«إعتام المحيطات».. كارثة بيئية بحجم أكبر قارات العالم

كشفت دراسة حديثة عن نتائج مثيرة للقلق بشأن المحيطات؛ إذا يتزايد معدل الإعتام فيها على نحو يهدد بشكل خطير الكائنات البحرية التي تعيش في مساحة تعادل قارة آسيا بالكامل.
فكما هو معروف، تزداد المحيطات عتمة كلما اتجهنا للأسفل، لذلك هناك 80% من حجم المحيطات غير مكتشفة بعد، بينما تعيش أغلب الكائنات الحية البحرية المعروفة بالقرب من السطح؛ حيث تتلقى الضوء الذي يساعدها على الحياة.
لكن يبدو أنّ المناطق التي يصل إليها الضوء في الحالات الطبيعية تزداد عتمة؛ فيما يُعرف بـ"إعتام المحيطات"، وهي تعني حدوث تغيرات في الخواص البصرية للمحيطات، بحيث تُقلل من العُمق الذي يصل إليه الضوء، ما يؤثر على حياة الكائنات البحرية التي تعيش 90% منها في مناطق الضوء بالمحيطات.
وتلك المناطق تعتمد على ضوء الشمس والقمر في تحفيز التفاعلات البيئية اللازمة للحياة.
وقد كشفت دراسة حديثة أجراها باحثان من بريطانيا عن حدوث تغيرات في عمق المناطق الضوئية في المحيطات، وأنّ هناك أكثر من خُمس المحيطات العام عرضة لإعتام المحيطات، وهي مساحة تزيد عن 75 مليون كيلومتر مربع؛ أي أكبر من مساحة قارة آسيا. ونشروا دراستهم في دورية "جلوبال تشانج بيولوجي" (Global Change Biology) في 27 مايو/أيار 2025.
تتبع الضوء
أراد مؤلفا الدراسة تقييم التغيرات في المناطق الضوئية للمحيطات؛ فاستعانوا ببيانات من شبكة ألوان المحيطات (Ocean Color)، وهي مشروع بحثي تابع لـ"الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء" (NASA) -المعروفة بوكالة ناسا- وقد استطاع الباحثون من خلال تلك البيانات المستمدة من الأقمار الصناعية قياس الضوء في مياه المحيطات لتحديد عُمق المنطقة الضوئية، وتحليل التغيرات السنوية في عمق تلك المناطق. من جانب آخر، استخدم الباحثون أيضًا نماذج الإشعاع الشمسي والقمري لدراسة ما إذا كانت الكائنات البحرية تتأثر بتغيرات معينة خلال ظروف النهار والقمر.
قلق
توّصل الباحثون إلى أنه بين عامي 2003 و2022، أصبح 21% من محيطات العالم -أي ما يُقدر بـنحو 75 مليون كيلومتر مربع- أكثر عتمة. كما لاحظوا أن أكثر من 9% من المحيطات -وهي مساحة تزيد عن 32 مليون كيلومتر مربع- قد شهدت انخفاضًا بأكثر من 50 مترًا في أعماق المناطق الضوئية، بينما شهدت مساحة 2.6% من المحيطات انخفاضًا قدره 100 متر في أعماق المناطق الضوئية.
يقول الباحثون إنّ تلك التغيرات من شأنها أن تؤثر على أعداد هائلة من الأنواع البحرية وعلى خدمات النظام البيئي بأكمله.
ويرجحون أنّ ذلك ربما نتيجة للتغيرات في مجتمعات العوالق، لكن بأي حال من الأحوال تتأثر المساحة المتاحة للكائنات البحرية التي تعتمد على ضوء الشمس والقمر للبقاء والتكاثر.
وشددوا على أنّ تلك المناطق الضوئية في المحيطات مهمة لدرجة أنها تساعدنا في مكافحة التغيرات المناخية وفي الهواء الذي نتنفسه، وتعتمد عليها رفاهية الكوكب.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjAxIA== جزيرة ام اند امز