خبراء الترجمة: سمعة الأدب العربي تحسنت بفضل الجوائز
وزير الثقافة المصري السابق الدكتور عماد أبوغازي استعرض جهود الترجمة في مصر منذ تأسيس مدرسة الألسن خلال عهد محمد علي وحتى الآن
أكد خبراء في دراسات الترجمة تحسن وضع الأدب العربي في الخارج بفضل الجوائز الأدبية العربية التي أسهمت في إبراز وترويج الكتب الفائزة، ولكنهم أشاروا إلى الحاجة لمزيد من الجهود التي تسهم في التواصل مع الثقافة العالمية، واستعرضوا التهديدات التي تواجه مهنة الترجمة بسبب التقنيات والتطبيقات الجديدة.
جاء ذلك خلال احتفال نظمه مركز دراسات الترجمة التابع للجامعة الأمريكية بالقاهرة، الأربعاء، بذكرى مرور 10 سنوات على تأسيسه، وبهذه المناسبة تم إطلاق كتاب "أنطولوجيا الترجمة" الصادر عن دار "الكتب خان" بالقاهرة، وهو من إعداد وتحرير دكتورة سامية محرز أستاذة الأدب العربي بالجامعة الأمريكية ومؤسسة ومديرة مركز دراسات الترجمة.
ووصفت ليزا أندرسون، الرئيسة السابقة للجامعة الأمريكية بالقاهرة، في رسالة، رحلة المركز بأنها "استثنائية"، وقالت إن المركز بمثابة شهادة على مدى أهمية وضرورة الفهم، وإنه أحد المكونات الجوهرية لرسالة الجامعة.
واستعرض وزير الثقافة المصري السابق الدكتور عماد أبوغازي، في كلمة قدمها بعنوان "الترجمة إلى العربية في مصر: نظرة تاريخية"، جهود الترجمة في مصر منذ تأسيس مدرسة الألسن خلال عهد محمد علي وحتى الآن، وأشار إلى أن الاهتمام بالترجمة يقترن دائما بالنهضة.
وشرح مراحل تأسيس المشروع القومي للترجمة في مصر، وقال "شهد العالم العربي في السنوات العشرين الأخيرة بزوغ عدد من مشروعات الترجمة ومؤسساتها ومراكزها".
وتساءل أبوغازي "هل تنجح مثل هذه المشروعات في تغير الصورة الكئيبة لوضع الترجمة إلى العربية؟ وهل تسهم في زيادة نصيب العالم العربي من الترجمة؟ وهل يمكن أن تلعب الترجمة دورا في تجاوز الأزمة المعرفية العربية الراهنة؟".
وتابع "إذا كانت الترجمة ظلت عبر العصور ضرورة لازمة لتحقيق النهضة في كل المجتمعات الساعية إلى التطور، فقد تزايدت ضرورتها في عصر العولمة وثورة المعلومات والاتصالات، وصارت شرطا من شروط سد الفجوة المعرفية بين المجتمعات".
وعرضت سامية محرز، مديرة مركز دراسات الترجمة، محتويات الكتاب الذي صدر بمناسبة مرور 10 سنوات على تأسيس المركز، والذي كان عنوان الجزء الأول منه "المترجم: ذكريات وشهادات وانطباعات"، وتضمن شهادات وانطباعات لمترجمين بارزين من العربية إلى الإنجليزية، وكذلك من الفرنسية والإيطالية إلى العربية.
أما الجزء الثاني فحمل عنوان "الترجمة والهجرة والهوية"، ويجمع المقالات التي تركز بشكل أساسي على العلاقة بين الترجمة والسلطة والهوية في العالم تحت ظل العولمة.
وحمل الجزء الثالث عنوان "الترجمة الأدبية: تحديات وفرص"، وركز على الضغوطات المتغيرة الواقعة على الأدب العربي، أما الجزء الرابع فجاء بعنوان "العبور بالحِمل: اللغة والثقافة والبيان"، ويتناول عدة استراتيجيات وتحديات تواجه فعل العبور من ثقافة لأخرى.
وحمل الجزء الخامس عنوان "الترجمة عبر الحقول المعرفية"، وشمل الجزء السادس وهو بعنوان "خشبة المسرح وشاشة العرض واللغة البينية" مقالات تطبيقية أنتجها باحثون في الترجمة ومترجمون في الحقول البصرية والأدائية.
وتحدثت منى بيكر، أستاذة دراسات الترجمة بجامعة مانشستر حول دراسات الترجمة وقالت "نحن في حاجة لتبني فهم أوسع للترجمة ووضع خطاب واقعي منفتح للدراسين من الحقول المعرفية الأخرى ولعامة الجمهور كذلك"، واعتبرت أن المركز نجح في خلق فرص جديدة لتوسيع نطاق المجال وربطه مع العديد من المجالات الأخرى.
وأضحت بيكر اتساع حقل دراسات الترجمة، حيث أصبح يستوعب المزيد من القضايا والسياقات، بما فيها موقع المترجم من صناعة النشر العالمي، والترجمة داخل تكتلات المؤسسات الإخبارية، والمنظمات الدولية والقومية، وفي صناعة الأفلام، وفي الشركات متعددة الجنسيات.
وشرحت التهديدات التي تواجهه مهنة الترجمة من خلال التقنيات والتطبيقات الجديدة، والاستعانة بترجمات الجمهور وأثر ثقافات الوسائط الإعلامية الجديدة والتقنيات الجديدة على جميع جوانب الترجمة.
وتناول أنور مغيث، مدير المركز القومي للترجمة، السياسات الحاكمة لحقل الترجمة، ولاحظ أن المجال محكوم بتدخل الدولة في تجارب النهضة المصرية والدول المجاورة، كما أن الدول الأجنبية تدعم ترجمة الكتب الصادرة في الثقافة المحلية إلى اللغات الأجنبية، بينما الأصل في الأمر هو أن الثقافة المستقبلة هي التي تختار بحرية ما تحتاج إلى ترجمة من الإنتاج الفكري والأدبي للثقافات الأخرى.
ولكن ما يحدث بالفعل هو أن الدول تتدخل لدعم إشعاعها الثقافي على الساحة العالمية، ويتجلى ذلك في صور لدعم المقدمة للناشرين والمترجمين لتشجيعهم على الترجمة، مثلما يفعل معهد جوته أو المعهد الفرنسي، وكذلك تخصيص صندوق لإعطاء منح للمترجمين للإقامة في البلد لفترة معينة، بل دعم إنشاء أقسام للغة البلد في الجامعات الأجنبية لإعداد مترجمي المستقبل.
وقال مغيث إن ترجمة الأعمال العربية إلى لغات أجنبية يعكس رغبة موجودة لدى الجمهور العام ولدى الدولة على السواء.
وتابع أنه على الرغم من شكوى الدولة والجمهور من تشويه صورة العرب في وسائل الإعلام الغربية، وهي شكوى في محلها، إلا أننا لا نجد أي ميزانية مخصصة لدعم ترجمة الكتب من العربية إلى اللغات الأجنبية، ورغم وجود بعض صور الدعم لدى بعض دول إلا أنها غير كافية وتفتقر إلى التنسيق.
واختتمت الندوة بكلمة للمترجم همفري ديفيز، حيث قال إن وضع الترجمة الأدبية من العربية إلى الإنجليزية أصبح أقوى بصورة جوهرية، كما أن قيمة الأدب العربي تم الاعتراف بها على نطاق أكثر اتساعا ووضوحا في العالم المتحدث بالإنجليزية.
واستشهد بمؤشر واحدٍ فقط ليدلل على تحسن وضع الأدب العربي المترجم إلى الإنجليزية، عبر النظر إلى أحدث قائمة أعمال على "رف الكتب العالمي" المنشورة والمدعومة ماديا من نادي القلم الدولي بالمملكة المتحدة، وهو الذراع البريطانية لرابطة الكتاب العالمية PEN International، حيث إن القائمة التي تحتوي على 24 كتابا تضم 4 كتب مترجمة من العربية، ولم تحقق لغة غير الإسبانية هذا الحضور، بينما ظهرت اللغات الأخرى ممثلة بعدد أقل.
وأقر ديفيز بأن الجوائز الأدبية العربية أسهمت، في إبراز وترويج الكتب الفائزة، والتي غالبا ما تُرجمت بعد فوزها.
وأكد أن هناك حضورا متزايدا للأدب العربي في سوق الكتب الإنجليزية منذ 2013، ليشمل أعمالا سابقة للعصر الحديث.
وتابع "نجد سلسلة مكتبة الأدب العربي، وهي سلسلة مختصة بنشر نصوص عربية بمصاحبة ترجمتها الإنجليزية تحتوي الآن على 25 عنوانا متنوعة.