"دبلوماسية القطارات".. أزمة أوكرانيا تحيي وقائع تاريخية
لا تتوقف الحرب الدائرة في أوكرانيا عن إعادة الحياة لأحداث ومسميات قديمة ظن كثر أن زمانها ولى في ظل التقدم التكنولوجي والعلمي الكبيرين.
فبعد إحياء مصطلحات مثل الحرب الباردة، والصراع بين روسيا والغرب، وعصر الإمبراطوريات وغيرها من المسميات التي تلمس تاريخا قديما، تعيد إحياء ما يعرف بـ"دبلوماسية القطارات".
ونظرًا لأن المجال الجوي الأوكراني مغلق أمام الطائرات، لا يمكن للسياسيين الأجانب السفر إلى كييف إلا بالقطار، لتقديم الدعم للحكومة الأوكرانية، أو تفقد أوضاع البلاد.
أحدث رحلة
وآخر الرحلات في هذا الإطار، قام بها، اليوم الخميس، المستشار الألماني، أولاف شولتز، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي، إلى كييف.
وفي الـ8:29 صباح اليوم، بتوقيت كييف، توقف قطار ليلي بصوت خافت في محطة قطارات كييف المركزية، وعلى متنه المستشار الألماني أولاف شولتز (64 عاما)، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (44 عاما)، رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي (74 عاما).
وكانت العربة الصالون الخاصة بالمستشار الألماني في نهاية القطار. فيما تقع عربة إيمانويل ماكرون في المنتصف. ووصل دراجي متأخرا ساعة تقريبا إلى القطار، وكانت عربة الصالون الخاصة به تقع خلف عربة القيادة مباشرة في الأمام.
مباحثات
وأثناء الرحلة التي استغرقت ١١ ساعة، كان لدى ماكرون ودراجي وشولتز الكثير لمناقشته حول تزويد كييف بأسلحة وانضمامها إلى الاتحاد الأوروبي؛ ففي الساعة 12:54 صباحًا، التقى الثلاثة في صالون ماكرون.
وكان الصالون الفرنسي مؤثثا بكراس وستائر مخملية والكثير من الخشب الداكن، وتحدث فيه الزعماء الثلاثة على انفراد لمدة ساعة و20 دقيقة.
وفي تمام 2:17 صباحًا، سار شولتز في الممر إلى مقصورته، ليحصل على بضع ساعات من النوم، بينما يسير القطار على الطريق، ويتباطأ مرارًا وتكرارًا، وفق صحيفة بيلد الألمانية.
دبلوماسية القطارات
ويوجد ملصق بعنوان "دبلوماسية القطارات" معلق في الممر داخل القطار الذي حمل السياسيين الثلاثة، وصور السياسيين الذين سافروا تحت جنح الظلام في أحد هذه القطارات الليلية الأوكرانية، إلى كييف.
يمكنك أن ترى في لائحة الصور، رئيسة المفوضية الأوروبية أرسولا فون دير لاين، ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، وبوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا. وفي الزاوية اليمنى، زعيم الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني فريدريش ميرتس. ويمكن إضافة صور شولتز وماكرون ودراجي قريبًا.
ويعيد مشهد إجراء زعماء الدول مباحثات في عربات القطارات، والتنقل بها بغرض سياسي في عالم تطور كثيرا في صناعة الطيران، ما حدث في عام 2018 في غابة واقعة شمال فرنسا.
ففي ذلك العام، ولأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، اجتمع زعماء ألمانيا وفرنسا في الغابة التي شهدت توقيع اتفاق الهدنة الذي أنهى الحرب العالمية الأولى.
ففي احتفال مؤثر قبل يوم من حلول الذكرى المئوية لتوقيع اتفاق الهدنة، جلس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية (آنذاك) أنجيلا ميركل داخل عربة القطار التي أُعيد بناؤها والمبطنة بالخشب التي وُقع فيها اتفاق الهدنة ثم طالعا كتابا للذكرى، في علامة على أن عصر الخلاف الأوروبي قد ولى.
وفيما كان يعد انتصار لفرنسا في الحرب العالمية الأولى، وقع وفد ألماني اتفاق الهدنة في الحادي عشر من نوفمبر/ تشرين ثاني عام 1918 في القطار الخاص بقائد القوات الفرنسية فرديناند فوش والذي كان يقف على شريط للسكة الحديد يمر في غابة كومبيانيه، في أول ملامح ما يعرف بـ"دبلوماسية القطارات".
بعدها، اختار الزعيم الألماني أدولف هتلر نفس المكان ليعلن منه في عام 1940 استسلام فرنسا في الحرب العالمية الثانية، ثم قام بتدمير العربة التي أُعيد بناؤها بعد نهاية الحرب.
aXA6IDMuMTQ2LjIwNi4yNDYg جزيرة ام اند امز