من الخندق للقصر.. جيتاتشو ردا «المقاتل الإثيوبي الشرس» في مهمة سياسية

في خطوة مفاجئة للمشهد السياسي الإثيوبي، أعلن رئيس الوزراء آبي أحمد، اليوم الجمعة، تعيين جيتاتشو ردا، أحد أبرز قادة جبهة تحرير تيغراي، وزيرًا ومستشارًا لشؤون شرق أفريقيا.
ويأتي هذا التعيين في ظل انقسامات داخل جبهة تحرير تيغراي، وتزايد التوتر في الإقليم الذي شهد حربًا أهلية مدمّرة استمرت عامين. وكان جيتاتشو قد تولى إدارة إقليم تيغراي بعد اتفاق السلام الموقع بين الحكومة والجبهة في بريتوريا بجنوب أفريقيا، نوفمبر/تشرين الثاني 2022، الذي أنهى الحرب التي أودت بحياة مئات الآلاف.
خلافات داخل الجبهة
وبدأ الخلاف بين جيتاتشو ردا وزعيم الجبهة، دبراصيون جبراميكائيل، في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وبلغ ذروته في مارس/آذار الماضي بعد سيطرة قوات موالية لجبراميكائيل على مراكز الحكم المحلي بالقوة.
في المقابل اعتبر دبراصيون أن فصيله هو صاحب الموقع الشرعي بحسب "اتفاق بريتوريا"، وبالتالي له الأحقية في حكم الإقليم.
وتبادل الطرفان الاتهامات بالفساد، ووصل الأمر بجيتاتشو إلى اتهام دبراصيون بالتخطيط لانقلاب، بعد دعوة أكثر من 200 جنرال موالٍ له إلى حل الإدارة المؤقتة التي يرأسها ردا.
في ظل هذا التصعيد، تدخل آبي أحمد بخطوة غير متوقعة، فأعفى جيتاتشو من منصبه، وطالب سكان الإقليم بترشيح بديل. وفي النهاية، تم تعيين نائبه الجنرال تاديسي وريدي رئيسًا للإدارة المؤقتة، وسط حضور دولي واسع شمل رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي وكبار الدبلوماسيين في أديس أبابا.
دلالات التعيين الجديد
ويرى مراقبون إثيوبيون أن تعيين جيتاتشو ردا مستشارًا، رغم الجدل حوله، يعكس تقدير آبي أحمد لبراعته السياسية ونفوذه.
وكان جيتاتشو من أبرز منتقدي الحكومة خلال الحرب، وقاد معركة إعلامية ضدها أمام الصحافة الدولية، قبل أن يمثل الجبهة في توقيع اتفاق بريتوريا، ليُطرد لاحقًا بسبب صراعه مع دبراصيون.
وخلال مراسم تسليم السلطة لتاديسي، أثنى آبي أحمد على جيتاتشو، واصفًا إياه بـ"المقاتل الشرس" في الحرب، وبأنه قاد جهود السلام بروح مماثلة، وساهم في إعادة التنمية لشعب تيغراي.
مهام جديدة في ظل توتر إقليمي
الباحث السياسي من إقليم تيغراي، أمانويل هبتي، قال في حديث لـ"العين الإخبارية" إن تعيين جيتاتشو يأتي في وقت تشهد فيه المنطقة توترًا، خاصة مع الجارة إريتريا.
وأضاف أن هذه الخطوة قد تُسهم في فتح قنوات تواصل جديدة، خاصة وأن ردا سبق له التواصل مع أسمرا في أثناء توليه إدارة الإقليم.
وأشار إلى أن من مهام ردا المحتملة منع اندلاع حرب جديدة في المنطقة، في ظل تصاعد التوتر مع إريتريا بعد إعلان آبي أحمد في 2023 نية بلاده الحصول على منفذ على البحر الأحمر، وهو ما أثار قلقًا واسعًا في منطقة استراتيجية بالنسبة للتجارة الدولية.
رسالة داخلية وخارجية
من جانبه، قال الأكاديمي والمحلل السياسي عبدالواسع كحساي إن تعيين آبي أحمد لأحد أشرس معارضيه رسالة قوية للداخل والخارج، بمن فيهم رعاة عملية السلام كالاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة.
وأوضح أن آبي أحمد يدرك جيدًا قدرات ردا، وسيوظفها في ملفات حساسة.
وأكد كحساي أن الجبهة فقدت شخصية سياسية مؤثرة بسبب الصراعات الداخلية، ما انعكس سلبًا على أوضاع تيغراي، خصوصًا فيما يتعلق بعودة النازحين والتنمية.
ملف شائك بيد قائد عسكري
ورغم الأمل الذي يثيره تعيين الجنرال تاديسي وريدي رئيسًا للإدارة المؤقتة، فإن الإقليم لا يزال محاطًا بألغام سياسية وفكرية، من الحنين إلى الحرب إلى أزمة الهوية، وسط استمرار الشكوك بين الحكومة المركزية وجبهة تحرير تيغراي، خاصة جناح الحرس القديم.
ويُنظر إلى تاديسي كقائد عسكري يتمتع بقدرة على التوفيق بين ضرورات الأمن ومتطلبات السياسة، خاصة وأنه شارك في مفاوضات بريتوريا والترتيبات الأمنية في نيروبي.
aXA6IDE4LjIyMi4xODQuNDAg
جزيرة ام اند امز