بين الملح والإنسان، علاقة تتعدى الطعام والشراب، لتصل إلى الوفاء والتسامح، وأبهى أشكال المحبة.
يستحضر ذِكره المتخاصمون، يسبقونه بالخبز، يذكّرون بعضهم، بما فات من ودٍّ، فتذوب الخلافات، وتتلاشى ما خلّفته الأيام من شوائب.
"حق الملح" في تونس.. عادة رمضانية لتكريم النساء
إن كان للياسمين حقوقٌ، أنبأنا عنها نزار قباني في قصيدته الدمشقية، فللملح حقٌ واحدٌ، حافظ عليه التونسيون مع اختلاف أثمانه.. فما هو حق الملح، ومتى يحين تقديمه؟
حقّ الملح، عادة تونسية، اقترنت بعيد الفطر السعيد، تتمثّل في تكريم ربات البيوت، على ما بذلنه من جهد خلال الشهر الفضيل.
سُمي الطقس بحق الملح، في إشارة إلى اضطرار الزوجة وهي صائمة، إلى تذوق درجة ملوحة الطعام على طرف لسانها دون بلعه، حرصاً منها على أن تكون ملوحة الطعام ضمن شكلها المطلوب.
لعادة حق الملح طقوس خاصة.. تستقبل الزوجة زوجها العائد من صلاة العيد..
ترتّب الزوجة البيت على أفضل وجه، تبخّره بأزكى العطور، ترتدي أجمل الثياب، تقدم لزوجها فنجان قهوة، بجانب حلويات العيد.
يشرب الزوج قهوته، لكنه لا يعيد الفنجان فارغاً، يضع فيه قطعة حليّ من الذهب أو الفضة، بحسب قدرته المادية، تقديراً لجهد زوجته في إسعاده، وتفانيها في خدمته.
وإذا ما قام بفعل كهذا، فإن فرحاً غامراً سيأتي على الزوجة السعيدة دون شك، لكنه سيفتح الأبواب على أقرانه بفعل المثيل، أو ما يشابهه على أقل تقدير.
يحمل العيد لطائف الفرح والسرور على الناس ويعبرون بعاداتهم وطقوسهم عن الألفة الاجتماعية والتواصل الإنساني.