أبرز 10 أعمال أدبية ألمانية خلال الـ50 عاما الأخيرة
الأدب هو مرآة أي مجتمع، لذلك يمكن من خلال الروايات التعرف على جميع التحولات التي عاشها الأدب الألماني.
رشح المترجم المصري البارز سمير جريس 10 أعمال أدبية اعتبرها أهم ما صدر عن اللغة الألمانية في النصف قرن الأخير.
وُلد جريس في القاهرة عام 1962، ودرس اللغة الألمانية وآدابها في القاهرة وجامعة ماينتس بألمانيا، ويعد أحد أبرز مترجمي اللغة الألمانية، ونال عدة جوائز عن أعماله، ويعمل الآن مترجماً بالبرلمان الألماني،
ترجم سلسلة من الأعمال الأدبية الألمانية المعاصرة إلى العربية؛ منها: "عازفة البيانو" للكاتبة النمساوية إلفريده يلينك الحائزة على جائزة نوبل عام 2004، و"الكونتراباص" للكاتب الألماني باتريك زوسكيند، وحصل في عام 2014 على جائزة الترجمة الأدبية من الألمانية إلى العربية من معهد جوته بالقاهرة، كما نال في عام 1996 الجائزة الأولى في ترجمة القصة من المجلس الأعلى للثقافة في مصر ، وفيما يلي قائمة اختياراته..
1- "الطبل الصفيح"
للكاتب جونتر جراس، نُشرت عام 1959، وتدور القصة حول حياة أوسكار ماتزيراث، كما يرويها بنفسه، عندما يحجز في مستشفى للأمراض العقلية خلال السنوات 1952 - 1954.
رسم فيها جراس شخصية فريدة في الأدب العالمي: شخصية القزم أوسكار الذي يرفض النمو، ويفضح عالم الكبار الزائف من طريق التطبيل والصراخ القادر على تحطيم الزجاج، بهذه الشخصية القزم، الرافضة عن وعي قيم البطولة والعظمة.
وجّه جراس نقداً لاذعاً إلى مجتمعه في فترة النازية، وما أعقبها من محاولة الملايين التطهر من الذنب النازي عبر إنكار مشاركتهم فيه أو إنكار حدوث جرائم النازيين أصلاً.
وواجهت الرواية رفضاً شديداً؛ حيث وصف جراس بأنه كاتب إباحي ولا أخلاقي ولا ديني، لكن التاريخ الأدبي أنصفها ووُضعت في مصاف رواية جوته التعليمية "فلهلم مايستر" ورواية توماس مان الكبيرة "الجبل السحري"، وأثرت في كُتاب عالميين، مثل: سلمان رشدي، وجون إرفينج ونادين جوردايمر الذين اعترفوا بأن أوسكار كان ملهماً لهم في الكتابة.
2- "حصة اللغة الألمانية"
للمؤلف زيجفريد لينتس، تروي الرواية سيرة "زيجي يبسن" وهو نزيل بإحدى دور رعاية وإصلاح الشباب صعب المراس, يتعين عليه أن يكتب مقالاً لحصة اللغة الألمانية عن موضوع "السعادة بالالتزام"، وهو لا يجد صعوبة في ذلك, فليس هناك من يعرف عن هذا الموضوع أكثر منه؛ فقد كان والده يعمل في "قسم الشرطة الكائن في أقصى شمال ألمانيا", وكان متفانياً لا يتراجع عن أداء الواجب, حتى إنه لم يتردد لحظة في إلقاء القبض على صديقة نازين الرسام العالمي الشهير، والذي وقع النازيون عليه عقوبات ومنعوه من مواصلة الرسم, بل إن والده أشرف بنفسه على التزام صديقه بتنفيذ العقوبة.
كان زيجي لا يزال طفلاً آنذاك, ولكنه أصبح شاهداً على حرب هادئة وفي الوقت ذاته شديدة القسوة، لم يكن ليخالف والده، فهو سيظل والده في نهاية المطاف، ولكنه ظل يحمل في قلبه ميلاً لهذا الرسام ولوحاته الغنية بالألوان، كتب زيجي مقالته الألمانية التي أصبحت في ذاكرته بمثابة تقرير عن حياته ومحاولة لفهم الذات، وفي عام ١٩٦٨ ظهرت هذه الرواية المثيرة والجذابة لتحقق نجاحاً منقطع النظير.
3 - "نموذج طفولة"
للكاتبة كريستا فولف، صدرت عام 1976، وهي بحسب جريس واحدة من أهم الروايات الألمانية في القرن الـ20 وترجمتها إلى العربية هبة شريف وصدرت عام 1999 عن دار شرقيات بالقاهرة.
في الرواية تحاول فولف الإجابة عن السؤال الذي شغل جيلها كله، في الشرق كما في الغرب: كيف انساق الناس آنذاك وراء أيديولوجية هتلر الفاشية العنصرية؟.. قدمت فولف في"نموذج طفولة" محاولة صادقة شديدة الذاتية لتفسير ما حدث، لا لتبرير ما حدث، وخلال هذه المحاولة اكتشفت الكاتبة في طفولتها ولدى عائلتها "نماذج" التكيف مع المجتمع ومع السلطة القامعة.
4- "جواد هارب"
مؤلفها الروائي الألماني "مارتن فالزر" إحدى الشخصيات الأساسية في الأدب الألماني المعاصر ويسمى "صائد الجوائز " حيث لا توجد جائزة أدبية مهمة لم يحصل عليها، فخلافاً لمعظم زملائه الذين يكرمون مع تقدمهم في العمر، حظي فالزر بالتكريم وهو بعد في سنوات الشباب، وعندما وصل مشارف الـ50 كان قد نال أهم الجوائز الأدبية في ألمانيا من جائزة هرمان هيسه مروراً بجائزة شيلر وصولاً إلى جائزة بوشنر.
وفي منتصف السبعينيات نشر فالزر إحدى أشهر رواياته بعنوان "جواد هارب" والتي باعت حتى الآن ما يزيد على مليون نسخة، وتتناول حياة الزوجين "زبينة وهلموت" اللذين يشعران بالملل في حياتهما الزوجية، وفي روايته قدم فالزر صورة متقنة لجيل من المتمردين استكان واستسلم وتوقف عن التمرد.
5- "مونتاوك"
كتبها ماكس فريش "1911 - 1991" وهو من أعظم أدباء النمسا, كاتب مسرحي وروائي، عُرف اسمه بروايته شتيلر عام 1954، كما أوجدت له كلا من روايتيه "هومو فابر" و"ماين نامه زي جانتنباين (اسمي جانتنباين) مكانة متميزة ككاتب نثري، تعرف على الأديب الألماني الكبير برتولت بريشت مما كان له أثر كبير في حياته.
دائماً ما كان ماكس يختار الموضوعات التي تتعلق بهوية الإنسان، وأيضاً الموضوعات المتعلقة بعلاقة الرجل بالمرأة، وتحاول الشخصيات في أعماله أن تبحث عن هويتها، كما يحاولون تحقيق ذواتهم وأن يكونوا أنفسهم.
روايته "مونتاوك" الصادرة عام 1975 مكتوبة بلغة أشبه بلغة الإرشادات السينوغرافية في المسرحيات، وهي قصة مكان صغير على قمة لونج أيلاند على بعد 110 ميلات من مانهاتن بالولايات المتحدة، أشبه بسيرة ذاتية يتحمل فيها السارد المكشوف للقارئ بضمير المتكلم "عبء الحقيقة".
وفي الوقت نفسه تتوالى الأحداث مترابطة مع أمكنة، وكأن الرواية دليل سياحي لما عاشه السارد وشاهده في أمريكا في بداية السبعينيات، فبمرافقة المرأة الشابة التي رافقت الكاتب فريش بتكليف من دار النشر الأمريكية التي يتعاملان معها، أراد الاثنان أن يمضيا معاً عطلة نهاية أسبوعهما في جزيرة "لونج أيلان" في11 و12 من شهر مايو/أيار عام 1974، هنا يبدو الاثنان صديقين أدى لقاؤهما إلى أن يقلصا فترة لقائهما.
أمضى كلاهما ليلة مشتركة قبل وصولهما إلى الجزيرة، رجل في عمر الـ62 وامرأة شابة في عمر الـ31، من يراهما، لن يعرف بالتفصيل الموقف الذي يجب اتخاذه باتجاههما: أب وابنته أم صديق وصديقة؟.. هكذا قرر الكاتب ماكس فريش أن يكتب عن عطلة نهاية ذلك الأسبوع في جزيرة "لونج أيلاند".
6- "العطر"
للكاتب باتريك زوسكند، وتعتبر هذه الرواية من أكثر الروايات مبيعاً في ألمانيا في القرن الـ20؛ حيث تُرجمت إلى 48 لغة وبيعت أكثر من 20 مليون نسخة عبر العالم، وبقي اسم هذه الرواية في لائحة الأفضل مبيعاً لمدة تقارب الـ9 سنين.
تدور أحداث الرواية في القرن الـ8 في فضاءات باريس وأوفرن ومونبيلييه وكراس، وتروي سيرة حياة جان باتيست جرونوي، الشخصية الغرائبية المنبثقة من عوالم باريس السفلية والمتملكة لحاسة شم إعجازية، وتسرد الرواية تطور حياة العطار جرونوي وكيف غدا إنساناً مجرداً من مفهومي الخير والشر، لا يحركه إلا شغف لا متناه بشحذ مواهبه في سبر أغوار العطور والروائح، ولا يحده أي وازع أخلاقي.
7- "قصص بسيطة"
للكاتب الألماني إنجو شولتسه، أحد أفضل روائيي جيله في ألمانيا، وهي رواية "الربيع الألماني" انطلاقاً من انهيار جدار برلين الحصين الذي وقع بسبب سوء التفاهم، أو زلة لسان "جونتر شابوفسكي"، المتحدث الرسمي باسم الحزب الحاكم، ليذيع الصحفيون نبأ السماح لمواطني ألمانيا الشرقية بالسفر، ويتدفق الآلاف إلى حدود ألمانيا الشرقية وإلى جدار برلين العتيد، وسرعان ما انهار جدار برلين بل وسقط المعسكر الشرقي بأكمله.
بعد مرور أكثر من 30 عاماً على ذلك الحدث التاريخي، وبعد إتمام الوحدة بين شطري ألمانيا في 3 أكتوبر/تشرين الأول 1990، يتساءل كثيرون: "ماذا بقي من ألمانيا الشرقية"؟.. ويؤرخ شولسه للصراع المرير الذي خاضه الألمان الشرقيون مع الأرقام، ومع اقتصاد السوق في الرواية التي نُشرت عام 1998، وحققت بمجرد صدورها نجاحاً باهراً في ألمانيا وفي العالم، وترجمت في غضون سنوات قليلة إلى أكثر من 20 لغة، واليوم يجمع النقاد الألمان على أنها من أفضل المعالجات الروائية لموضوع الوحدة الألمانية.
8- "عازفة البيانو"
للكاتبة النمساوية إلفريدة يلنيك، الحائزة على جائزة نوبل للآداب عام 2004، لا تتوقف عن مواجهة المقدسات الغربية الملفقة عبر ما تعيشه "إريكا" بطلة الرواية، والعازفة الممسوسة بانحرافات عاطفية ونفسية منشأها العلاقة المرضية التي ربطتها بالأم المتعالية المتملكة والمتسلطة.
تربى إريكا في كنفها حبيسة ما يجوز تسميته بـ"نازية أمومية" منفرة تتطرف في معاداة ما تفرضه الأم عند ابنتها اختلافاً أو انحرافاً أو ميولاً سفلية مشينة تهدد نشوء وارتقاء نسلها النقي والوحيد الذي أنجبته بعد زواج دام عقيماً طوال 20 عاماً قبل أن يثمر وترى إريكا النور.
وبولادتها تباشر إريكا وجودها الروائي في اللحظة التي يتنحى فيها الأب عن مسرح هذا الوجود، ويسلم ابنته إلى الحياة ليغرق في عزلة العته الذي أوصله لاحقاً إلى مستشفى لأمراض العقلية، فيه يمكث مهملاً ومنسياً في غياهب عتهه المميت.
9- "مسح العالم"
للكاتب دانييل كيلمان، تروي أصول الكثير من معارفنا الحديثة، وتتوغل عميقاً في نفس الإنسان العالم، لتكشف لنا كثيراً من خباياها بأسلوب شائق ومرح تمتزج فيه المرارة بالسخرية، سحر العالم الجديد وملل العالم القديم، ثورة الشبيبة على النظم القديمة وإمكانية تأثر العالم العقلاني بالخرافة والتنجيم.
10- "الشقاء العادي"
للكاتب النمساوي بيتر هاندكه، وهي رواية قصيرة متميزة ببنائها وبطريقتها في الكتابة، ترجمها إلى العربية الشاعر الراحل بسام حجار، وتعبر فعلاً عن شخصية كاتبها بجفاف مشاعر شخصيتها.
يسجل الكاتب في هذه الرواية أحداثاً حقيقية أو شبه حقيقية من حياة والدته، رغم العقد المبرم بينه وبين القارئ على أنها رواية، ففي 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1971، يبلغ الكاتب نبأ انتحار والدته وهي في 51 من عمرها.
ويرسم النص معالم لحياة مقفرة ليس فيها أي حيز للتبدل أو النمو، ويبدو أن مصيرها هو أن تظل كذلك ببساطة متناهية، لذلك لا يكون الموت مأساوياً إلا بمقدار أنه مجرد فقدان لصورة، فالنص ليس مرثية لوالدة الكاتب، بل هو تمرين على الكتابة الحقيقية في نظر هاندكه؛ حيث تكون اللغة مجرد أداة خالية من المشاعر والأحاسيس وفاقدة لأي حيلة أم استمرارية الحياة والموت.
aXA6IDMuMTIuNzMuMTQ5IA==
جزيرة ام اند امز