الريال اليمني يتعافى.. «لجنة» تعيد للعملة المحلية 30% من قيمتها

بعد أسابيع من تأسيس الحكومة اليمنية لجنة مدفوعات لتمويل وتنظيم الاستيراد، استعادت العملة المحلية نحو 30% من قيمتها أمام العملات الأجنبية.
وأصبحت اللجنة، التي عقدت في 17 يوليو/تموز الماضي أول اجتماعاتها، أداة قوية للشرعية للتحكم بالسيولة وسعر الصرف، حيث تحسنت قيمة الريال اليمني بشكل كبير أمام الريال السعودي، الأكثر تداولًا في سوق الصرف في البلاد.
وحتى 29 يوليو/تموز الماضي، كانت قيمة صرف الريال السعودي الواحد عند 755 ريالا يمنيا، فيما وصل سعر الدولار الواحد إلى 2838 ريالًا، لكن بعد تشكيل اللجنة تراجعت قيمة صرف الريال السعودي إلى 540 ريالًا وقيمة الدولار إلى 2090 ريالًا في أسواق الصرف، بحسب مصادر مصرفية لـ"العين الإخبارية".
ويُعزى هذا التحسن الكبير في سعر الريال اليمني إلى تشكيل رئيس الوزراء اليمني في 22 يونيو/ حزيران الماضي "اللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات"، التي باشرت مهامها مؤخرًا، ولعبت دورًا محوريًّا في تنظيم عملية البيع والشراء للعملات للتجار والموردين.
ووفقًا للحكومة اليمنية، فإن لجنة تمويل وتنظيم الاستيراد تتكون من الجهات الحكومية ذات العلاقة بالتمويل والتجارة والضبطية الجمركية والقضائية، إلى جانب ممثلي البنوك وشركات الصرافة والقطاع التجاري.
وأطلقت الحكومة اليمنية على لجنة المدفوعات اسم "اللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات"، ويترأسها محافظ البنك المركزي اليمني، ونائبه وزير الصناعة والتجارة، وعضوية 8 آخرين.
ووفقًا لديباجة القرار الوزاري، فإن اللجنة تستهدف "ضبط عمليات الاستيراد للسلع، وتنظيم عمليات تمويل الواردات، والرقابة على مصادر تمويل الاستيراد بالتنسيق مع البنك المركزي، ومنع استخدام السوق السوداء لشراء العملة لغرض الاستيراد".
كما تهدف إلى تسهيل "عمليات تمويل الاستيراد بما يتناسب مع تدفقات النقد الأجنبي، والحد من المخاطر والآثار السلبية على القطاع المالي والمصرفي والتجاري الناتجة عن تصنيف مليشيات الحوثي كمنظمة إرهابية دولية، واتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة ذلك"، فضلًا عن "تشجيع الإنتاج المحلي كبديل لبعض الواردات".
وتمارس اللجنة اختصاصات مختلفة، أهمها "العمل على إدارة وتوجيه موارد النقد بهدف تغطية عمليات الاستيراد من السلع الأساسية والمدفوعات المقابلة للاحتياجات اللازمة، وتحقيق الاستخدام الأفضل للموارد النقدية المتاحة".
كما تمارس "وضع السياسات والمعايير المتعلقة بعمليات تمويل الواردات، وتحديد مصادر التمويل بالتنسيق مع البنك المركزي، وتحديد الأولويات في تمويل السلع الضرورية، ومنها: السلع الأساسية، والأدوية، والمواد الخام، وغيرها، ووضع قوائم للواردات السلعية وتصنيفها وفقًا لأهميتها في تحقيق الأمن الغذائي ومتطلبات الاقتصاد".
كذلك من اختصاصها "مراجعة سياسات وإجراءات التمويل بشكل دوري، ومراجعة طلبات تمويل عمليات الاستيراد، والإشراف والرقابة على عمليات التمويل، والتأكد من مدى امتثال الموردين للتعليمات والمعايير والسياسات التي تقرها اللجنة".
قال الخبير الاقتصادي اليمني علي التويتي: "تشكيل لجنة مشتريات للتجار، كان خطوة مهمة كونها المخولة بتوفير الدولار للتجار، بحيث تشتري من شركات الصرافة والبنوك وتبيع للتجار".
وأوضح لـ"العين الإخبارية" أن عمل اللجنة بهذا الشكل سيمكنها من "التحكم بالسيولة وسعر الصرف، بل خفضه إلى مستواه الطبيعي، إذا عملت بإخلاص وشفافية ونزاهة، بالتنسيق مع البنك المركزي، وإحكام الرقابة الشديدة على البنوك وشركات الصرافة والتجار".
وأكد الخبير الاقتصادي أن اللجنة باتت تتحمل مسؤولية بيع كل دولار واحد، ولا تُستورد سلعة واحدة إلا بعِلمها، ولا تُحوَّل حوالة تجارية إلا بموافقتها.
وأكد أن "الحفاظ على سعر العملة ثابتًا هو أمن قومي، وليس أمرًا هيِّنًا ولا يجوز التساهل فيه"، مشيرًا إلى أن "تفعيل لجنة المدفوعات على أرض الواقع، ومباشرتها العمل بفتح حسابات للتجار في البنك المركزي، وإلزامهم توريد السيولة النقدية لحساباتهم في البنك، يُغني الحكومة الشرعية عن العديد من الخطوات".
من جهته، قال الباحث حسام ردمان إن "مأسسة التعاون بين البنك المركزي والقطاع الخاص أسفر عن تشكيل اللجنة الوطنية لتغطية الاستيراد، والتي أقرّت آلية دقيقة لتغطية البضائع الأساسية، وكيفية إيداع أموال التجار بصورة محوكمة".
وأكد لـ"العين الإخبارية" أن هذه "الخطوة لها دور جوهري، لأنها تسببت في تعليق عمليات المستوردين لشراء العملة من السوق، وبالتالي حدّت من الطلب على العملة الصعبة، ما منح الريال جرعة أكبر من التحسن، لكنها ستظل جرعة تحسن ظرفية وإنقاذية".
وأوضح أن "إنقاذ العملة المحلية من الانهيار هو عملية مركبة، تبدأ بضبط السوق وإنهاء المضاربة، وتستقيم بتعزيز الإيرادات العامة، وتُستدام بإتمام الإصلاحات المؤسسية".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTAg جزيرة ام اند امز