من المخبز إلى المختبر.. الخميرة تكشف أسرار التكيف مع تغير المناخ

عادة ما يقفز الخبز والمعجنات وبعض الأطعمة اللذيذة إلى أذهاننا عندما تذكر الخميرة، ولا يدري الكثيرون أن الخمائر هي في الأصل كائنات حية دقيقة موجودة على سطح الأرض منذ مئات الملايين من السنين، وتندرج تحت تصنيف الفطريات بسبب خصائصها.
لكن تلك الخمائر الوحيدة الخلية تدخل في أشكال مختلفة من الصناعة، وفي الأدوية، وأيضا في إنتاج الإيثانول الحيوي، إضافة إلى أهميتها البحثية التي تجعلها محل اهتمام دائم من قبل الباحثين، لاستكشاف المزيد من قدراتها وكيفية توظيفها لخدمة البشرية.
وفي هذا الصدد، أجرى باحثان من جامعة ستوكهولم في السويد دراسة لمعرفة كيف تتكيف الكائنات الحية مع التغيرات المناخية، مستعينين بالخمائر التي استطاعوا من خلالها التعمق في التفاعل المعقد بين التنوع الجيني وتطور تحمل درجات الحرارة. ونشر الباحثون دراستهم في دورية Proceedings of the National Academy of Sciences في 20 مايو/أيار 2025.
القدرة التطورية
يشير مصطلح "القدرة التطورية" إلى قدرة الكائنات الحية على التطور وتعزيز التنوع الجيني وتنظيم عملية توليد الطفرات المفيدة عبر الانتقاء الطبيعي، ما يساعدها في التكيف مع التغيرات البيئية من حولها.
أراد مؤلفا الدراسة قياس القدرة التطورية للكائنات الحية على التكيف مع الاحترار العالمي مستقبلا، بناء على التوقعات المنتظرة مع ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية عامًا بعد عام.
استخدما لذلك نموذجا ميكرويًا لنمو الخميرة (Saccharomyces spp.)، واستعانا بثمانية أنواع من خميرة الخبز وأقاربها المتنوعة جينيا وبيئيا من جميع أنحاء العالم. ثم أجريا محاكاة للاحتباس الحراري لأكثر من 600 جيل من الخميرة، واستخدما ظروفا بدرجات حرارة متزايدة تدريجيًا من 25 إلى 40 درجة مئوية.
التكيف
أشارت النتائج إلى أن الأنواع المختلفة من الخمائر تستخدم استراتيجيات تكيفية متنوعة للتعامل مع الحرارة. على سبيل المثال، الأنواع التي تتحمّل الحرارة بالفعل لم تحسن أداءها، لكنها وسعت نطاق درجات حرارتها.
أما الأنواع المتكيفة مع البيئات الباردة، فقد استطاعت تحمّل درجات حرارة أعلى لكنها فقدت لياقتها البدنية.
ويعني ذلك أن الاستجابة للارتفاع في درجات الحرارة تختلف بين الأجيال اعتمادا على التاريخ التطوري لها. فلا توجد طريقة واحدة للتكيّف مع التغيرات المناخية، وتلعب الجينات وتطورها دورا حاسما في تحديد هذه الاستجابة.
وهذا لا ينطبق فقط على الخمائر، بل يمتد أيضا إلى الكائنات الحية الأخرى، مثل البكتيريا ومسببات الأمراض، التي تتمتع بقدرة فائقة على التكيف مع البيئات القاسية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjQg جزيرة ام اند امز