"الجارديان": مهاجرون مرضى ومعذبون محتجزون منذ أشهر في بريطانيا
تقريبًا نصف المحتجزين بمراكز الاحتجاز البريطانية لم يرتكبوا جريمة، لكن متوسط العدد بالعينة التي أجري عليها المسح سجنوا لمدة 4 أشهر.
أظهرت لقطة غير مسبوقة لمهاجرين محتجزين بمراكز الاحتجاز البريطانية أن نصف العينة؛ إما لديهم ميول انتحارية أو مصابون بأمراض خطيرة أو ضحايا تعذيب، بحسب تحقيق أجرته صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وأظهر المسح الذي أجري على نحو 200 محتجز داخل مراكز الإبعاد في إنجلترا اعتبارًا من 31 أغسطس/آب الماضي، أن حوالي 56% منهم وصفوا بـ"بالغين معرضين للخطر"، ومثل أولئك الأشخاص يفترض أن يحتجزوا فقط في الحالات القصوى، مما يرجح أن المبادئ التوجيهية لوزارة الداخلية البريطانية بشأن الاحتجاز تعرضت للانتهاك.
وأجري المسح بالتعاون مع 11 شركة قانون وجمعيات خيرية تعمل مع من يواجهون أمر الترحيل، وتوصل المسح أيضًا إلى أن ثلث المحتجزين لديهم أطفال معالون في المملكة المتحدة، وأن 84% منهم لم يتم إخبارهم موعد ترحيلهم، مما يلمح إلى احتجاز مفتوح المدة.
وتقريبًا نصف المحتجزين لم يرتكبوا جريمة، لكن متوسط العدد بالعينة التي أجري عليها المسح سجنوا لمدة 4 أشهر، وعاش الغالبية منهم في المملكة المتحدة لمدة 5 سنوات أو أكثر، حتى أن البعض كانوا متواجدين في البلاد منذ أكثر من 20 عامًا.
وطبقًا لأحدث بيانات صادرة عن وزارة الداخلية البريطانية، فإن العينة تصل إلى 8% من جميع المحتجزين خلال وقت إجراء المسح، لكن أصر متحدث باسم الوزارة أن الاحتجاز كان "جزءًا مهمًا من نظام الهجرة"، لكنه يجب أن يكون "عادلًا ويحفظ الكرامة ويحمي الأكثر ضعفًا"، لافتًا إلى أنه لايزال من الممكن إدخال مزيد من التحسينات على النظام.
وقال رولاند ادجوفي، رئيس مجموعة عمل الاحتجاز التعسفي بمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إنه يجب على الدول ضمان أن يكون الاحتجاز تدبيرًا يتم اللجوء إليه كملاذ أخير، موضحًا أن هذا الاحتجاز لا يمكن ألا يكون غير محدد المدة، كما يجب على قوانين الدولة أن تحدد بوضوح المدة القصوى المسموح بها للاحتجاز.
وأوضح ستيفن شو، الأمين السابق للسجون والمظالم في بريطانيا، الذي أجرى مراجعتين شاملتين للحكومة بشأن احتجاز المهاجرين، أنه على الرغم من تراجع الاستخدام العام للسجون للثلث خلال الثلاث سنوات الماضية، لايزال هناك الكثير من الناس يحتجزون لمدد طويلة عندما لا يكون هناك احتمالية واقعية لترحيلهم من المملكة المتحدة.
وقالت ديان أبوت، وزيرة خارجية وزارة الظل في بريطانيا، إن اللقطة صادمة لكنها ليست مفاجئة تمامًا، لافتة إلى أنه كان هناك تطمينات متكررة بأن الفئات المستضعفة وضحايا الاتجار والأطفال لن يتم احتجازهم، لكن هذا التحقيق يظهر أن تلك التطمينات بلا قيمة.
وتحتجز الحكومة أكثر من 25 ألفًا كل عام رهن الترحيل، بتكلفة سنوية 108 ملايين جنيه استرليني، وأكثر من نصف المحتجزين في النهاية تتم إعادتهم إلى المجتمع البريطاني، دون ترحيل، والبعض اتخذ موقفًا قانونيًا ردًا على احتجازهم.
المملكة المتحدة هي الدولة الوحيدة في أوروبا التي تحتجز أشخاصًا دون فترة زمنية محددة، وكان ما كشفت عنه "الجارديان" في وقت سابق بشأن أهداف الترحيل الحكومية السبب وراء استقالة آمبر رود من منصب وزيرة الداخلية البريطانية في أبريل/نيسان الماضي.
ولخصت الصحيفة ما كشفه المسح بوجود أطفال محتجزين داخل مراكز احتجاز البالغين، وكشفت أن 30% من المحتجزين لديهم أطفال في المملكة المتحدة، فيما وجدت أن أكثر من النصف تم وصفهم ببالغين معرضين للخطر نظرًا لكونهم ضحايا تعذيب، أو لديهم ميول انتحارية أو لكونهم غير أصحاء.
كما أشارت إلى أنه في حين تزعم الحكومة بأنه يتم احتجاز الأشخاص قبل ترحيلهم، فإن 84% منهم لم يحصل أيًا منهم على توجيهات الترحيل، وأن فترات الاحتجاز تراوحت من أقل من 5 أيام إلى حوالي ثلاثة أعوام، ومتوسط يبلغ أربعة أشهر، رغم توجيهات وزارة الداخلية بأنها يجب أن تكون لأقصر فترة ممكنة.
وأضافت أن المحتجزين ينتمون إلى 56 دولة، وأغلبهم من نيجيريا والجزائر، ومن بين الذين تم تضمينهم في مسح "الجارديان" فإن 27% تعرضوا للتعذيب و24% لديهم مشاكل صحية خطيرة و4% عرضة لخطر الانتحار.
أليو، لاجئ من جامبيا، تعرض للتعذيب في بلاده، قال إنه على الرغم من قضاء سبعة أعوام بعد احتجازه في مركز هارموندسورث لاحتجاز المهاجرين، قرب هيثرو، لايزال يعاني من صدمة نفسية.
وأضاف "ظللت أسأل وزارة الداخلية، هل أنا مجرم؟ هل أنا سجين؟ سجنت في مساحة صغيرة للغاية كنت مرتعب جدًا من أن أنام. مازلت أخشى الناس الذين يرتدون زيًا رسميًا. الصدمة من السجن بعد تعرضي للتعذيب ستبقى معي لباقي حياتي".