكن اعتبار تفوقه أمرًا مفروغًا منه، فربما يؤسس الرئيس "ترامب" حاليًا لزوال ذلك.
يتراجع الدولار الأمريكي عالميا في الوقت الراهن بعد سياسات وقرارات للرئيس دونالد ترامب أبرزها إلغاء اجتماع قمة مع كوريا الشمالية، ما أذكى توترات سياسية، بخلاف التهديد بفرض رسوم جديدة وإثر نشر محضر أحدث اجتماع لمجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) والذي بدت لهجته تميل إلى التيسير النقدي.
وتقول صحيفة لـ"فايننشال تايمز " ، العملة الخضراء تهيمن على صناعة التمويل العالمية، وتحظى بحصة مسيطرة في المعاملات المالية الدولية ، لكن لا يمكن اعتبار تفوقها أمرًا مفروغًا منه، فربما يؤسس الرئيس "دونالد ترامب" حاليًا لزوال ذلك.
وأبدى " ترامب" في كثير من الأحيان تأييده لدولار ضعيف، على ما يبدو أنها محاولة منه لمواجهة الدول الأخرى التي يزعم أنها تملك ميزة تجارية غير عادلة أمام الولايات المتحدة، عبر إضعاف عملاتها لزيادة الصادرات.
يشار هنا إلى أن وزير الخزانة الأمريكي، ستيف منوشين، قد ذكر في فبراير/شباط الماضي أن "ضعف الدولار أمر جيد بالنسبة لنا من حيث صلته بالتجارة والفرص."
مؤشرات زعزعة الدولار
المعاملات التجارية التي تجريها الصين وكوريا الجنوبية باستخدام عملتيهما بدلًا من الاعتماد على الدولار كعملة وسيطة.
يشار هنا إلى تراجع هيمنة الدولار على عقود النفط والسلع الأخرى بالفعل.
تحت إدارة "ترامب" يتم النظر إلى أمريكا بنحو متزايد على أنها شريك تجاري وعسكري غير جدير بالثقة، ما أضر بمصداقيتها الدولية.
وأدى هذا الإحساس إلى زرع الخوف أيضًا من استخدامه الدولار كسلاح للتفوق على بعض الدول.
المؤسسات الأمريكية التي صمدت أمام اختبارات الزمن، تتعرض الآن للهجوم من "ترامب" المدعوم بالكونجرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون.
وهذا الهجوم ينال من مكانة الدولار المستمدة من متانة المؤسسات الأمريكية وليس فقط القوة الاقتصادية أو العسكرية للبلاد.
انخفاض تكلفة التعامل بالعملات الأخرى وارتفاع قيم عملات الأسواق الناشئة مثل اليوان الصيني، الذي يحد من دور الدولار المهيمن بالفعل في تسوية المعاملات الدولية، يشكل تحديًا جديدًا أمام العملة الأمريكية.
سيناريوهات ما بعد انهيار الدولار
اضطراب اقتصادي عالمي ولجوء إلى العملات الأخرى، مثل اليورو والأصول مثل الذهب.
تراجع الطلب على سندات الخزانة الأمريكية، وزيادة معدلات الفائدة، وصعود أسعار الواردات الأمريكية لأعلى مستوى ليتسبب ذلك في قفزة للتضخم.
ويتركز الضرر الحقيقي الذي يهدد مكانة الدولار في السياسات التي من شأنها القضاء على الاستقرار المالي، وقوة المؤسسات في الولايات المتحدة، وجدارتها بالثقة.
ويؤدي انهيار الدولار إلى ارتفاع مستوى البطالة، الأمر الذى سيعود بالولايات المتحدة إلى فترة الكساد.
وتشير صحيفة فايننشال تايمز "يحتاج الدولار إلى دعم من البنك المركزي بعيدًا عن التدخلات المباشرة، إضافة إلى سيادة القانون التي يحميها نظام قضائي مستقل، وبذلك تكتمل مجموعة العوامل المعززة لثقة المستثمرين في المؤسسات الأمريكية.
وتضيف "حتى لو أن هيمنة الدولار كوسيلة للتبادل التجاري في تراجع، فإنه بلا منازع الملاذ الآمن الأفضل، ولم يظهر المستثمرون الأجانب، بما في ذلك البنوك المركزية، أي علامات على التخلي عن أصولهم الدولارية"