السياحة سنة 2100.. كل شيء سيتغير بفعل المناخ
باحثون يرون أن تطور الاحتباس الحراري سيؤدي إلى تزايد حالات الظواهر الجوية الشديدة وسيمتد أيضا إلى الوجهات السياحية الشهيرة.
السياحة في سنة 2100 قد تختلف بكل تأكيد عن التي نعيشها اليوم، خاصة مع الدعوات الرامية إلى مزيد من حماية الأرض من مخاطر الاحتباس الحراري الذي من شأنه تغيير وجه الأرض بالكامل، وبالتالي قد تختفي مدن وتذوب جبال وتظهر شواطئ جديدة.
فالمناظر الطبيعية الخلابة من أهم عوامل الجذب السياحي، والتي تدفع المرء للسفر والارتحال إلى مناطق بعيدة عن موطنه، مثل الجبال المغطاة بالثلوج أو الغابات المطيرة أو الشعاب المرجانية الملونة، غير أن تغير المناخ يشكل تهديدا كبيرا للمقاصد السياحية حاليا، كما تزداد هذه التهديدات في المستقبل.
ويرى الباحثون أن تطور الاحتباس الحراري سيؤدي إلى تزايد حالات الظواهر الجوية الشديدة، التي لا يقتصر تأثيرها على سبل العيش لكثير من الأشخاص فحسب، بل سيمتد تأثيرها أيضا إلى الوجهات السياحية الشهيرة، حيث يمكن أن تتعرض الشواطئ للفيضانات، بالإضافة إلى انتشار حرائق الغابات بكثرة.
طقس شديد
وأوضح فولفجانج جونتر، خبير السياحة المستدامة بمعهد أبحاث السياحة في شمال أوروبا، قائلا: "يزداد تأثير الأحداث الشديدة المتعلقة بالطقس، والتي ترتبط أساسا بتغير المناخ".
ويظهر تأثير ذلك على الوجهات السياحية الشهيرة في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، التي تشتهر باسم "Sunshine State"؛ حيث أشار باحث المناخ هانز يواكيم شنيلهوبر إلى تزايد ظاهرة الجفاف وحرائق الغابات خلال عام 2018.
وأضاف المدير المؤسس السابق لمعهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ قائلا: "على المدى الطويل ستصبح المقاصد السياحية في البحار الجنوبية غير صالحة للسكن؛ لأن الجزر سوف تغمرها الفيضانات أو تصبح مياهها العذبة مالحة، إذا لم يتم خفض معدل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بسرعة". كما أن مدينة الأحلام فينيسيا الإيطالية معرضة أيضا لمثل هذه التهديدات.
وأشار الخبير الألماني إلى أن تأثيرات تغير المناخ لا تتوقف عند المقاصد السياحية البعيدة، بل قد يواجه السياح تزايد الفيضانات في الأنهار والبحار في بلدانهم، كما تمتد فترات الطقس الحار على غير المعتاد، مع هطول الأمطار بغزارة وهبوب العواصف الشديدة وانتشار حرائق الغابات.
وتؤثر ظواهر الطقس السيئ على البنية التحتية في الوجهات السياحية الشهيرة مثل الشواطئ ومسارات التجول، فإذا تم تدمير هذه المنشآت بسبب الظواهر الجوية، فإنها ستتكلف أموالا باهظة لإعادة بنائها، فمثلا في منطقة هيليجنهافن تم تجريف الشاطئ بالكامل بسبب العواصف خلال كانون الثاني/يناير الماضي.
ارتفاع مستوى سطح البحر
ويتوقع الباحثون بمعهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ أن يرتفع مستوى سطح البحر بمقدار واحد متر مع حلول عام 2100، وعندئذ ستهب العواصف في مستوى أعلى، وأضاف فولفجانج جونتر أنه على المدى الطويل يتعين على المرء أن يسأل نفسه عن مواقع المنشآت والبنية التحتية السياحية، وعن كيفية الحفاظ على هذه المنشآت.
وإذا استمر ارتفاع درجات حرارة الماء والهواء بسبب الاحتباس الحراري خلال العقود المقبلة، فإنه قد يؤدي إلى العديد من الآثار الخطيرة، ومن ضمن هذه الآثار انتشار الطحالب على الشواطئ، التي تنتشر وتتكاثر بشدة في ظل درجات الحرارة من 22 إلى 25 مئوية.
وأضاف فولفجانج جونتر قائلا: "من الواضح أن ارتفاع درجات حرارة البحار يؤدي إلى تغيرات في النباتات والحيوانات؛ حيث تستفيد قناديل البحر من ذلك، إلى جانب الطحالب، وذلك من خلال وفرة المغذيات". وقد لا تكون الطحالب الخضراء مزعجة على الشواطئ الألمانية بالقدر نفسه الذي تظهر به على شواطئ البحر الكاريبي في المكسيك، وهو ما حدث مؤخرا حول المنتجعات السياحية في كانكون وتولوم، على الرغم من اعتقاد الباحثين أن الزيادة الكبيرة في أعداد السياح هي التي تسببت في ظهور المشكلة على الشواطئ المكسيكية.
تدمير الشعاب المرجانية
ويرى عالم المناخ هانز يواكيم شنيلهوبر أن تدمير الشعاب المرجانية في البحار والمحيطات يعد من الأخطار الأخرى لتزايد ظاهرة الاحتباس الحراري؛ حيث تتعرض الشعاب المرجانية للخطر في المناطق الحارة والأقاليم المدارية، مثل الحاجز المرجاني قبالة أستراليا؛ حيث تغير لون الشعاب المرجانية بطول أكثر من 2300 كلم في عامي 2016 و2017 بسبب ارتفاع درجة الحرارة من جراء تغير المناخ، بالإضافة إلى موت كميات هائلة من الشعاب المرجانية.
ولا تقتصر عواقب تغير المناخ على الوجهات السياحية في المناطق الحارة فحسب، بل إنها تمتد أيضا إلى المناطق المغطاة بالثلوج، وأوضح هانز يواكيم شنيلهوبر قائلا: "تتأثر المناطق الباردة بتغير المناخ بشدة حاليا؛ حيث يؤدي ارتفاع درجة الحرارة إلى ذوبان الجليد في جبال الألب والقطب الشمالي، وهو ما يسميه العلماء ذوبان الجليدي الأبدي".
ومن ضمن النتائج المباشرة للاحتباس الحراري انتظار عشاق الرياضات الشتوية لفترة من الوقت حتى تتراكم كمية كافية من الثلوج، وهناك العديد من منتجعات التزلج بدأت تعتمد على الثلج الاصطناعي.
ويرى الخبراء أن النشاط السياحي يزيد من مشكلة الاحتباس الحراري؛ حيث تؤدي رحلات الطيران إلى زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغازات الاحتباس الحراري الأخرى.