"الدستورية" بتونس تفاقم الصراع بين الرئيس والإخوان
معركة كسر عظام جديدة، تقودها حركة النهضة الإخوانية ضد الرئيس قيس سعيد بشأن تعديل قانون المحكمة الدستورية في تونس.
تلك المعركة تفاقمت، مساء اليوم الثلاثاء، بقرار الأغلبية البرلمانية في تونس والمكونة من حركة النهضة وداعميها من أحزاب "قلب تونس وائتلاف الكرامة" بالبرلمان، حين صوتت بالموافقة على قانون أساسي يعدل قانون المحكمة الدستورية الأساسي لسنة 2015.
القانون الأساسي الذي اقترحته حركة النهضة تم المصادقة عليه بـ135 صوتا لاختيار أعضاء المحكمة الدستورية، المؤسسة القانونية الأعلى في تونس، والتي عطل الإخوان وحلفاؤهم تأسيسها على مدار عدة سنوات.
الرئيس التونسي قيس سعيد كان ردّ على البرلمان ورئيسه الإخواني راشد الغنوشي، بطلب التعديل، وذكّر في رسالته نواب النهضة وحلفاءهم بعدم دستورية مسار تشكيل المحكمة الذي انتهجته الحركة الإخوانية ذات الأغلبية البرلمانية.
وفي خطوة تؤذن بانفجار الوضع السياسي في تونس، تجاهل نواب الإخوان بالبرلمان، ملاحظات الرئيس قيس سعيد وكونه الضامن للدستور التونسي ولاحترامه، وصادقوا على التعديل الذي رفضه كما يخوّله له الدستور.
نواب المعارضة وكتلها ومستقلوها كما بعض نواب النهضة نددوا بالمصادقة على هذا التعديل، واعتبروا جلسة اليوم الثلاثاء بأنها"ممنهجة لضرب رئيس الجمهورية واستقرار البلاد".
النائب المعارض المستقل منجي الرحوي، ردد في وجه نواب النهضة عبارات "يا فُساد" كصرخة احتجاج في وجه الإخوان.
الرحوي قال إن "تكتل حكومة هشام المشيشي سبب أزمة تونس والتونسيين، وهو الكارثة التي حلت على البلاد، ولا سلم له إلا بمحاسبة نوابه من الإخوان وأعوانهم".
وخلال الجلسة دارت مشادات كلامية حادة استعمل فيها نواب ائتلاف الكرامة (الشق الراديكالي) من مساندي النهضة، عبارات بذيئة ضد زملائهم من نواب المعارضة وضد شخص الرئيس قيس سعيد.
من جانبها عبرت النائبة زعيمة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، عن اشمئزازها من سيطرة الإخوان على الأغلبية البرلمانية وتسييرها للجلسة ومحتواها، وسجلت ضد زملائها النواب أنهم شهداء زور في ملف المحكمة الدستورية غير الدستوري.
وأضافت أن "حركة النهضة وعن قصد تعمدت وضع اليد على المحكمة العليا ومن سيتم اختيارهم لعضويتها"، مشيرةً إلى أن الحركة الإخوانية "تعمدت طيلة سنوات تأجيل انتخاب أعضاء المحكمة وإرساء مقوماتها".
وقد تفاوضت الحركة الإخوانية حول أكثر من اسم مرشح مع حليف الأمس حزب الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي وغيره من الأحزاب، لتضمن تمكين التابعين لها بين الأسماء المرشحة لشغل مناصب المحكمة.
أزمة سياسية تتعقد
ومن جانبه يرى الكاتب السياسي بسام حمدي، في حديث لـ"العين الإخبارية" أن التعديلات المقدمة على قانون المحكمة العليا في تونس ستفاقم الأزمة بين سعيد وراشد الغنوشي.
ووضف تلك التعديلات بأنها "إعلان حرب من الأغلبية البرلمانية على الرئاسة والرئيس قيس سعيد".
وأكد أن الصراع المفتوح بين مؤسسات التونسية انعكس على أداء الحكومة في إيجاد الحلول، خاصة أن الخزينة العامة تعيش صعوبات كبيرة دفعت بتونس إلى الاستعانة مجددًا بصندوق النقد الدولي.
وقال إن "المحكمة العليا ليست جوهر الأزمة، بل إنها أحد أوجه الأزمة العميقة بين الغنوشي وقيس سعيد حول الصلاحيات، في ظل وعود الرئيس التونسي بكشف ملف حركة النهضة".
وكانت دوائر مقربة من قصر قرطاج أفادت في تصريحات لـ"العين الإخبارية" بأن قيس سعيد يملك بحوزته وثائق تكشف التمويلات السرية لجماعة الإخوان في تونس.
ويرى متابعون للمشهد السياسي التونسي بأن الغنوشي أعطى تعليماته لتأجيج أنصاره ضد خصوم حركة النهضة، وهو ما يثير مخاوف من اندلاع اشتباكات بين الإخوان والتيار العلماني في تونس.
وطالب حسونة الناصفي، رئيس كتلة الإصلاح البرلمانية ذات التوجه الليبرالي، الغنوشي بالاستقالة من رئاسة البرلمان، والانسحاب من المشهد السياسي كحل أولي لتهدئة الأجواء في البلاد
ولا تبدو أن سياسة الغنوشي الإخوانية تسير نحو التهدئة، في ظل توعده في كل حضور إعلامي بالحرب الأهلية وحرق البلاد مثلما فعل ذلك في مطلع تسعينيات القرن الماضي في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
aXA6IDMuMTQxLjI5LjIwMiA= جزيرة ام اند امز