من الممكن جداً أن تكون مارين لوبين، مرشحة اليمين المتطرف فى الرئاسة الفرنسية، قد تعمّدت إحداث مشكلة أمام كاميرات الفضائيات العالمية وهى ترفض الأسبوع الماضى أن يُفرَض عليها فى دار الفتوى اللبنانية فى بيروت أن ترتدى الحجاب كشرط قبل مقابلة المفتى،
من الممكن جداً أن تكون مارين لوبين، مرشحة اليمين المتطرف فى الرئاسة الفرنسية، قد تعمّدت إحداث مشكلة أمام كاميرات الفضائيات العالمية وهى ترفض الأسبوع الماضى أن يُفرَض عليها فى دار الفتوى اللبنانية فى بيروت أن ترتدى الحجاب كشرط قبل مقابلة المفتى، مما ترتب عليه إلغاء المقابلة ومغادرتها بعد أن أكدّت للصحفيين بالصوت والصورة موقفها الرافض للحجاب! ويبدو أنها حسبت الفوائد التى تعود عليها فى أوساط ناخبيها الذين يكرهون الحجاب والنقاب وكل المظاهر التى يُصرّ عليها كثير من المسلمين فى فرنسا. ولكن، يجب الأخذ فى الاعتبار أن كل هذه التفاصيل محصورة فى خانة ردود الأفعال ضد منطق فرض الحجاب!
تصلح هذه الواقعة لتبيان التناقض الكبير الذى يقع فيه كثير من المسلمين، والذى قد يراه بعضهم مؤشراً محموداً على ثباتهم على أفكارهم. فهم يصرّون على أن يمتثل الزائر إلى بلادهم، خاصة النساء، بتقاليدهم، خاصة الزى، ويقولون إن هذا احترام واجب من الضيف للبلد المضيف ولشعور الأغلبية المسلمة، وليس لديهم استعداد لتقديم مرونة حتى من باب المجاملة أو الكياسة، بل يقولون صراحة: اللى مش عاجبه ما يجيش! والاستثناءات نادرة مثل عدم اعتراض فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر على مقابلة لوبين نفسها دون حجاب! ولكن الآية تنقلب إلى العكس، عندما يحدث ويزور هؤلاء أنفسهم إحدى دول الغرب، ويعاندون هناك بأن من حق النساء المسلمات أن يتمسكن بأزيائهن التى لا تتماشى مع الثقافة الغربية، بل قد تتعارض مع القانون واحتياطات الأمن التى توجب كشف الهوية أمام كاميرات الأمن، وتكون حجتهم هذه المرة أن حقوق الإنسان تكفل للمرء أن يرتدى ما يشاء!
هذا خلاف يزداد حدّة كل يوم، خاصة أن بعض المسلمين المقيمين فى الغرب قرَّروا أن يكونوا أكثر إيجابية، بالحضّ على نشر الحجاب فى أوساط النساء الغربيات فى بلادهن! وصارت الأمثلة تتكرر بوتيرة متصاعدة هناك بالاعتراض على ما ترتديه النساء الغربيات وهن يتنزهن فى الحدائق المفتوحة أو فى انتقالهن بالمواصلات العامة!
*نقلاً عن "الأهرام "
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة