في يومها العالمي.. كيف غير أنيس عبيد وجه الترجمة في صناعة السينما؟
في ثقافتنا المعاصرة تبرز 3 أسماء لامعة في مجال الترجمة، ساهم أصحابها بشكل كبير في الربط بين الأدب والسينما وما يعربف بـ"كتب الجيب".
على رأس هذه الأسماء عمر عبدالعزيز أمين، المترجم المعروف الذي أسس كتاب الجيب في عام 1936، وقدم بعده مجلة "الاستديو".
ثم يأتي حلمي مراد الذي أسس سلسلة "كتابي" ومطبوعات كتابي، من السلاسل التي وضعت حجر أساس الثقافة الشعبية في العالم العربي.
أما الثالث فهو أنيس عبيد، الذي أسس أهم مؤسسة عربية لترجمة الأفلام الأجنبية، ما جعل الملايين من المشاهدين يفهمون قصص الأفلام التي تُعرض باللغة الأجنبية.
تجمع أعمال هؤلاء الرجال بين الأدب والسينما، إذ لعبوا دورًا ثقافيًا مهما في توصيل المعرفة للجماهير، ورغم رحيلهم وتقلص نشاط المؤسسات التي أسسوها، لا يزال أثرهم واضحًا في الساحة الثقافية.
ويعتبر أنيس عبيد الأشهر بينهم، إذ جعله شغفه بالسينما يترك دراسته في الهندسة لينقل تجربة الترجمة إلى بلاده بعد أن استلهمها من خلال تجربته في باريس أثناء الحرب العالمية الثانية.
الترجمة السينمائية
في البداية، لم تكن هناك مشكلة في عرض الأفلام الناطقة، حيث كانت تُعرض للجمهور الناطق بالإنجليزية أو الفرنسية.
ومع ظهور الأفلام للجمهور في البلدان التي تتحدث لغات أخرى، برزت حاجة لوجود مترجمين يُعلّقون على المشاهد، ولكن هذه الظاهرة لم تدم طويلاً.
أدرك أنيس عبيد، الذي درس في باريس، أنه يمكن نقل تجربته إلى بلاده، فتعلم فنون الترجمة وصنع آلة بدائية لكتابة الترجمة بالعربية.
بفضل تجربته، تمكن عبيد من جذب الانتباه لضرورة وجود ترجمة مناسبة للأفلام، خاصةً أن التوزيع الأجنبي للأفلام كان يسعى لزيادة عدد المشاهدين.
بدأ في ترجمة أفلام قصيرة، وتوسع في عمله ليشمل أفلامًا ذات شعبية مثل «روميو وجولييت» و«ذهب مع الريح».
في ذات الفترة، قام المخرج أحمد كامل مرسي بعمل تجربة مهمة في الدبلجة العربية، مما يوضح أن هناك تجارب متعددة تسير جنبًا إلى جنب.
وفي تلك الفترة كانت السينما المصرية تعج بالأفلام الأجنبية من دول متعددة، حيث كانت الترجمات تتم غالبًا بلغة عربية صحيحة وبأسلوب سلس بعيد عن اللهجات.
توسعت نشاطات أنيس عبيد بعد تأسيس التلفزيون العربي، مما أتاح له فرصًا أكبر لتوزيع الترجمات على نطاق أوسع. كان التزامه بالترجمة بلغة عربية سليمة يعكس تفانيه في العمل ورغبته في احترام جمهور المشاهدين.
تطور الترجمة في مصر
خلال نشاطه، شهدت شركة أنيس عبيد مراحل عديدة من التطور في الترجمة وآلياتها. ومع تغيير الظروف الاجتماعية والثقافية في مصر بعد عام 1967، بدأت الترجمات تقتصر على اللغة العربية فقط. ومع ظهور شركات جديدة، بدأت ترجمة الأفلام تنتقل إلى سطور متعددة، وهو ما لم يكن موجودًا سابقًا.
أنيس عبيد كان من الشخصيات البارزة في مجال الترجمة السينمائية، حيث حافظ على استخدام لغة عربية راقية وسلسة تتناسب مع جمهور المتلقين، مُتجنبًا استخدام اللهجات المحلية التي قد تؤثر على فهم الرسالة الأصلية للأفلام.
ومع ظهور التقنيات الحديثة والترجمات الإلكترونية، بدأت ظاهرة الترجمة تتعرض لتحديات جديدة، إذ انتشرت ترجمات سيئة عبر الإنترنت، ما أثار تساؤلات حول معايير الترجمة وأهمية الحفاظ على جودة اللغة المستخدمة.
ومع ذلك، تظل إسهامات أنيس عبيد نقطة انطلاق لفهم تأثير الترجمة في الثقافة السينمائية العربية، ومؤشرًا على أهمية الالتزام بالمعايير اللغوية والأدبية في هذا المجال.