«سياحة الأولمبياد».. كيف هبطت «دورة باريس» بمعدلات السفر؟
تعددت التساؤلات بشأن تأثير الألعاب الأولمبية على قطاع السياحة في العاصمة الفرنسية باريس هذا العام.
لكن يبقى التساؤل الملح والأبرز هو.. ما إذا كان الباريسيون أنفسهم من أخبروا المسافرين صراحة بأن لا يأتوا إلى باريس خلال الألعاب الأوليمبية الصيفية 2024، أم أن الأسعار المرتفعة للغاية لغرف الفنادق وإيجارات المنازل وتذاكر الفعاليات كانت سبباً في إبعاد المسافرين؟
وبحسب الموقع الأمريكي "سي إن بي سي"، لأسباب عديدة تجنب العديد من الأفراد، بمن في ذلك السكان المحليون من مختلف مدن فرنسا، زيارة العاصمة باريس في الفترة التي سبقت الألعاب الأولمبية وأثناء الفعاليات، على الرغم من التكهنات بأن طفرة السفر خلال الألعاب الأولمبية كانت مضمونة تقريباً.
وفي كل مرة يتم الإعلان عن اسم مدينة لاستضافة الألعاب الأولمبية، غالباً ما تركز التوقعات على عدد الأشخاص المتوقع حضورهم الألعاب، في حين تتجاهل عدد المسافرين الذين ينفرون منها.
وقال جون جرانت، كبير المحللين في شركة الاستخبارات الجوية OAG، إن الاعتقاد الخاطئ الشائع هو أن المدن المضيفة تشهد انفجاراً في أعداد المسافرين لمتابعة الألعاب الأولمبية.
وقال "إن الألعاب الأولمبية تُسبب ظاهرة سياحية تشهد معاناة للسوق المحلية للسياحة، بالإضافة إلى أن مسافري الأعمال العاديين الذين من المفترض أن يسافروا عادة خلال تلك الفترة يتراجعون عن رحلاتهم".
وقال جرانت إن لندن وأثينا وأتلانتا، مدن استضافت الألعاب الأولمبية سابقاً، شهدت جميعها انخفاضاً في أعداد الزوار في الصيف عندما استضافت الألعاب الصيفية.
وقال: "لم تحقق الألعاب الصيفية ما هو متوقع منها على الإطلاق على مستوى النشاط السياحي".
خسائر بالملايين لشركات الطيران
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد فيما يخص معاناة قطاع السياحة، إذ أعلنت شركة الخطوط الجوية الفرنسية KLM نهاية الأسبوع الماضي، أن الشركة تتوقع تراجع إيراداتها في الربع الثالث بما يتراوح بين 150 و170 مليون يورو بما يعادل 163 و184 مليون دولار، بسبب ضعف الطلب على زيارة باريس هذا الصيف.
وكانت الخطوط الجوية الفرنسية قد أشارت إلى مشاكل في وقت سابق من هذا الشهر، حيث أعلنت في الأول من يوليو/تموز أن حركة الطيران من وإلى باريس كانت متأخرة عن المدن الأوروبية الكبرى الأخرى.
ولم يقتصر الأمر على انخفاض الاهتمام بزيارة فرنسا عبر رحلات الطيران، بل إن الأسواق الدولية أظهرت تجنبا كبيرا لباريس، وفقا لما ذكرته الشركة.
وعلى نحو مماثل، تتوقع شركة "دلتا إيرلاينز" أيضا خسائر كبيرة، بما يزيد على 100 مليون دولار في الإيرادات، بسبب انخفاض حجم السفر إلى فرنسا كنتيجة مباشرة للألعاب الصيفية.
وقال الرئيس التنفيذي إد باستيان، لموقع "سي إن بي سي": "ما لم تكن ذاهبا إلى الألعاب الأولمبية، فلن يذهب أحد إلى باريس".
وفي مؤشرها السياحي لشهر يونيو/حزيران، توقع مجلس السياحة في باريس انخفاضا في عدد الوافدين الدوليين جوا من جميع الوجهات خلال الفترة التي سبقت الألعاب الأولمبية، بنسبة 8% في يونيو/حزيران ونحو 15% في يوليو/تموز، مقارنة بعام 2023.
كما يتوقع مجلس السياحة زيادة بنسبة 11% في عدد الوافدين خلال الألعاب، مدفوعة بالزوار من أوروبا بنسبة تزيد على 24%، وأمريكا الشمالية بنسبة تزيد على 15%، يقابلها انخفاض حاد في عدد الوافدين من الشرق الأوسط بتراجع أكثر من 42%، وأوقيانوسيا بتراجع أكثر من 30%.
ارتفاع أسعار الفنادق
وتشعر الفنادق أيضا بضغط تباطؤ الحجوزات في الصيف بباريس، حيث من المتوقع أن تنخفض معدلات الإشغال إلى 60% في أوائل يوليو/تموز، بانخفاض نحو 10 نقاط عن عام 2023، وفقا لهيئة السياحة في باريس.
ومثل شركات الطيران رفعت العديد من الفنادق أسعارها للاستفادة من ارتفاع السياحة، قبل أن تعود لتخفيضها بعد موسم الربيع الذي عادة ما يشهد حجوزات بطيئة.
ومع ذلك، ارتفعت الأسعار المتوسطة بنحو 70% في يوليو/تموز، من 202 يورو العام الماضي إلى 342 يورو خلال فترة الألعاب الأولمبية الجارية، وفقًا لهيئة السياحة في باريس.
رغم ذلك، تظهر تقديرات موقع مقارنة أسعار السفر "تريفاجو" أن الأسعار قفزت أكثر من ذلك، بنسبة 85% على أساس سنوي في باريس، و131% في مدينة ليل، التي تستضيف بعض مسابقات كرة السلة وكرة اليد ضمن الألعاب الأولمبية.
كما صرحت شركة Airbnb لحجز الشقق السياحية الخاصة لشبكة CNBC أن عشرات الآلاف من الأشخاص في المدن المضيفة للألعاب الأولمبية فتحوا منازلهم لأول مرة للحجز السياحي.
لكن الشركة رفضت الإفصاح عن عدد القوائم التي ظلت غير محجوزة خلال الألعاب، وبدلاً من ذلك أخبرت CNBC Travel أن "دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024 من المقرر أن تشهد أعلى معدلات الحجز للشقق السياحية في تاريخ Airbnb، حيث سيقيم المزيد من الضيوف في منازل محلية عبر المنصة، أكثر من أي حدث آخر على الإطلاق".
aXA6IDEzLjU5LjE5OC4xNTAg جزيرة ام اند امز