اليوبيل الذهبي لـ"الوطني الاتحادي".. تشريعات تعزز ريادة الإمارات
تحل الذكرى الـ50 لتأسيس المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي، فيما تتسارع الخطى لتنفيذ "مبادئ الـ50" الهادفة لتعزيز ريادة الدولة عالميا.
وساهم المجلس الوطني الاتحادي -الذي عقد أولى جلساته بتاريخ 12 فبراير/شباط 1972م- على مدى خمسة عقود في مسيرة البناء والنماء والتنمية الشاملة التي تشهدها دولة الإمارات، بما أقره من قوانين وتشريعات، مجسدا نهج الشورى وتعزيز مشاركة المواطنين في عملية صنع القرار.
ويعول على المجلس أيضا في استكمال مسيرته والقيام بدور هام في مسيرة البناء والنهضة التي تشهدها الدولة والارتقاء بالمجتمع وتحقيق تطلعاته من خلال ممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية، فيما تمضي دولة الإمارات قدما لتنفيذ "مبادئ الخمسين".
"مبادئ الخمسين" التي تعد بمثابة خارطة طريق استراتيجية لتحقيق الريادة الإماراتية بمختلف المجالات، خلال الخمسين سنة المقبلة، وصولا لتحقيق هدف "مئوية الإمارات 2071" بأن تكون أفضل دولة في العالم، وأكثرها تقدماً.
630 مشروع قانون
ومنذ انطلاق أولى جلساته في مثل هذا اليوم قبل 50 عاما، قام المجلس الوطني الاتحادي بدور رائد من خلال ممارسة اختصاصاته الدستورية في مسيرة البناء والنهضة الشاملة، عبر تحديث وتطوير التشريعات ومناقشة الموضوعات وتبني التوصيات بشأنها، ومن خلال دوره المساند والمرشد لعمل الحكومة في الاهتمام بشؤون الوطن والمواطنين.
وتجسد هذا الأمر من خلال "17" فصلا تشريعيا عقد خلالها "640" جلسة أقر خلالها "630" مشروع قانون، ووافق على "7 " تعديلات دستورية، وناقش "335" موضوعا عاما، ووجه 975 سؤالا ، ووقع "47" مذكرة تعاون مع برلمانات إقليمية ودولية.
ووفرت تلك القوانين منظومة تشريعية متكاملة لنمو الدولة وتجقيق إنجازات تاريحية في مجالات عدة.
وكان للمجلس الوطني الاتحادي دور هام في تعزيز مسيرة دولة الإمارات نحو الفضاء بإقراره عام 2019 مشروع قانون اتحادي بشأن تنظيم قطاع الفضاء، لتصبح دولة الإمارات بذلك أول دولة عربية وإسلامية لديها تشريعات وقوانين فضائية متكاملة.
وتحل الذكرى الخمسين لتأسيس المجلس الوطني الاتحادي في وقت يواصل فيه "مسبار الأمل" الإماراتي، أول مسبار عربي وإسلامي يصل إلى مدار كوكب المريخ قبل عام، مهمته العلمية لجمع معلومات وبيانات لم تتوصل إليها البشرية من قبل.
أيضا سبق أن أقر المجلس الوطني الاتحادي، مشروع قانون اتحادي بشأن الوقف، يعد الأول من نوعه على مستوى الوطن العربي والعالم الإسلامي.
وفي مايو/أيار 2018 ، اعتمد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات قانون الوقف الخيري في دولة الإمارات، وذلك لترسيخ قيم البذل والعطاء الإنساني التي غرسها المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وتقديم الخير للجميع من دون مقابل وتوفير بيئة محفزة للعمل الخيري والمساهمة المجتمعية والتكافل الاجتماعي في كل مجالات الحياة.
ويهدف القانون إلى توفير أفضل بيئة تشريعية لإنشاء الأوقاف في العالم ومن خلال مساهمة الوقف في مختلف المجالات المجتمعية والعلمية والثقافية والبيئية ودعم البحوث العلمية والطبية الممولة بالوقف وتشجيع حاضنات الأعمال والمشاريع الشبابية الممولة بالوقف.
كما يساهم في تعزيز روح التسامح والعطاء في الدولة خاصة أنه يتيح للأفراد والمؤسسات المساهمة في تمويل مشاريع الخير ولا يجعل الوقف حصرا على المسلمين فالمساهمة في أعمال الخير الوقفية مفتوح لغير المسلمين.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2016، أصدر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات أول قانون من نوعه للقراءة يضع أطرا تشريعية وبرامج تنفيذية ومسؤوليات حكومية محددة لترسيخ قيمة القراءة في دولة الإمارات بشكل مستدام.. وذلك في بادرة حضارية وتشريعية غير مسبوقة في المنطقة.
ويهدف القانون إلى دعم تنمية رأس المال البشري والمساهمة في بناء القدرات الذهنية والمعرفية ودعم الإنتاج الفكري الوطني وبناء مجتمعات المعرفة في الدولة.
واعتمد مجلس الوزراء الإماراتي في عام 2018 قانون المساواة في الأجور والرواتب بين الجنسين في الدولة، للتأكيد على إتاحة الفرص كاملة للمرأة لإثبات ذاتها كشريك للرجل في ترسيخ ركائز النهضة الشاملة ولتفعيل مشاركة المرأة في عملية التنمية.
قوانين عديدة تعزز ريادة دولة الإمارات إقليميا ودوليا على مختلف الأصعدة العلمية والفضائية والحقوقية والإنسانية.
ومع اعتماد دولة الإمارات مبادئ الخمسين في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لتكون خارطة طريق تنموية للدولة خلال الخمسين عاما القادمة، يعول على المجلس الوطني الاتحادي في أن يواصل دوره ونشاطه الدؤوب في المساهمة في خطط الدولة واستراتيجياتها الوطنية لتعزيز ريادتها عالميا مع الوصول للمئوية.
مرحلة التأسيس
وفيما يتم الاحتفال اليوم بذكرى 50 عاما على تأسيسي المجلس الوطني الاتحادي، يستذكر الإماراتيون محطات هامة مر بها المجلس منذ عقد أولى جلساته في 12 فبراير/شباط 1972، بعد فترة وجيزة من انطلاق مسيرة الاتحاد في 2 ديسمبر/كانون الأول 1971.
وحظي المجلس بدعم كبير من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، لدوره الوطني في تمثيل شعب الاتحاد وتجسيد نهج الشورى المتأصل والمتجذر في مجتمع دولة الإمارات.
وشكل خطاب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في افتتاح أول فصل تشريعي، في 13 فبراير/شباط 1972، محطة بارزة في مسيرة عمل المجلس وفي طبيعة الدور والمهام والنشاط الذي سيقوم به، وخلاله، حدد مهام المجلس ودوره بقوله إن "جماهير الشعب في كل موقع تشارك في صنع الحياة على تراب هذه الأرض الطيبة، وفي بناء مستقبل باهر ومشرق وزاهر لنا وللأجيال الصاعدة من أبنائنا وأحفادنا".
وحرص المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان على تضمين الدستور عددا من المواد المتعلقة بالمجلس الوطني الاتحادي، والتي تعبر بشكل دقيق عن نهج الشورى في الإمارات وفي فكر المغفور له الشيخ زايد، الذي كان يطالب دائما بإتاحة الفرصة أمام كل عضو من أعضاء المجلس ليقول رأيه بصراحة تامة ويعبر عن مطالب واحتياجات المواطنين بأمانة مطلقة.
برنامج التمكين
وجاء إطلاق الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات برنامج "التمكين" عام 2005 في خطابه بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين للاتحاد، ليكون نقلة نوعية في مسيرة المجلس الوطني الاتحادي، حيث استهدف تفعيل دور المجلس وتمكينه ليكون سلطة مساندة ومرشدة وداعمة للمؤسسة التنفيذية ويكون مجلسا أكثر قدرة وفاعلية والتصاقا بقضايا الوطن وهموم المواطنين تترسخ من خلاله قيم المشاركة ونهج الشورى من خلال مسار متدرج منتظم.
وفي إطار تفعيل برنامج التمكين شهدت الدولة 4 دورات انتخابية أولها في ديسمبر/كانون الأول عام 2006، حيث تم انتخاب نصف الأعضاء وتعيين النصف الآخر من ممثلي كل إمارة عن طريق الحاكم وتم تشكيل اللجنة الوطنية للانتخابات لتولي الإشراف برئاسة وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي.
وفي خطاب افتتاح دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الرابع عشر بتاريخ 12 فبراير/شباط 2007، بعد أول دورة انتحابية، قال الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان: "نفتتح اليوم الانعقاد العادي الأول للفصل التشريعي الرابع عشر لمجلسكم الموقر، في انطلاقته الجديدة، بعد أن خاضت بلادنا أول تجربة انتخابية في تاريخ المجلس الوطني الاتحادي، وهو الآن أكبر تمثيلاً، وأعظم قدرةً، صيانةً للمكتسبات، وتعزيزاً للمسيرة الاتحادية المباركة التي أرسى دعائمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان".
وشهد عام 2009 خطوة مهمة في برنامج التمكين، إذ صدر تعديل دستوري ينص على تمديد مدة عضوية المجلس الوطني الاتحادي لأربع سنوات بدلا من اثنتين وتمديد أدوار الانعقاد لسبعة أشهر.
وفي التجربة الانتخابية الثانية عام 2011 تم توسيع نطاق المشاركة السياسية للمواطنين، حيث أصبح الحد الأدنى لعدد أعضاء الهيئات الانتخابية لا يقل عن 300 ضعف عدد ممثلي كل إمارة في المجلس الوطني الاتحادي، حيث بلغ عدد أعضاء الهيئات الانتخابية 135308 أعضاء؛ ما أتاح الفرصة لشريحة كبيرة من المواطنين لاختيار ممثليهم في المجلس.
وفي عام 2015 شهدت التجربة الانتخابية الثالثة زيادة أعداد الهيئات الانتخابية ضمن خطوة جديدة من التدرج للتمكين السياسي، حيث أصبحت الفئة العمرية "أقل من 40 عاما" النسبة الأكثر تمثيلا من بين أعضاء الهيئات الانتخابية على مستوى الدولة بنسبة "67%".
إنجازات تاريخية
وشهد الفصل التشريعي الـ 16 مرحلة هامة في تطوير أداء المجلس باستشراف المستقبل وتبني وإطلاق أول استراتيجية برلمانية للأعوام 2016-2021، التي تعد الأولى من نوعها في تاريخ الحياة البرلمانية في الدولة والمنطقة، ونموذجاً للعمل البرلماني المتوازن الحكيم الذي يقدم كل ما هو أفضل لإسعاد شعب الإمارات ودعم توجهات القيادة الحكيمة في تحقيق مصلحة الوطن والمواطن وتعزيز مكانة الدولة وريادتها العالمية.
كما حققت دولة الإمارات في هذا الفصل سبقا عربيا وإقليميا بانتخاب الدكتورة أمل القبيسي كأول امرأة لرئاسة المجلس الوطني الاتحادي، ليتأكد مضي برنامج التمكين وفق خطى مدروسة بعناية محققا إنجازات كبيرة للحياة البرلمانية والسياسية في دولة الإمارات.
وشهدت الدورة الانتخابية الرابعة 2019 مرحلة مهمة وتاريخية في مسيرة التمكين، وذلك بتطبيق قرار الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان برفع نسبة تمثيل المرأة في المجلس الوطني الاتحادي إلى 50% بحيث ضم المجلس وللمرة الأولى في تاريخه نصف الأعضاء من النساء، ليتحقق بذلك التمكين الكامل للمرأة الإماراتية، وتتعزز مكانة دولة الإمارات في مقدمة الدول من حيث تمثيل المرأة برلمانياً.
وتم خلال الدورة نفسها زيادة قوائم الهيئات الانتخابية بنسبة 50.58% مقارنة مع قوائم عام 2015 لتصل إلى نحو 337738 مواطنا ومواطنة، بهدف تعزيز مشاركة المواطنين في عملية صنع القرار، وتطوير مسيرة المشاركة والعمل البرلماني في دولة الإمارات.
ويواصل المجلس دوره الوطني في المساهمة في مسيرة النهضة الشاملة وتعزيز نهج الشورى وتعزيز مشاركة المواطنين في عملية صنع القرار، وتكريس قيم الولاء والانتماء والتلاحم الوطني.