الجفاف والفيضانات أكثر تطرفًا بفعل التغير المناخي.. ماذا حدث في الهند؟
حذر تقرير نشرته مجلة الإيكونوميست من أن ظاهرة الاحتباس الحراري تجعل الرياح الموسمية أكثر تقلبا.
ومع ارتفاع درجات الحرارة أكثر يمكن أن تصبح الرياح الموسمية المتطرفة أكثر ضررا.
واستشهد التقرير بواقعة هطول أمطار موسمية في مدينة دلهي الهندية، حيث إنه مع الساعات الأولى من يوم 28 يونيو/حزيران كانت أجزاء كاملة من الشوارع قد اختفت بفعل المياه، وبحلول نهاية اليوم بلغ معدل هطول الأمطار 23 سنتيمترا على العاصمة الهندية، أي 3 أضعاف ما تهطل عليه عادة طول شهر يونيو/حزيران بأكمله، مما يجعله أكثر 24 ساعة ممطرة منذ عام 1966، وانهار سقف الفناء الأمامي لمحطة المطار التي تم تجديدها مؤخرا، وقتل سائق سيارة أجرة، ولقي عشرة أشخاص آخرون حتفهم في "حوادث مرتبطة بالأمطار".
ومنذ منتصف القرن العشرين ارتفع عدد "أيام الأمطار الغزيرة" (التي تم تعريفها بأكثر من 150 ملم من الأمطار خلال 24 ساعة) في الهند.
في العام المثالي تجلب الرياح الموسمية إلى الهند أمطارا غزيرة (ولكنها معتدلة)، وذلك بين يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول، مما يؤدي إلى ري المحاصيل وتجديد المياه الجوفية أثناء تحركها بشكل مطرد شمالا من الطرف الجنوبي للبلاد.
وتتأثر الرياح الموسمية بمجموعة كبيرة من العوامل، وكانت دائما نظاما مناخيا يصعب التنبؤ به، وغالبا ما يظهر في نوبات وتتبع فترات الجفاف الطويلة فيضانات مفاجئة، التي قد تجد الأرض الجافة أو مياه الصرف الصحي في المدينة صعوبة في استيعابها، ولكن مع ارتفاع حرارة المناخ يبدو أن هذه الاختلافات أصبحت أكثر وضوحا.
ووفقا للعلماء، فإن الجو الأكثر دفئا يمكنه أن يحمل المزيد من الرطوبة، كما أن المحيطات الأكثر دفئا تعني تبخر المزيد من الماء فيها، ومن المتوقع أن تنتظر شبه القارة الهندية هطول أمطار أكثر بنسبة 5.3% خلال الرياح الموسمية مقابل كل درجة مئوية إضافية من ارتفاع درجة الحرارة العالمية، وفقا لدراسة نشرت في عام 2021، ومن المرجح أن يتم التخلص من هذه الأمطار الإضافية دفعة واحدة بدلا من انتشارها بالتساوي.
دمار زراعي
ونقل تقرير الإيكونوميست عن روكسي ماثيو كول، عالم المناخ في المعهد الهندي للأرصاد الجوية الاستوائية في بيون، مدينة في ولاية ماهاراشترا، أنه "كثيرا ما تحدث حالات جفاف وفيضانات في المكان نفسه وفي الموسم نفسه الآن". كما أن الأماكن التي تميل إلى الحصول على أكبر وأقل كمية من المطر تتغير أيضا، فقد أصبحت بعض المناطق الزراعية في شمال وسط الهند أكثر جفافا، حتى مع تزايد جفاف أجزاء أخرى من البلاد.
وعدم القدرة على التنبؤ هو بالفعل ما يفزع بالنسبة للمزارع في الهند، التي لا تستطيع 60% منها الوصول إلى المياه إلا من السماء، وتؤثر اتجاهات الرياح الموسمية على الوقت الذي يختار فيه المزارعون زرع محاصيلهم وحصادها.
هذا العام، على سبيل المثال، أدت بداية الرياح الموسمية الضعيفة إلى تأخير موسم الزراعة في بعض الأماكن، ولم يتوقع أحد حجم الطوفان في دلهي، أو هطول الأمطار الغزيرة في الآونة الأخيرة في مومباي.
ويأمل يوغيش باتيل من شركة Sky met للتنبؤ في مومباي أن تساعد البيانات بشكل أفضل في التنبؤ المناخي، وتستمد شركته المعلومات من 5500 جهاز استشعار في جميع أنحاء البلاد، وتحتفظ الحكومة بـ1500 آخرين.
وتدعم وزارة الزراعة الآن خطة لتوفير الأراضي للشركات، لإنشاء عشرات الآلاف من أجهزة الاستشعار الأخرى، على سبيل المثال يمكن لولاية أوتار براديش الشمالية أن تستضيف نحو 50 ألف جهاز استشعار للأمطار.
وقد تحذو ولايات أخرى حذوها، ويعتقد باتيل أنه "بمجرد جمع البيانات لمدة 3 سنوات أو نحو ذلك ينبغي لنماذجنا المحلية أن تتحسن كثيرا"، ويأمل أيضا في تحسين التعاون بين مختلف الأجهزة البيروقراطية الحكومية، مثل وزارة الزراعة وسلطات إدارة الكوارث.
ومع ذلك فإن التنبؤ لا يمكنه أن يفعل الكثير، وسيكون التكيف ضرورياً أيضاً إذا أرادت بلدان جنوب آسيا أن تحد من الوفيات والدمار الذي تسببه الأمطار كل عام، وتحتاج المزارع إلى أنظمة ري أفضل، سواء لسقي المحاصيل العطشى أو لمواجهة العواصف القاسية.
ومن شأن بناء المزيد من الخزانات، أو إعادة تنشيط الخزانات القديمة، أن يساعد في تخزين المياه من الأمطار الغزيرة، بدلًا من إهدارها، كما تحتاج المدن والقرى إلى صرف أفضل أيضا.
وفي السنوات الأخيرة، بدأت المدن الهندية في وضع "خطط عمل خاصة بارتفاع درجات الحرارة"، مصممة لمساعدة سكانها على التغلب على موجات الحر المتكررة، لكن كول يعتقد أنه لا يوجد قدر كبير من التفكير في التعامل مع الفيضانات، وسيكون من السيئ الانتظار حتى الرياح الموسمية المقبلة.
aXA6IDMuMTMzLjE1Ny4yMzEg جزيرة ام اند امز