أولمبياد باريس والاستدامة.. الرياضة تكافح للتكيف مع تغير المناخ
كما هو الحال في بقية العالم، تمر أوروبا بموجة حارة، وفي ظل توثيق رقم قياسي لأكثر الأيام حرارة في التاريخ خلال يوليو/تموز الجاري، تنطلق فعاليات أولمبياد باريس 2024 وسط محاولات للمساهمة في دعم المناخ.
ومع ارتفاع درجات الحرارة العالمية كان على الأحداث الرياضية الكبرى مثل الألعاب الأولمبية وكأس العالم لكرة القدم أن تتكيف مع الحرارة المرتفعة والعواصف الشديدة للحفاظ على سلامة الرياضيين والمشجعين والسماح بمواصلة المسابقات.
ويسلط موقع "يو إس نيوز" الضوء على الخطوات التي قام بها منظمو الألعاب الأولمبية للتكيف مع الطقس الحار هذا الصيف، من خلال نقل الأحداث مثل سباقات الماراثون إلى فترات الصباح الباكر على سبيل المثال.
كيف دعمت أولمبياد باريس الاستدامة؟
من الممكن لأي حدث كبير مثل الألعاب الأولمبية أن ينتج انبعاثات كربونية هائلة من خلال أعمال البناء اللازمة واحتياجات النقل واستخدام الطاقة.
وهذا التأثير والمخاطر التي تفرض على الرياضة والرياضيين السبب وراء كون الاستدامة إحدى ركائز الميثاق الأولمبي منذ عام 1996، فضلا عن كونها محورا أساسيا لتخطيطها للمستقبل.
وفي عام 2012 كانت دورة الألعاب الأولمبية في لندن رائدة في وضع معيار دولي جديد لإصدار الشهادات، الذي يوفر مبادئ توجيهية لأي حدث كبير لاتخاذ خيارات أكثر استدامة، من البناء إلى تقديم الطعام.
وقد تم اعتماد ألعاب باريس 2024، المقررة في الفترة من 26 يوليو/تموز إلى 11 أغسطس/آب، والألعاب الأولمبية لمتحدي الإعاقة، المقرر عقدها في الفترة من 28 أغسطس/تموز إلى 8 سبتمبر/أيلول، وفقا لأحدث معايير الاستدامة، ويتخذ المنظمون العديد من الخطوات لتقليل تأثيرها على المناخ.
على سبيل المثال، يخطط المنظمون لتشغيل عمليات الحدث باستخدام الطاقة المتجددة بنسبة 100% من طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
مع استخدامهم منشآت حالية لاحتضان المنافسات عندما يكون ذلك ممكنا دون الحاجة لتشييد منشآت جديدة، وفي حالة اللجوء لذلك تم بناء أماكن جديدة باستخدام الخرسانة منخفضة الكربون والمواد المعاد تدويرها، وجلبوا آلاف المقاعد المصنوعة من البلاستيك المعاد تدويره.
وتتيح اللجنة المنظمة للألعاب الأولمبية في باريس إمكانية الوصول إلى جميع أماكن المنافسة بواسطة وسائل النقل العام، مما يسمح بعدد أقل من المركبات في الشوارع.
وحتى الطعام مستهدف لخفض الانبعاثات بنسبة 50%، عن طريق زيادة استخدام الأطعمة النباتية.
ستستخدم الألعاب البارالمبية نفس الأماكن والمساكن في الأسابيع التالية.
هذا لا يعني أن دورة الألعاب الأولمبية لعام 2024 لن يكون لها بصمة كربونية كبيرة، خاصة مع وصول العديد من المتفرجين والرياضيين بالطائرة.
لكن المنظمين يهدفون إلى أن تكون انبعاثات البناء والتشغيل تقل عن نصف تلك الصادرة عن ألعاب لندن وريو في عامي 2012 و2016 على التوالي.
كيف يؤثر ارتفاع درجات الحرارة على الألعاب الأولمبية؟
ولدى صناعة الرياضة العديد من الأسباب الوجيهة للاهتمام بالاستدامة، فتغير المناخ يمكن أن يعرض صحة الرياضيين والمشجعين للخطر، بل يضع مستقبل بعض الألعاب الرياضية موضع شك، وفق "يو إس نيوز".
على سبيل المثال، تواجه الرياضات الشتوية أكبر التهديدات الناجمة عن تغير المناخ مع ارتفاع درجات الحرارة وتغير معدلات هطول الأمطار، مما يؤدي إلى تقصير مواسم الرياضات الشتوية بشكل كبير في العديد من المناطق.
وفي عام 2022 كان على دورة الألعاب الشتوية في بكين أن تصنع ثلجا صناعيا حتى تتمكن من إقامة مسارات تزلج للمتنافسين.
كما أجلت اللجنة الأولمبية الدولية قرارها باختيار المدن المضيفة للألعاب الشتوية لعام 2030 وما بعده بسبب عدم اليقين بشأن إمكانية إقامة الرياضات الشتوية في المستقبل من عدمها.
وفي فصل الصيف، يؤدي الاحتباس الحراري إلى زيادة الحرارة الشديدة والعواصف التي يمكن أن تؤثر على جودة المنافسة وإمكانية حضور المشجعين.
وقد استجابت الاتحادات والبطولات الرياضية الكبرى، فضلا عن الألعاب الأولمبية، للمخاطر من خلال تعديل توقيتات المنافسات إلى أوقات أكثر برودة من اليوم أو العام، وإتاحة استراحات المياه وإتاحة المزيد من تبديلات اللاعبين.
وكان منظمو دورة الألعاب الصيفية في طوكيو، التي أقيمت وسط موجة حر شديدة في عام 2021، قد نقلوا الماراثون بشكل استباقي إلى سابورو، على بعد أكثر من 500 ميل شمال طوكيو، حتى يتمكن الرياضيون من الجري في طقس أكثر برودة.
كما قاموا بتأخير المنافسات خلال الألعاب لتجنب الحرارة الشديدة والأمطار الغزيرة، وهو ما يتوقع أن يتم بنفس النهج خلال منافسات ألعاب باريس الأولمبية هذا العام.