سكان الظل في أوروبا.. حكايتان عن مأساة الهجرة
لينيس، وهو ليس اسمها الحقيقي، لا تعيش بمفردها، فهي جزء من سكان الظل الذين يعيشون في أوروبا قبل وصول الملايين إلى القارة
هربت لينيس من بلدها الأم فنزويلا منذ عقد زمني مع نشوب المشاكل التي حدثت خلال السنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق هوجو تشافيز. مع مقتل والدها على أيدي عصابة إجرامية والأزمة السياسية والاقتصادية التي بدأت تلوح في الأفق، سافرت إلى برشلونة عبر تأشيرة سياحية للانضمام إلى أحد أصدقائها هناك، ومنذ حينها لم تعد.
لينيس الآن في منتصف الأربعينيات، وتعيش بطريقة "غير قانونية" منذ حينها، بدون تصريح رسمي للإقامة. السيدة التي كانت مديرة موارد بشرية في بلادها، تعمل في كتالونيا خادمة، وتعمل على زيادة دخلها الـ700 يورو شهريًا عبر وظائف جزئية تحصل مقابلها على ما يتراوح من 35 لـ40 يورو في المرة، بحسب صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
لينيس، وهو ليس اسمها الحقيقي، لا تعيش بمفردها، فهي جزء من سكان الظل الذين يعيشون في أوروبا قبل وصول الملايين إلى القارة خلال السنوات القليلة الماضية، وسط حالة الحرب والفوضى بالشرق الأوسط وأفريقيا، وقد صعب هذا من مصير أناس مثل لينيس وغيرها من المهاجرين غير الشرعيين.
الآن، تستخدم لينيس خدمة أنشأتها الإدارة المحلية في برشلونة للمساعدة في منح الجنسية للمهاجرين غير الشرعيين، لكنها مصدومة من حديث الساسة ضد الهجرة.
وقالت: "أعتقد أن هناك حدا أدنى كإنسان يجب أن تحصل عليه. أقترح أن يحاول زعماء تلك الأحزاب العيش كمهاجر غير شرعي في دولة أخرى يوما ما".
مصير لينيس وغيرها من المهاجرين غير الشرعيين ربما يتخذ دورًا محوريًا في النزاعات الأوروبية بشأن الهجرة، حيث إنهم عبارة عن مجموعات متنوعة: من وصلوا قانونيًا، كما في حالة لينيس، أو من وصلوا بهدف قضاء عطلة أو العمل أو تأشيرة عائلة انتهت أو أصبحت غير سارية بسبب تغييرات في الظروف الشخصية.
هناك أيضًا سيرج باجمبولا، عندما سافر إلى بروكسل بتأشيرة طالب عام 2009، لم يتخيل أبدا أنه بعد مرور 10 سنوات سيكون متواجدًا داخل الدولة بصورة غير قانونية.
باجمبولا (56 عامًا) جاء إلى بلجيكا من موطنه الأصلي برازافيل عاصمة جمهورية الكونغو من أجل دراسة الماجستير، لكن عندما انتهت دورته، دفعه الوضع السياسي المتدهور وفرص العمل القليلة في بلده للبقاء، والآن هو جزء من حركة للعمال غير المسجلين في بلجيكا، التي تسعى للحصول على مزيد من الحقوق والاعتراف بمساهماتهم الاقتصادية.
يعتبر السؤال حول ما يفعل حيال طلبات اللجوء المرفوضة وباقي سكان الظل في أوروبا أحد الأسئلة التي تتجنبها الحكومات، حتى أن نوبات الخطب العدائية والأهداف غير الواقعية، مثل تعهد بعض الحكومات بطرد نصف مليون من المهاجرين، تحجب فشلا بنيويا في التعامل مع الجوانب العملية للأزمة.
وآخر شيء يريدون الاعتراف به هو أن هناك أناسا ليسوا فقط غير مسجلين، بل أيضًا غير مشمولين في التعداد وغير ملاحظين في كثير من الأحيان.
حجم سكان الظل في أوروبا غير معروف، لكن يقدرها الخبراء بأعداد هائلة ومتزايدة، والجهد الأكثر شمولية لتقديرها كان عبر برنامج موله الاتحاد الأوروبي، حيث قدر أعداد المهاجرين غير الشرعيين بما بين 1.9 مليون و3.8 مليون في 2008.