أمين "منتدى السلم": نحتاج مبادرات لترسيخ المواطنة في عقول الأبناء
محمد مطر سالم الكعبي شدد على أن قيم المواطنة دفعت غير المسلمين إلى تقديم إسهامات حضارية في بناء الدولة وازدهارها على مر العصور،
دعا الأمين العام لمنتدى تعزيز السلم، الدكتور محمد مطر سالم الكعبي ، إلى إطلاق مبادرات عملية لترسيخ فقه المواطنة في عقول الأبناء ودعوتهم إلى الاندماج الحضاري في البلدان التي يعيشون بها ويحملون جنسياتها وتقديم الاسهامات العلمية والثقافية في رفعتها، والحفاظ على استقرارها وازدهارها.
وقال في كلمته أمام، المنتدى الثقافي لمؤسسة الثقافة الإسلامية والتسامح الديني، الذي تستضيفه العاصمة الإسبانية مدريد، الثلاثاء، إن مفهوم المواطنة تطور عبر التاريخ لكنه بقي ثابتا في ارتباطه بمصلحة الوطن والمجتمع.
ولفت إلى انعقاد المنتدى بوسط العاصمة مدريد في حي "سلامانكا"، الذي يعني في ثقافتنا "السلام"، مشيرا إلى أن الثقافة الإسلامية تزخر بالنماذج الراقية لقيم المواطنة الإيجابية التي أرساها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في وثيقة المدينة ورسخ فيها مفهوم التسامح الديني.
وأوضح أن وثيقة المدينة رتبت حقوق الأفراد في مجتمع المدينة على أساس المواطنة، وليس على أساس الدين، مؤكدا أن من حق فئات المجتمع كافة على اختلاف أعراقها وألسنتها ومعتقداتها أن تنعم بالاستقرار والحرية وتأمن على الدين والنفس والمال والعرض دون تمييز على أساس ديني أو عرقي.
وشدد على أن قيم المواطنة دفعت غير المسلمين إلى تقديم إسهامات حضارية في بناء الدولة وازدهارها على مر العصور، مشيرا إلى أن المواطنين من يهود المدينة أسهموا في إنعاش حركتها الاقتصادية والتجارية في أسواقها.
وقال الأمين العام لمنتدى تعزيز السلم: "لم يكن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليرهن درعه عند يهودي، لولا أن ذلك اليهودي كان مواطنا فاعلا ولا يشكل مصدر خطر على وطن المدينة".
وأضاف: "اتخذ آباؤنا وأجدادنا هذه المبادئ والقيم منهجا لبناء الدولة على أساس قيم المواطنة، والتاريخ شاهد على الإبداعات الحضارية التي قام بها غير المسلمين وانصهرت في بوتقة الحضارة الإسلامية".
وضرب الكعبي أمثلة على ذلك بأنه بعد تأسيس "دار الحكمة" في بغداد، برز اسم يوحنا بن ماسويه السرياني المسيحي الذي كان مشرفا على ترجمة الكتب الطبية القديمة في عهد هارون الرشيد، وحنين بن إسحاق المسيحي شيخ الأطباء بالعراق والذي كان رئيس البعثة العلمية للتنقيب والبحث عن الكتب القديمة المدفونة في عهد المتوكل، ويوحنا بن البطريق الذي كان أمين الترجمة في عصر المأمون، وسهل بن بشر بن حبيب بن هانئ اليهودي، صاحب التآليف في أحكام النجوم والكتب الفلكية.
وعن قيمة التسامح في الإمارات قال: "غرس فينا آباؤنا قيم المواطنة وكان لها دور بارز في تعزيز التسامح الديني والتكامل الحضاري في الإمارات".
وأضاف: "في دولة الإمارات العربية المتحدة نؤمن بحرية المعتقد مع إيجابية التواصل مع الآخرين ونحترم التنوع الثقافي الذي يثري المجتمع في شتى المجالات، ونقر بحقوق الإنسان وحرياته المعترف بها دوليا، ونلتزم بعدم التمييز بين مكونات المجتمع بسبب اللون أو الجنس أو الجنسية أو الدين أو المذهب أو الطائفة، ونقوم بترسيخ التسامح وفق مبادئ احترام الكرامة الإنسانية والتعارف والتعاون الإنساني، وإقامة العدل الذي يوجب إعطاء كل ذي حق حقه دون النظر لدينه أو معتقده".
وأكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعتبر خطاب الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون، وبموجبه يتم منع الإساءة إلى أي دين من الأديان، وحماية الحريات الدينية والعقائدية، وصيانة المقدسات ودور العبادة، وتعزيز السلم والتعايش بين الثقافات والحضارات المختلفة على أرض الإمارات.