"جرس إنذار" من ساعة المناخ.. ماذا سيحدث بعد 6 سنوات؟
5 سنوات و 364 يومًا فقط على هدف الـ1.5 درجة مئوية
يتبقى أمام العالم خمس سنوات وبعض الأيام لتحقيق أهداف المناخ العالمية الحاسمة، وفقًا لساعة المناخ.
ساعة المناخ.. ماهي؟
تلوح في الأفق ساعة يُطلق عليها ساعة المناخ، وهي تحسب الوقت المتبقي للعالم لمنع تغير المناخ من أن يصبح أسوأ بشكل قاسٍ. يبلغ طولها 62 قدمًا فوق ميدان الاتحاد الشهير بمدينة نيويورك، وهي على وشك تجاوز مرحلة مقلقة.
يرتكز المشروع على أداة بسيطة: ساعة تقوم بالعد التنازلي للنافذة الزمنية الحرجة للوصول إلى انبعاثات صفرية ('الموعد النهائي')، قبل استمرار تقييد انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بمقدار 1.5 درجة على الأقل من ظاهرة الاحتباس الحراري، وهي العتبة الرئيسة لأهداف المناخ العالمية بموجب اتفاقية باريس.
ظهرت الساعة لأول مرة في Union Square في سبتمبر/أيلول 2020 أثناء وباء كوفيد-19، ومنذ تلك اللحظة، شعر العشرات من النشطاء بضغوط الوقت الذي ينفد؛ حيث أشارت الساعة، لأول مرة، إلى أنه لا يزال هناك أقل من ست سنوات للحد بشكل كبير من انبعاثات الوقود الأحفوري، لتجنب ما يمكن أن يكون آثارًا لا رجعة فيها للتغير المناخي. هذا، وتعكس الساعة البيانات من معهد مركاتور للبحوث وتغير المناخ Mercator Global Commons في برلين.
ومن جانبه، أوضح "أندرو بويد"، الشريك المؤسس لأول ساعة مناخية في العالم، "أنه يحتاج إلى جعل العالم والشركات والقادة الحكوميين والمجتمع المدني يقومون جميعًا بمزامنة الساعة المناخية، والتي تسير على نفس الجدول الزمني وتحقق تقدمًا في الحلول المنهجية لأزمة تغير المناخ".
الكوكب أكثر حرارة
يشير الاحترار العالمي إلى ارتفاع متوسط درجة حرارة سطح الأرض فوق ما كان عليه في السابق خلال حقبة ما قبل الصناعة أو منطقة زمنية مرجعية. وتظهر ساعة المناخ الوقت المتبقي قبل أن يلمس الكوكب درجة حرارة معينة للاحترار العالمي.
هذا، وينتج الاحترار العالمي عن غازات الاحتباس الحراري، ومعظمها من ثاني أكسيد الكربون بسبب الكميات العالية من الانبعاثات التي ترتبط بالغازات الدفيئة ولا سيما تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي المُسبب لظاهرة الاحتباس الحراري.
وكما يعلم أي شخص عانى من الطقس مؤخرًا، فإن الوضع سيء بالفعل؛ حيث شهد العالم أكثر الأسابيع حرارة على الإطلاق في بداية شهر يوليو/تموز 2023، وفقًا للبيانات الأولية، مع استمرار موجات الحر في تحطيم الأرقام القياسية المحلية في جميع أنحاء نصف الكرة الشمالي. وهذه مجرد طريقة واحدة يؤدي بها تغير المناخ إلى ظهور ظواهر متطرفة جديدة وخطيرة.
اليوم، أصبح الكوكب أكثر حرارة بنحو 1,1 درجة مئوية مما كان عليه قبل الثورة الصناعية، وذلك نتيجة لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون من حرق الوقود الأحفوري. وهذا هو السبب وراء المزيد من موجات الحر الشديدة، وحرائق الغابات، والعواصف، وارتفاع مستوى سطح البحر. لهذا السبب اتفق قادة العالم، كجزء من اتفاقية باريس التاريخية، على منع كوكب الأرض من الاحترار أكثر مما حدث بالفعل. فكل جزء من درجة المناخ يأتي بعواقب أكثر خطورة.
اليوم، الوقت المتبقي على مدار الساعة أقل من ست سنوات. بعبارة أخرى، إذا استمر الناس في ضخ نفس الكمية تقريبًا من تلوث ثاني أكسيد الكربون على مدى السنوات الخمس المقبلة أو نحو ذلك، فلن نتمكن بعد الآن من الحد من تغير المناخ إلى 1.5 درجة فقط من الاحترار.
أهمية ساعة المناخ
الساعة هي عداد الوقت. دائمًا ما تجلب الساعة الموقوتة في الأفق إحساسًا بالحيوية وتشجع على العمل. ومن ثمَّ ساعة المناخ هي ساعة توضح لنا الوقت المتبقي لتصحيح المناخ لمستوى معين.
يتحدد الوقت المتبقي الذي تظهره ساعة المناخ بعاملين هما: كم تبلغ ميزانية الكربون للوصول إلى درجة حرارة معينة للاحترار العالمي، وما هو المعدل الحالي لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون أو بشكل صحيح انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
يبلغ المعدل السنوي الحالي لانبعاثات الكربون حوالي 43 مليار طن. باستخدام نهج الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC WG1، بتقسيم ميزانية الكربون البالغة 280 مليار طن من بداية عام 2023، مقابل 1.5 درجة مئوية مع معدل الانبعاث، نحصل على الوقت التقريبي المتبقي، والذي يتم عرضه بواسطة ساعة المناخ. اعتبارًا من 23 يوليو 2023، الوقت المتبقي الذي تظهره ساعة المناخ لهدف 1.5 درجة مئوية هو 5 سنوات و 364 يومًا فقط.
لقد تغير المناخ بالفعل وهو يتغير بشكل أسرع من أي وقت مضى؛ حيث إن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون آخذة في الارتفاع، والاحترار العالمي آخذ في الازدياد، فضلًا عن الانتقال إلى مستويات ملموسة من ارتفاع مستويات سطح البحر واستنفاد طبقة الأوزون والتلوث البيئي.
وبالتالي، يجب أن تمنح الساعة المناخية الموقوتة كل فرد ومنظمات ودول إحساسًا بالإلحاح في اتخاذ إجراءات لتصحيح المناخ. وفي ضوء ذلك، عقد مؤسسو ساعة المناخ فعاليات بالأمس الموافق 22 يوليو/تموز عبر القارات الخمس؛ للفت الانتباه إلى الوقت المتضائل المتبقي، ويطلقون عليه يوم الطوارئ المناخية، والذي يتضمن وقفة احتجاجية تحت الساعة الرقمية العملاقة.
ووفقًا لما ذكرته "بيكا ريتشي"، مديرة المجتمع العالمي في منظمة ساعة المناخ - التي تم إنشاءها بعد إنشاء الساعة الرئيسة في مدينة نيويورك- أن "أمس كان بمثابة أفضل يوم لاتخاذ إجراء"، كما أضافت أنه من الممكن سن الحلول في هذا الإطار الزمني والبقاء أقل من 1.5 درجة.'
ليس لدينا الكثير من الوقت
وفقًا لساعة المناخ، فإن 1.5 درجة مئوية هي أهم رقم للبشر الذين يعيشون على هذا الكوكب. بالنظر إلى ذلك، لم يتبق الكثير من الوقت لتصحيح المناخ. فالوقت يداهمنا.
تجتمع البشرية معًا ليوم واحد من العمل ولإقامة شراكات لحماية ثرواتنا الطبيعية، والانخراط من أجل كوكب خالٍ من التلوث، ولضمان أن مناخ الأرض يفضي إلى استمرار وجود البشر في منزلنا المشترك.
تغير المناخ لا تسببه أي حكومة واحدة أو أي منظمة واحدة. يساهم كل مستخدم للطاقة والمواد، في جميع أنحاء الكوكب، بشكل مباشر وغير مباشر في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وبالتالي يساهم في تغير المناخ. لذلك، يجب على الجميع المشاركة في تصحيح تغير المناخ.