صراع الحلق والأنف.. هل يستفيد أوميكرون ويخسر العالم؟
لا يتميز متحور "أوميكرون" بسرعة الانتشار فقط، ولكنه يختلف عن غيره من المتحورات بأنه ينمو في الحلق بشكل أسرع من الأنف، مما يجعل اكتشافه بالاختبارات السريعة صعبا، ويعطيه ذلك ميزه إضافية للانتشار.
ويمكن اكتشاف المتحورات الأخرى من كورونا عن طريق اختبارات "المستضد السريع"، المستند إلى مسحة الأنف، مثل اختبار BinaxNOW و QuickVue ، وكلاهما مصرح به من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية.
ولكن متحور أوميكرون ينمو بشكل أسرع في الحلق، ويظهر متأخرا في الأنف، لذلك يكون اكتشافه عن طريق هذه الاختبارات المنزلية، أكثر صعوبة، في الأيام الأولى من الإصابة، كما كشفت دراسة أمريكية.
وكشفت الدراسة، التي نشرت نسخة أولية منها في موقع نشر الأبحاث (medrxiv)، عن هذه الميزة الفريدة في هذا المتحور بعد فحص 30 شخصا، حيث أسفرت جميع اختبارات المستضد السريعة عن نتائج سلبية خاطئة، رغم أن مستويات الفيروس التي اكتشفها اختبار "البي سي آر" كانت عالية بما يكفي لإصابة أشخاص آخرين في 28 حالة من الحالات الثلاثين.
ومن بين هذه الحالات الـ28، استطاع الباحثون التأكد من أن 4 مصابين خلال أول يومين من الإصابة، كانوا قادرين على نقل الفيروس إلى آخرين. رغم اختبارات المستضد السريعة عجزت عن كشف الفيروس.
ويقول محمد سمير، أستاذ الفيروسات بجامعة الزقازيق، شمالي القاهرة، لـ"العين الإخبارية": "نتائج هذه الدراسة، ربما تفسر إلى حد كبير، سرعة انتشار هذا الفيروس، حيث يستطيع المصاب أن ينقله لآخرين، في ظل عجز المصاب عن كشف إصابته باستخدام الاختبارات المنزلية".
وتفوق معدلات العدوى بسبب أوميكرون متغير دلتا مرتين، وتزيد إلى 4 أضعاف عن الفيروس الأصلي، وفق دراسة لمعهد راجون بجامعة كامبريدج الأمريكية، وهذا يعطيه ميزه إضافية في سرعة الانتشار، إضافة إلى عده مزايا أخرى تساعد فى نفس الاتجاه.
وكانت عدة دراسات كشفت أسباب أخرى لانتشار هذا الفيروس، ومنها التكرار السريع، وأفادت دراسة من جامعة هونج كونج أنه بالمقارنة مع دلتا، فإن أوميكرون يصيب ويتكاثر أسرع 70 مرة في القصبات الهوائية، وهي الممرات الهوائية الرئيسية في الرئتين، وأضافوا أن ميزته على الفيروس الأصلي أكبر، وكان الفارق واضحًا بعد 24 ساعة فقط من الإصابة.
وإذا كان هذا هو الحال بالفعل فهذا يعني أن الأشخاص المصابين بمتغير أوميكرون لديهم الكثير من الفيروسات في حلقهم في انتظار طردها في الهواء عند الزفير، وخاصة عند السعال أو العطس، كما يشير إلى أنهم قد يصابون بالعدوى في وقت أقرب، مما سيسرع أيضًا من انتشار المرض.
ولكن كانت إحدى العلامات المفيدة المحتملة من بحث هونج كونج، هو تحرك "أوميكرون" ببطء أكثر من الحلق إلى الرئتين، ووجد العلماء في تجاربهم أن السلالة الجديدة تتكاثر في الرئتين بأقل من عُشر معدل الفيروس الأصلي، ويقول الباحثون أيضا إن هذا "قد يشير إلى أسباب انخفاض حدة المرض".
وإلى جانب التكرار السريع كسبب للانتقال السريع، فإن هناك تغييرات في بروتين الأشوالك الفيروسي "بروتين سبايك" ساعد الفيروس على سرعة الانتشار.
ويستخدم الفيروس التاجي الذي يسبب"كوفيد -19" بروتين"الأشواك" على سطحه لاختراق الخلايا السليمة واستخدامها لإنتاج نسخ منه، وتحفز اللقاحات المتوفرة على تكوين أجسام مضادة هذا البروتين المرتفع وتستهدفه للتدمير بواسطة جهاز المناعة في الجسم.
لكن أوميكرون يحتوي على عدد غير مسبوق من الطفرات تجعل من الصعب على الأجسام المضادة التعرف عليه، بغض النظر عما إذا كانت الأجسام المضادة قد تم إنشاؤها بواسطة لقاح أو عدوى سابقة.
وقام باحثون في جامعة كولومبيا البريطانية في كندا بفحص بروتينات أوميكرون المتأثرة بهذه الطفرات على المستوى الجزيئي، ووجدوا، بشكل عام، أن التغييرات مكنت بروتين الأشواك من الارتباط بقوة أكبر بالخلايا البشرية، ونشروا النتائج التي توصلوا إليها على موقع BioRXiv ، وهو موقع يسعى فيه العلماء للحصول على تعليقات حول العمل التمهيدي.
ويقول سريرام سوبرامانيام، كبير مؤلفي الدراسة، خلال مقابلة مع الموقع الرسمسي لجامعة كولومبيا البريطانية في كندا، إنه حتى التغييرات الصغيرة في بروتين الأشواك، لها آثار كبيرة محتملة على كيفية انتقال الفيروس، وكيفية محاربته للجسم، وفعالية العلاجات".
ويضيف: "تؤكد تجاربنا ما نراه في العالم الحقيقي، أن بروتين الأشواك الخاصة بالمتغير أوميكرون، أفضل بكثير من المتغيرات الأخرى في التهرب من المناعة الناتجة عن كل من اللقاحات والعدوى الطبيعية".
ويقول سوبرامانيام إنه من الملاحظ أن المناعة الناتجة عن اللقاحات كانت أكثر فعالية ضد أوميكرون من المناعة من عدوى سابقة في المرضى غير الملقحين، وقال إنها علامة أخرى "أن التطعيم يظل أفضل دفاع لنا ضد متغير أوميكرون".
ورغم هذه الأسباب لسرعة الانتشار، وما أشارت إليه الدراسة بشأن مشكلة الاختبارات السريعة في الكشف عن الفيروس بالأنف في أيام الإصابة الاولى، يؤكد الباحثون أن هذا لا يعني أن اختبارات المستضد السريعة ليست مفيدة.
ويقول الباحثون: "صحيح أنها لم تكشف الفيروس في الأيام الأولى، ولكنها كشفت عن وجوده في الأيام التالية، وهو ما يعني أنه لا يزال لها فائدة ".
aXA6IDE4LjIyNy40OS43MyA= جزيرة ام اند امز