"المجلة العربية" تصدر "كتابات الرحالة مصدر تاريخي"
عبر 6 فصول و116 صفحة يبحر الكتاب في أدب الرحلة ويحدد دوافع الارتحال، متتبعا مسار الرحالة من العصور القديمة إلى الحديثة.
أصدرت "المجلة العربية" السعودية في عددها الأخير لشهر يوليو/ تموز الجاري كتابا بعنوان "كتابات الرحالة مصدر تاريخي"، من تأليف الدكتور علي عفيفي غازي، الذي عمل على تعريف أدب الرحلة وذكر أهميته في التأريخ والحديث على فوائد ودوافع الارتحال، إضافة إلى تتبع مسار الرحالة من العصور القديمة إلى العصور الحديثة.
يستهل الكتاب فصله الأول بالحديث عن التعريفات المتعددة للرحالة باعتباره شخصا يخترق حاجز المسافة إما من أجل إشباع هواية عنده أو من أجل مصلحة معينة، موضحا أن أسباب "البحث عن عمل أفضل وشروط عيش أحسن، الفرار من الكوارث وكل الأخطار المحدقة بالإنسان، اكتشاف الغير المختلف لغة ودينا وعرقا وثقافة، رؤية الذات من خلال الغير الذي يعد أفقا ممكنا ومكملا لنواقصها، فضول ومغامرة في التجديد، والاطلاع على بيئات مختلفة وخارجة عن المألوف".
بعد ذلك قام المؤلف بتحديد معنى أدب الرحلة باعتباره "مجموعة من الآثار الأدبية التي تتناول انطباعات المؤلف عن رحلاته إلى بلدان مختلفة، وقد يتعرض فيها لوصف ما يراه من عادات وسلوك وأخلاق، ولتسجيل دقيق للمناظر الطبيعية التي يشاهدها أو يسرد مراحل رحلته، أو يجمع بين كل هذا في آن واحد".
يؤكد المؤلف أن الرحالة شخص متميز وفريد لأنه حينما يعود إلى وطنه يحمل معه تصوراته وانطباعاته الخاصة به وهو يتفاعل مع الأمكنة والثقافات، ورغم الطابع الخاص للرحلة التي يقوم بها فالأمر لا يخلو من فائدة لوطنه إذ يقدم لها سجلات مغامراته والكثير من الخبرات والدراسات، وأيضا يزود أفراد أمته بالأبحاث الجغرافية والخرائط والتنبيهات الإنتربولوجية الخاصة بالشعوب الأخرى (زواج، طلاق، مراسيم الجنائز، المقدس والمدنس...)، والتي طبعا تخرج الجماعة من تمركزها حول ذاتها وتضفي على عالمها طابع النسبية.
قبل إنهاء الفصل الأول من الكتاب يشير المؤلف إلى ملاحظة هامة وهي أن أدب الرحلة قلت صناعته منذ بداية القرن العشرين لانتشار الطائرات والسفن والقطارات والسيارات، وكل وسائل التواصل السريعة التي جعلت العالم قرية كونية، وليس قرى مبعثرة ومتباعدة لا سبيل إلى اكتشافها إلا بالارتحال.
حاول المؤلف أيضا في كتابه سرد مسار تاريخي للرحالة عبر الزمن متحدثا عما قام به بعض المشاهير من الحضارات القديمة "المصريون والسومريون والفينيقيون ثم الإغريق والرومان والمسلمون" وتوقف عند أسماء معروفة مثل زيارة المؤرخ الإغريقي هيرودوت في القرن الخامس قبل الميلاد إلى باقي الحضارات آنذاك، وكيف أنه قام بوصف آثارها وأسلوب حياة بعض الشعوب وعاداتهم وتقاليدهم، خاصة عند المصريين حيث ترك لنا في نيلهم قولا مأثورا هو "مصر هبة النيل"، كما رسم صورة للعربي باعتباره فارسا، بالإضافة إلى العديد من الملاحظات والانطباعات الأخرى التي أودعها مجلداته التي تقع في 9 أجزاء.