"الأسطى دنيا" لـ"العين الإخبارية": أنا أول "ميكانيكية سيارات" بالإسكندرية
دنيا أشرف اجتازت كل الصعاب، وتصدت لجميع الانتقادات بكل صبر، واستطاعت أن تخترق مهنة الرجال في مجال الميكانيكا بقدراتها الفنية الفائقة.
مهنة شاقة مشهود لها منذ زمن طويل بأنها حكر على الرجال، لا أحد يتخيل أن يأتي يوم وتستطيع فتاة أن تتصدى لهذه الأعمال التي لا تحتاج مجهودا عضليا فحسب؛ بل تتطلب أيضا التعامل مع شريحة كبيرة من الحرفيين والعملاء الذكور.
المصرية "دنيا أشرف"، صاحبة الـ23 عاما، استطاعت اقتحام عالم ميكانيكا السيارات لتصبح وظيفتها "فني سيارات".
بنت الإسكندرية التي لم تتخرج في كلية الهندسة واكتفت بشهادة الكلية التكنولوجية "معهد فني صناعي"، تروي لـ"العين الإخبارية" قصة دخولها عالم ميكانيكا السيارات، وكيف أصبحت أول مدربة لطلاب الأكاديمية البحرية بقسم السيارات في الإسكندرية، وأبرز الصعوبات التي تعرضت إليها..
وإلى نص الحوار.
متى بدأ يراودك حلم العمل في ميكانيكا السيارات؟
لم يكن في خاطري إطلاقا، ولعبت الصدفة دورا في ذلك، كل ما في الأمر أنني كنت متفوقة خلال دراستي، حتى حصلت على شهادة "الثانوي الصناعي" قسم ملابس، بتفوق، وبعد ذلك قدمت أوراقي الدراسية لمعهد التكنولوجيا للانضمام لشعبة الكمبيوتر، لكن لم أستطع الالتحاق به لاكتمال العدد بهذا القسم، ولم أجد أمامي سوى قسم السيارات، الذي تفوقت فيه دراسيا بالمجالين النظري والعملي، من يومها قررت أن أخوض هذه التجربة دون خوف أو تردد.
حديثنا عن خطوتك الأولى في عالم أعطال السيارات؟
واجهت صعوبات كثيرة واعتراضات بالجملة بعد انتهاء دراستي بالمعهد الفني المتوسط، كثيرون في عائلتي طلبوا مني إجراء معادلة علمية والحصول على بكالوريوس هندسة قسم سيارات، وآخرون طلبوا مني الابتعاد عن هذا المجال لأنه "للرجال فقط"، لكن إصراري على النجاح وإثبات الذات منحني القوة على مواجهة الصعاب، حتى جاء اليوم وبدأت تطبيق دراستي في ورشة بشارع 45 بالإسكندرية، بجوار المنزل.
هل تحتفظين بذكريات أول يوم عمل؟
كان لديً شعور مختلف، لا يمكن وصفه، لكن الذي كان واضحا أمامي هو تحقيق ذاتي وإثبات قدرتي للجميع على أنني أستطيع النجاح في هذا المجال، فأنا أتذكر يومها جيدا خلعت الملابس التقليدية للفتاة المصرية وارتديت "عفريتة الشغل"، وفور وصولي لمركز الصيانة التي بدأت العمل به، لقبني صاحب العمل بـ"الأسطى دنيا"، وهذا لم يزعجني على الإطلاق بل على العكس، جعلني انخرط سريعا في المهنة، ويوما وراء الآخر مارست عملية الصيانة، حتى أصبحت قادرة بمفردي على التصدي لكافة الأعطال بسهولة ويسر، بل وصل الأمر إلى تدريسها لطلاب الأكاديمية البحرية في الإسكندرية.
كيف أصبحتِ أول مدربة ميكانيكا سيارات في الإسكندرية؟
حصلت على منحة بالأكاديمية البحرية بالإسكندرية لفترة ليست طويلة، تعرفت خلالها على عميد الهندسة، الذي أعبجبته قدراتي الفنية، وقرر فتح المجال أمامي بشكل أكبر، وجعلني أدرب الطلاب بقسم السيارات حتى أرفع من قدراتهم، فوصولي لهذه الوظيفة الأكاديمية يثبت لي وللجميع أنني نجحت في اقتحامي مجالا كان حكرا فقط على الرجال، والأيام المقبلة ستشهد تطورا كبيرا بالنسبة إلى الفتيات المصريات في هذا الشأن.
إذن يمكنكِ إصلاح أنواع السيارات كافة؟
نعم، فمنذ انخراطي في المهنة بدأت أتعلم على "موديلات" ميعنة، لكن بعد فترة وجيزة استطعتُ صيانة علامات تجارية متعددة، منها السيارات الأمريكية المعقدة نسبيا في إصلاحها، فهي ذات مكونات ضخمة نسبيا، وقطع غيارها صعبة الفك والتركيب، ومع استمرار الوقت أصبحت متمكنة في صيانتها حتى أطلق عليّ داخل سوق العمل "دنيا أمريكا"، وأريد أن أوضح أن الأقرب إلى قلبي المركبات الألمانية، فحاليا لديً قدرات تعطيني التعامل مع جميع الطرازات.
هل تعرضتِ لمضايقات في مجال عملك لكونك فتاة فقط؟
كثيرا، كان البعض يحاول إبعادي عن هذا المجال بحجة إنني غير قادرة، فكانت أبرز الكلمات التى سمعتها: "الشغلانة دي عايزة راجل.. بلاش تبقى ورشجية.. المهنة دي هتوقف حالك في الجواز.. الناس هتقولك يابلية وهيبقى شكلك وحش"، لكني سددت أذني وركزت فقط في طرق وآليات النجاح، وكيفية السير خلف المشجعين المساندين، والابتعاد عن المحبطين الهدامين، وبالفعل في نهاية المطاف وضعت قدمين ثابتتين على أول طريق الحلم.. "ولسة السكة طويلة".
إلى أين تتوقعين أن تصل بك "السكة" في هذه الوظيفة؟
أنا أحلم على المدى القريب أن أكون صاحبة أكبر مركز نسائي في مصر لتصليح أعطال السيارات، وأستطيع من خلاله تشغيل أكبر نسبة من الفتيات المصريات، أما في المستقبل، فأنا أتمنى السفر إلى ألمانيا، وأفتتح أكبر مركز عالمي لإصلاح السيارات، بها وأحقق حلمي الكبير هناك، أنا حاليا أعمل على هذا، وقريبا إن شاء الله سأكون قد اتخذت خطوات ملموسة في هذا الصدد.