عودة الفلسطينيين كي يكونوا واقعيين لا تعني تنازلهم عن حقوقهم المشروعة والاستسلام.
المقصد هو القول بأن الواقع يفرض أموراً لا يمكن تجاوزها بالتمنيات أو بالقرارات المتعجلة، من ذلك على سبيل المثال أنه لا تكافؤ بين قوة إسرائيل وقوة المقاومة، ويكفي ملاحظة أن الصاروخ الإسرائيلي الواحد يقتل العديد من الفلسطينيين في غزة بينما صواريخ المقاومة لا تقتل إلا خطأ ولا تجرح إلا قليلاً وقوتها التدميرية محدودة. وبسبب غياب التكافؤ فإن الصاروخ الذي يسقط في تل أبيب أو أي مدينة إسرائيلية يرد عليه بالكثير من الصواريخ والقذائف المدمرة للبيوت والأبراج السكنية وسيارات القياديين وهي تتحرك في شوارع غزة.
كلنا نحب فلسطين ولا يوجد عربي أو مسلم يقبل التفريط في القدس والأقصى، لكن الأمور لا يمكن أن تدار بالطريقة التي تدير بها حماس والجهاد الإسلامي وغيرهما من الفصائل الفلسطينية حالياً لأن نتيجتها لا يمكن أن تكون في صالح القضية الفلسطينية ولا يمكن أن تحقق أي مكسب للقدس والمسجد الأقصى وإن أفرحت.
أما الذين هم خارج فلسطين و«يلعلعون» ليل نهار ويطالبون الفلسطينيين في الداخل بالصمود ويرفضون حتى الهدنة رغم غياب التكافؤ فإنهم يفعلون ذلك لأنهم يبيتون وأبناؤهم في أحضانهم وليسوا حيث يتواجد أبناء الفلسطينيين ويواجهون الموت.
لا مفر من تجاوز مرحلة الشعارات والكلام المنمق الذي لا ينتج إلا الأذى ولا يوصل إلى ما يريد الفلسطينيون والعرب والمسلمون الوصول إليه، وإذا كان كلام بعض غير الفلسطينيين والفلسطينيين الذين يقيمون في الخارج من فضة فسكوتهم من ذهب ويسهم في التوصل إلى مخرج يوفر للفلسطينيين في الداخل فرصة العيش كما ينبغي لهم أن يعيشوا وكما يعيش الآخرون.
الاستمرار في النظر إلى الواقع بغير واقعية يعني الاستمرار في المواجهة بين قوتين غير متكافئتين، وليس في الكلام الذي ينثره ما يسمى «محور المقاومة» هذه الأيام بسخاء ما يجعل القوتين تتكافآن ويؤدي إلى تحرير فلسطين والقدس والمسجد الأقصى.
نقلا عن الوطن البحرينية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة