الإمارات والسعودية تعاملتا بكل مسؤولية مع حادثة التخريب، وهذا ما يظهر المسؤولية هنا في التريث وعدم توجيه أصابع الاتهام يمنة ويسرة.
تعد عملية التخريب التي تعرضت لها السفن الأربع التجارية قرب المياه الإقليمية للساحل الشرقي للإمارات العربية المتحدة تصعيدا عبثيا في خط بحري يعد شريان النفط العالمي الذي يغذي مفاصل العالم بالوقود، هذا الاستهداف الجبان أصاب ناقلات نفط سعودية وإماراتية ونرويجية، في رسالة لدول المنطقة ودول العالم أن الطرف العابث هنا وصل لمرحلة من الرعونة بحيث لا يُفرق بين مُنافس ومُحايد، وأنه سيتبع سياسة "المياه المحروقة" تستهدف السفن التجارية كورقة ضغط سياسية خاسرة.
نقف اليوم أمام مرحلة حساسة تتشكل بها توازنات المنطقة، فبعد انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للاتفاق النووي الكارثي الذي وقعته إدارة أوباما مع النظام الإيراني، ثم إعادة فرض العقوبات الاقتصادية المتتالية التي ظن الملالي في طهران أنهم سيتجاوزونها طمعاً في تمديد مهلة شراء نفطها من الدول المستثناة، وبالتوازي مع التصعيد العسكري المصاحب لتلك الإجراءات العسكرية من إرسال حاملة الطائرات أبراهام لنكولن للخليج العربي ومنظومة صواريخ باتريوت، كل تلك مؤشرات تدل على أن الإدارة الأمريكية عازمة وبشدة على إخضاع النظام الإيراني لرغباتها.
تعاملت دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بكل مسؤولية مع حادثة التخريب، وهذا ما يظهر المسؤولية هنا في التريث وعدم توجيه أصابع الاتهام يمنة ويسرة لحين الانتهاء من التحقيقات التي تتم بشفافية واحترافية
وقد راهنت طهران على الموقف الأوروبي كورقة تأثير على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، إلا أن التفاعل الأوروبي الخجول مع المطالب الإيرانية أظهر لها أنها تقف اليوم منبوذة مع من وقعت معهم الاتفاق، فالرصيد العبثي لإيران لا يؤهلها لكسب ثقة من تظنهم حُلفاء لها، وأن إيران ما هي إلا إرث قائم على دعم ورعاية وتمويل المنظمات الإرهابية كحزب الله وحماس والحوثيين، والتدخل في شؤون دول المنطقة واختطاف قرارات الدول كما حصل ويحصل في العراق ولبنان وسوريا، والتفاخر بسيطرتها على عواصم عربية.
وعلى الطرف الآخر تعاملت دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بكل مسؤولية مع حادثة التخريب، وهذا ما يظهر المسؤولية هنا في التريث وعدم توجيه أصابع الاتهام يمنة ويسرة لحين الانتهاء من التحقيقات التي تتم بشفافية واحترافية. بالإضافة إلى قطع الطريق على الشائعات المغرضة التي تداولتها الحسابات الوهمية الإيرانية والقطرية والإخوانية في محاولة فاشلة لاستغلال الموقف، ويعود سبب فشلها في سرعة استجابة وتفاعل القنوات الرسمية في الإمارات.
بين عملية التخريب هذه والأنشطة الجبانة التي لا زالت تمارسها بعض الأطراف، يقف العالم بين نموذجين نموذج إيجابي متطلع للمستقبل والاستقرار وتنمية المنطقة، ونموذج آخر مهترئ يتغذى على الصراعات والخراب والطائفية، وهنا لا بد من المجتمع الدولي الضغط بكل الوسائل الممكنة لتصويب سلوكيات هذه الأطراف المستهينة بأمن الملاحة البحرية في منطقة تزود العالم بما يقارب من 20% من احتياجاته النفطية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة