انطلاق الجلسة التأسيسية للبرلمان الدولي للتسامح والسلام في مالطا
"المجلس العالمي للتسامح والسلام" يعقد الجلسة التأسيسية للبرلمان الدولي للتسامح والسلام في فاليتا، عاصمة مالطا، وسط حضور دولي كبير
عقد "المجلس العالمي للتسامح والسلام" الجلسة التأسيسية للبرلمان الدولي للتسامح والسلام، في تظاهرة عالمية ووسط حضور دولي كبير، وذلك بالقاعة الرئيسية للبرلمان المالطي في العاصمة فاليتا، الجمعة، بدعوة من أنجيلو فاروجيا، رئيس برلمان مالطا، وأحمد بن محمد الجروان، رئيس المجلس العالمي للتسامح والسلام، ومشاركة 54 من رؤساء وممثلي البرلمانات الإقليمية والوطنية من مختلف دول العالم.
تسلمت ألبانيا رئاسة البرلمان وفق التسلسل الأبجدي لأسماء الدول الأعضاء، وتمت تسمية تولانت بالا رئيسا للبرلمان لمدة سنة، فيما شكلت 5 لجان تنفيذية للشؤون القانونية والتشريعية والعلاقات الدولية والشباب والمرأة وغرس السلام والتنمية المستدامة.
ورحب رئيس برلمان مالطا، خلال افتتاحه الجلسة، بالمشاركين في "فاليتا" عاصمة أوروبا للثقافة لعام 2018، مؤكدا دعم مالطا المطلق لهذا البرلمان الدولي الذي سيسهم مساهمة أساسية في نشر نهج الاعتدال والانفتاح في مواجهة العنصرية والتمييز والتطرف وعدم قبول الآخر.
من جانبه، أكد الجروان في كلمة له أن الإنسانية تتعرض اليوم للتهديد عبر التطرف الديني والتعصب العرقي والعنف الفكري، بعدما تراجعت قيم التسامح وقبول الآخر التي نصت عليها الأديان السماوية الرئيسية، ما أدى إلى اضطراب السلم والأمن العالميين.
وقال إنه في مواجهة كل هذه التحديات كان لا بد من إيجاد طريقة جديدة للتعامل معها لتتبلور فكرة إنشاء هيئة عالمية جديدة تروج لثقافة التسامح وقبول الآخر.
وأضاف "أن مشاركة هذا العدد من أعضاء البرلمانات الوطنية والإقليمية والدولية تدل على اتفاقنا وإدراكنا جميعا لحاجتنا المشتركة لهذا النوع من التعاون البرلماني الدولي، لنشر وقيادة ثقافة عالمية جديدة وتوجيه الطاقات الشعبية نحو التسامح والسلام، إلى جانب وعينا بأن أعداء السلام من الخارجين عن القانون أصبحوا يهددون استقرار مجتمعاتنا، وأن تعاوننا أمر لا مفر منه".
وقال: "سنبذل سويا كل ما في وسعنا من أجل إقامة برلمان دولي لا تحركه إلا إرادة أعضائه وحماسهم لخدمة قضايا التسامح والسلام.. برلمان دولي يحترم مبادئ ديمقراطية العلاقات الدولية ويمارس مهامه في إطار الالتزام الكامل بقواعد القانون الدولي ومبادئه الراسخة.. برلمان يحترم مبادئ السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة.. وباجتماعنا هذا نكتب التاريخ من أجل مستقبل أكثر سلاما وتسامحا".
من ناحيته، قال روجية نكودو، رئيس برلمان عموم أفريقيا: "باسم وفد البرلمانيين الأفارقة المرافقين لي والمؤلف من 15 برلمانيا من كل أنحاء أفريقيا في هذا الحدث الاستثنائي نشجع هذه المبادرة العالمية، ونهنئ المجلس العالمي للتسامح والسلام على جهوده من أجل السلام التي يبذلها في العالم".
وأضاف، أن "السلام لا يقدر بثمن، وعلينا أن نفعل كل ما في وسعنا للحفاظ عليه، وحيث يتعرض السلام للأذى علينا إيجاد الحلول لذلك.. دعونا نكن جميعا رسل سلام من خلال دعم هذه المبادرة المباركة ".
بدوره، قال إلياس كاستيللو، رئيس برلمان أمريكا اللاتينية، إنه "لشرف عظيم أن نشارككم هذا الحدث الاستثنائي الكبير إطلاق البرلمان الدولي للتسامح والسلام من قبل المجلس العالمي للتسامح والسلام الذي يستحق كل دعمنا، كونه يسهم في نشر وتعزيز السلام والتسامح في العالم".
وأضاف: "لقد شهدت مناطقنا العديد من النزاعات بسبب الاختلافات السياسية التي تهدد استقرارها، فالحروب والنزاعات لها نتائج سلبية على النساء والأطفال والرجال وعلى الإنسان ككل، ولطالما كان للبرلمانات دورها الأساسي في تبادل الرؤى المشتركة بينها، ولهذا السبب نحن سعداء للغاية بوجود هذا البرلمان الدولي للتسامح والسلام كوننا قادرين على تحقيق رؤية عظيمة معا ومشاريع ناجحة، بهدف نشر التسامح والسلام، على أن تكون هذه بداية لمستقبل واعد من أجل الدفاع عن الإنسانية".
من جهته، أعرب كارميلو أبيلا، وزير خارجية مالطا، عن سعادته البالغة بالانضمام إلى الجلسة التأسيسية الأولى للبرلمان الدولي من أجل التسامح والسلام وقال: "اجتمعنا هنا كي نظهر الأهمية التي نوليها لتعزيز التسامح والسلام.. ولا يمكننا تحقيق السلام إذا لم يكن هناك تسامح وقبول لحقوق الآخرين وآرائهم واعتقادهم".
وأضاف: "بصفتها البلد المضيف للمجلس العالمي للتسامح والسلام تتطلع مالطا لمواصلة دورها في المضي قدما وتنفيذ الأهداف المشتركة، التي تخدم بناء الشراكات الدولية وغرس قيم التسامح والثقافة، ورفض التطرف ودعم المبادرات الشبابية الإقليمية والدولية".
وشدد أبيلا على أهمية إطلاق هذا البرلمان الدولي في تلك الأوقات التي يواجه فيها المجتمع الدولي عددا متزايدا من الأزمات والصراعات التي تشتعل أنحاؤه في تحدٍّ كبير للمجتمعات.
وقال: "لا يمكننا مواجهة التحديات العالمية إلا عبر التعاون، وحضوركم هو الدليل على التزامنا بثقافة الوعي وقبول الآخرين والحوار والاعتدال والسلام".
وقد عقد الجروان وفاروجيا مؤتمرا صحفيا وصف فيه رئيس البرلمان المالطي إطلاق البرلمان الدولي بأنه مبادرة تاريخية على صعيد مشاركة الدول، ما يؤكد الاهتمام الدولي بالتعاون لوضع حد للإرهاب والعنف والتشدد والعنصرية والكراهية ورفض الآخر.
من جانبه، أجاب الجروان عن أسئلة الصحفيين والإعلاميين، مشددا على أهمية دور الإعلام في نشر ثقافة التسامح والسلام حول العالم.
وقد أقام رئيس برلمان مالطا حفل استقبال على شرف الوفود المشاركة، فيما أقام رئيس المجلس العالمي للتسامح والسلام عشاء تكريميا للبرلمانيين.
تجدر الإشارة إلى أن الهدف الأساسي من إنشاء برلمان دولي ضمن أجهزة المجلس العالمي للتسامح والسلام إتاحة فرص فريدة لتنسيق التعاون وتبادل الأفكار والخبرات، وصولا إلى قناعات مشتركة بشأن عديد من القضايا الوطنية والدولية التي تواجه السلام الدولي مثل الإرهاب والتطرف والعنف والتشدد الديني والعرقي والطائفي والعنصري.. من هنا تكمن أهمية تطوير سبل التعاون الدولي بين برلمانات الدول المختلفة، لأن دورها لم يعد قاصرا على إيصال صوت الدوائر الانتخابية على المستوى الوطني فقط، بل أصبحت مطالبة بإيصال أصوات شعوب دولها على المستوى الدولي وإسماعها للعالم كله، مع التأكيد على احترام ضوابط السيادة الوطنية وخصوصية واستقلالية كل دولة.