بنية تحتية وتشريعات مرنة.. الإمارات تقود صناعة الإلكترونيات في المنطقة

تواصل الإمارات تعزيز موقعها كمركز عالمي لصناعة الأجهزة الكهربائية والإلكترونيات، مدفوعة باستراتيجية واضحة تتكامل فيها الاستثمارات الضخمة، والبنية التحتية المتطورة، والكوادر البشرية المؤهلة.
يأتي ذلك ضمن جهود دولة الإمارات لتتحول إلى منصة تصنيع إقليمية وعالمية جاذبة في ظل التحول الرقمي المتسارع الذي يشهده العالم.
كما أن نمو هذا القطاع الحيوي يأتي ضمن جهود الإمارات لترسيخ اقتصاد متنوع ومستدام لا يعتمد فقط على النفط، بل يستند إلى التكنولوجيا، المعرفة، والصناعة الذكية.
وتمثل صناعة الإلكترونيات ركيزة أساسية في استراتيجية الإمارات الصناعية "مشروع 300 مليار"، التي تهدف إلى رفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 300 مليار درهم بحلول 2031.
وتتواصل فعاليات النسخة الرابعة لـ«اصنع في الإمارات»، التي تقام تحت شعار «أثر برنامج المحتوى الوطني – التزام دولة الإمارات بتطوير مهارات الكوادر الإماراتية» في أبوظبي.
وذلك وسط مشاركة قوية من قادة الصناعة، وجهات حكومية، ومبتكرين، ومهنيين طموحين، ضمن برنامج حافل بالجلسات النقاشية والتعليمية وفرص التواصل.
وينظم الحدث مجموعة أدنيك، وتستضيفه وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، بالتعاون مع وزارة الثقافة، ومكتب أبوظبي للاستثمار، وأدنوك، ويستمر حتى 22 مايو/أيار الجاري في مركز أدنيك بأبوظبي، بمشاركة أكثر من 720 جهة عارضة.
البنية التحتية الذكية
واحدة من أبرز ركائز نجاح دولة الإمارات في صناعة الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، هي البنية التحتية الرقمية المتطورة التي تغطي كافة أنحاء الدولة.
وبحسب تقرير الأمم المتحدة للحكومات الإلكترونية لعام 2024، حصلت الإمارات على العلامة الكاملة بنسبة 100% في مؤشر البنية التحتية للاتصالات، ما يعكس جاهزيتها التكنولوجية العالية لاستقطاب الاستثمارات الصناعية القائمة على التقنيات الحديثة.
كما ساهمت شبكات الألياف الضوئية فائقة السرعة، وانتشار الإنترنت بنسبة من بين الأعلى عالميًا، في دعم عمليات التصنيع الذكي، وفتح المجال أمام بناء مصانع إلكترونيات متطورة تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والتحكم الرقمي.
البيئة التشريعية والاستثمارية
حرصت الإمارات على توفير بيئة تشريعية مرنة ومحفزة للاستثمار في قطاع الأجهزة الكهربائية والإلكترونيات، وهو ما يتجلى في قانون الصناعة الجديد، الذي خفف شروط التراخيص، خاصة على الشركات الصغيرة والمتوسطة، وقدم حوافز متعددة عبر المناطق الاقتصادية الحرة والجهات التمويلية الحكومية.
وتؤكد وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، أن هذه التسهيلات ساهمت في جذب استثمارات كبرى، وأدت إلى زيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي إلى أكثر من 205 مليارات درهم بنهاية 2023، بزيادة 11% مقارنة بالعام السابق.
كما تلعب مبادرات مثل "المحتوى الوطني" و"اصنع في الإمارات" دورًا جوهريًا في تعزيز نمو الصناعة المحلية، حيث تتيح هذه البرامج للشركات التي تصنع داخل الدولة الوصول إلى فرص توريد حكومية وتسهيلات تمويلية، ما يعزز توطين الصناعات التكنولوجية والإلكترونية.
حراك صناعي ملحوظ
تشهد الإمارات اليوم نمواً لافتاً في عدد من الصناعات الإلكترونية، أبرزها إنتاج الأجهزة المنزلية الذكية، أنظمة التحكم والطاقة، المكونات الدقيقة، وأجهزة الاتصالات الحديثة.
وأصبحت الدولة مركزًا إقليميًا لتجميع وتصنيع المنتجات الإلكترونية ذات الاستخدام التجاري والمدني، خاصة بعد استقطابها شركات كبرى تعمل في هذه المجالات.
كما ساعد موقع الدولة الاستراتيجي على مفترق طرق التجارة العالمية، وربطها الجغرافي بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، في تحويلها إلى مركز لوجستي ومركز تصنيع متقدم يخدم أكثر من ملياري مستهلك في محيطها الإقليمي.
الابتكار التقني
أدركت الإمارات مبكرًا أهمية الابتكار كمحفز رئيسي لتطوير الصناعات المتقدمة، ومنها صناعة الأجهزة الكهربائية والإلكترونية. ولذلك، ضخت الدولة استثمارات كبيرة في البحث والتطوير، وأسست مناطق حرة تكنولوجية مثل "مجمع دبي الصناعي"، "مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار"، و"مدينة خليفة الصناعية".
وتشير تقارير مثل "ستاتيستا" و"IMARC" إلى أن الإمارات من بين أكثر الدول استثمارًا في التحول الرقمي في المنطقة، مع توقعات بأن تبلغ قيمة سوق تكنولوجيا المعلومات أكثر من 12.5 مليار دولار بحلول 2032.
كما يُتوقع أن تصل إيرادات خدمات التكنولوجيا إلى نحو 4.79 مليار دولار بحلول عام 2029، مدفوعة بالطلب المحلي والدولي على الأجهزة الذكية وتقنيات الحوسبة.
الذكاء الاصطناعي والروبوتات
يُعد الذكاء الاصطناعي والتصنيع المؤتمت عنصرين أساسيين في مصانع الإلكترونيات الحديثة بالدولة، وأطلقت الحكومة مبادرات عديدة لتسريع تبني هذه التقنيات، من بينها "الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2031"، و"برنامج الإمارات للروبوتات والأنظمة الذاتية".
وساهمت هذه المبادرات في ظهور مصانع تعتمد على خطوط إنتاج ذكية، تقلل من الفاقد وترفع الإنتاجية والجودة، وهو ما يجعل منتجات "صنع في الإمارات" تنافس بقوة في الأسواق الإقليمية والعالمية.
رأس المال البشري
من بين أبرز عوامل نجاح قطاع صناعة الأجهزة الإلكترونية في الإمارات، هو الاستثمار في العنصر البشري، حيث حققت الدولة تقدمًا لافتًا في مؤشر رأس المال البشري الصادر عن الأمم المتحدة، قافزة من المرتبة 44 إلى العاشرة عالميًا.
وتُعد الإمارات جيل من التقنيين والمهندسين المتخصصين في الإلكترونيات والهندسة الكهربائية من خلال الجامعات الوطنية، إضافة إلى برامج التدريب المهني والدعم للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا.
وأظهرت البيانات أن أكثر من 19 ألف مواطن يعملون في القطاع الصناعي ضمن شركات حاصلة على شهادة "المحتوى الوطني"، وهو ما يعزز توطين التكنولوجيا وتوفير فرص عمل مستدامة.
دبي.. مركز الشركات الرقمية
تعد إمارة دبي واجهة مهمة لصناعة الإلكترونيات، خاصة مع توسع عدد الشركات الرقمية التي بلغ عددها أكثر من 120 ألف شركة، وفقًا لغرفة دبي للاقتصاد الرقمي.
وتتميز هذه الشركات بنمو سنوي يتجاوز 30%، وهو ضعف معدل نمو الشركات التقليدية، ما يعكس التحول الجذري نحو اقتصاد مبني على الإلكترونيات والخدمات الرقمية.
كما تستفيد هذه الشركات من منظومة الدعم التي توفرها الدولة، من حاضنات الأعمال، المناطق الحرة، وخدمات التمويل، إلى جانب استقرار سياسي وأمني واقتصادي يجعل الإمارات وجهة مفضلة للتوسع الإقليمي والدولي.
"صنع في الإمارات"
امتدت علامة "صنع في الإمارات" من الصناعات الثقيلة إلى الأجهزة الدقيقة، إذ أصبح بالإمكان اليوم العثور على أجهزة إلكترونية تحمل هذه العلامة الوطنية في مجالات مثل الطاقة، الطيران، الطب، التعليم، والمنازل الذكية.
وتعد الإمارات من الدول القليلة في المنطقة التي تصنع أجزاء هياكل الطائرات، وتُطور أنظمة تحكم إلكترونية متقدمة، ما يعكس عمق التصنيع التكنولوجي الذي بلغته الدولة خلال سنوات قليلة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTk0IA==
جزيرة ام اند امز