خبراء: تحرير سرت الليبية ضربة موجعة للأتراك
العقيد محمد فرج عثمان يقول إن موقع المدينة بالقرب من منطقة الهلال النفطي يجعل منها موقعا استراتيجيا حساسا
في مدة استغرقت 3 ساعات، أعلن الجيش الوطني الليبي، الإثنين، سيطرته علي مدينة سرت الاستراتيجية بالكامل، وإجهاض مخطط مليشيات أردوغان حال دخول المدينة واستغلال مواردها ضد قوات الجيش.
عملية تطهير سرت -التي يبدو أنه تم الإعداد لها منذ يونيو/حزيران الماضي، حيث تم تكليف القوات الخاصة الليبية بالسيطرة على منطقة الهلال النفطي القريبة من سرت وتأمينها- انطلقت تقريبا منذ عصر الإثنين، واستمرت نحو 3 ساعات وفق ما أعلنه المتحدث باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري.
ولاقت عملية تحرير المدينة، التي تقع علي الساحل الليبي مناصفة بين كبري مدن الشرق (بنغازي) والغرب (طرابلس)، ترحيبا كبيرا بين الليبيين لتطهيرها من المليشيات التابعة لما يعرف بحكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج.
وحسب خبراء ومحللين فإن تحرير المدينة ضربة موجعة لقوات أردوغان، حيث جاء في توقيت يتوعد فيه الرئيس التركي بإرسال جنوده لليبيا بعد مذكرتين وقعهما مع السراج ورفضهما البرلمان الليبي.
سرت.. قلب ليبيا النابض
وفي هذا الصدد، قال العقيد محمد فرج عثمان، المتحدث باسم المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة التابعة للجيش الليبي، إن مدينة سرت هي قلب ليبيا النابض لموقعها وسط البلاد.
وأضاف عثمان، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن موقع المدينة بالقرب من منطقة الهلال النفطي يجعل منها موقعا استراتيجيا حساسا.
وتابع أن المدينة كان بها العديد من المليشيات التي ذهبت للقتال ضد الجيش الليبي في طرابلس ومصراتة، مشيرا إلى أن الجيش "مهمته الرئيسية استعادة وطن منهوب من قبل تلك المليشيات التي خلقت الفوضى في البلاد".
وأرجع عثمان سبب سرعة سيطرة الجيش على المدينة إلى دعم الأهالي، الذين رحبوا بدخول الجيش الوطني الليبي.
قطع الطريق على أردوغان
من جانبه، يقول جمال شلوف، الباحث السياسي الليبي مدير مركز السليفيوم للدراسات، إن مدينة سرت تتمتع بأهمية استرتيجية كبيرة، لكونها "واسطة العقد في ليبيا".
وتابع شلوف، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، أن "سرت" و"أجدابيا" هما المدينتان الأقرب للهلال النفطي من ناحية، كما أن سرت هي المدينة الساحلية الأعمق في الداخل الليبي، حيث خليج السدرة الذي يعتبر العمق البحري المهم والاسترتيجي الذي يضم بنغازي شرقا ومصراتة غربا.
وحول سيطرة الجيش الوطني على سرت في هذا التوقيت، يقول شلوف "تحرير المدينة كان ضرورة مهمة لقوات الجيش الليبي، وعلى مر الأشهر الماضية كانت تتجمع قوات تتبع الإرهابي إبراهيم الجضران ومليشيات حكومة الوفاق تمهيدا للقيام بعمليات تخريبية في الموانئ والحقول النفطية، ما استوجب السيطرة عليها وتأمينها".
وكان الإرهابي والمطلوب دوليا إبراهيم الجضران قام بعدة عمليات تخريبية ضد منطقة الهلال النفطي الاستراتيجي، آخرها في يونيو/حزيران ٢٠١٨.
وأشار شلوف إلى أن قاعدة القرضابية الجوية بسرت تواترت المعلومات عن اهتمام تركي بها لجعلها قاعدة لطيرانه المسير، وهو الأمر الذي يجعل بنغازي والحقول النفطية في مرمى نيرانه.
ولفت إلى أن "تحرير سرت هو بداية القوس الذي سيكبل ميلشيات مصراتة عسكريا، ويمنعها من تقديم أي إمداد للمليشيات في طرابلس".
يشار إلى أن الجيش الليبي أطلق في ١٢ ديسمبر/كانون الأول الماضي عملية الدخول لقلب العاصمة بعد شهور من عمليات على ضواحي طرابلس.
وشدد شلوف على أن "عملية تحرير سرت تمت بكفاءة وسرعة وانضباط وخلت من الخسائر، كما تم التعامل مع مسلحي المليشيات بأخلاق القوات المسلحة، فلا قتل ولا انتقام ولا تعذيب ولا تشفي ما عزز احترافية قوات الجيش، ودعم الثقة به وبقدرته على تأمين كل التراب الليبي بكفاءة وبأقل الخسائر الممكنة".
انتحار للأتراك وتطويق للمليشيات
كما اتفق رئيس لجنة الشؤن العربية والأفريقية باتحاد القبائل الليبية عز العرب الجهمي مع "جمال شلوف "حول ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺳـﺮﺕ ﺑﻌﺪ اﻧﺘﻬﺎﺀ ﺳﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟـﺠـﻴـﺶ ﻋﻠﻴﻬﺎ.
وتتمثل تلك المكاسب، وفقا لعز العرب الجهمي، في "ﺗﻀﻴﻴﻖ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺠﻮﻱ ﻭﺍﻟﺒﺤﺮﻱ، ﻷﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺟﻐﺮﺍﻓﻴﺎً ﺃﻣﺎﻡ ﺃﻱ ﺗﺤﺮﻙ ﺗﺮﻛﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻛﺎلاﻧﺘﺤﺎﺭ".
وتابع الجهمي، لـ"العين الإخبارية"، أن مدينة ﺳﺮﺕ هي ﺍﻟﺒﻮﺍﺑﺔ الخلفية لمدينة مصراتة، حيث مركز تجمع تنظيم الإخوان الإرهابي ومأوى المليشيات المسلحة في البلاد.
ولفت الجهمي إلى أن سيطرة الجيش على سرت سيمثل "رعبا نفسيا لمليشيات مصراتة"، مشددا على أن ذلك يعني أيضاً أن ﺧﻂ إﻣﺪﺍﺩﺍﺕ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺻﺎﺭ أﻗﺮﺏ ﺑﺮﻳﺎ ﻭﺟﻮﻳﺎ، فضلا عن أن بها ﻣﻴﻨﺎﺀ سرت البحري والاستراتيجي وﻗﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻘﺮﺿﺎﺑﻴﺔ ﺍﻟﺠﻮﻳﺔ.
وشدد الجهمي على أن الجيش الليبي بتحرير مدينة سرت أجهض خطط مليشيات أردوغان لاستغلال الميناء والقاعدة الحربية بها أو محاولة قطع إمدادات الجيش من جهة الشرق الليبي.