"العفو القسري".. سلاح حوثي لتبييض الجرائم يضاعف الثارات
فشلت مليشيات الحوثي في دفع قبائل شمال اليمن إلى الجبهات فعمدت إلى أسلوب آخر أكثر فتكا ظاهره "الصلح" وباطنه تبيض الجرائم وإثارة الثارات.
من صنعاء إلى صعدة وعمران وحجة والمحويت وذمار وحتى تعز، تتحرك مليشيات الحوثي عبر القيادي النافذ محمد علي الحوثي بزعم "حل القضايا المجتمعية وديا" وعبر "الصلح القبلي" والتي تحول إلى سلاح لإخضاع واختبار ولاء القبائل.
وعمدت مليشيات الحوثي خلال الهدنة إلى إجبار عشرات القبائل على التنازل عن دماء أبنائها من بينهم شيوخ اغتالتهم مليشيات الحوثي بعد عام 2015 بزعم أنها "قضايا ثأر" وذلك وفق اتفاقات قبلية قسرية لن تصمد أعمارها طويلا، وفق مراقبين.
وطورت مليشيات الحوثي من أساليب استهداف ومحاربة القبائل وتفكيكها فبدلا عن الحرب المباشرة لجأت لتقديم نفسها كـ"وسيط" بزعم حل الخلافات وقضايا الثارات في محاولة للتوغل داخل بنية المنظومة القبلية وتجريفها للجبهات وذلك من باب الأعراف القبلية.
كما يسعى الحوثيون لاستغلال ورقة الثارات في مسعى لاستثمار القبيلة لخدمة مشروعهم الظلامي، حيث تحشد المليشيات لحراكها القبلي هذا آلتها الإعلامية الضخمة وتروج لها بقوة كحلول نهائية فيما حقيقتها تفخيخ المجتمع اليمني بشكل ممنهج ومدروس بثارات مؤجلة.
فمن بين 80 قضية زعمت وأعلنت مليشيات الحوثي حلها وديا بناء على "صلح قبلي" منذ 2019، تحققت "العين الإخبارية"، من 3 قضايا ليتضح أنها تسعى لتبييض جرائم عناصرها فضلا عن إحياء قضايا مدفونة عمرها يزيد على 50 عاما ضمن مخطط يستهدف تجنيد القبيلة لخدمة المشروع الطائفي.
تصفية الجون
في 24 يونيو/حزيران 2022، تلقى التاجر اليمني وعضو مجلس محلي في محافظة ريمة الشيخ يوسف حيدر الجون رصاصة من مسلح حوثي يدعى "عبدالله صالح العبدي" لترتقي روحه على الفور وذلك في بلدة "قاع القيضي"، الواقعة على المدخل الجنوبي لمدينة صنعاء.
ودفعت الجريمة قبائل ريمة التي ينتمي إليها الجون للاحتشاد إلى صنعاء للضغط على مليشيات الحوثي للمطالبة بالقاتل إلا أن المليشيات بدلا من محاكمة القاتل زعمت أن القضية "عبث بالسلاح" ورفضت محاكمة القاتل ما دفع القبائل للتصعيد أكثر.
بعد 4 أشهر وتحديدا في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، تدخل القيادي الحوثي محمد علي الحوثي للضغط على أولياء الدم للتنازل عن دم والدهم المغدور وأجبرهم تحت تهديد السلاح على توقيع عريضة قبلية تزعم "العفو عن الجاني".
وبحسب مقاطع مصورة وثقت الجريمة وطالعتها "العين الإخبارية"، فإن الجريمة تعد من الجرائم الجنائية الجسيمة والتي يحظر القانون اليمني "التحكيم القبلي" فيها باعتبارها من المسائل الجنائية التي يدان فيها الجاني القصاص أو الحبس مدة تزيد على 3 سنوات.
تصفية الشلح ومعلم صنعاء
في 16 أغسطس/آب 2015، صفت مليشيات الحوثي الزعيم القبلي والسياسي في مديرية السياني التابعة لمحافظة إب، الشيخ عبد الله الشلح، و2 من أفراد أسرته، عند خروجه من من منزله في ذات المحافظة.
لكن بعد 8 أعوام، تدخلت مليشيات الحوثي عبر القيادي النافذ "محمد علي الحوثي" بزعم إغلاق ملف القضية وتصنفها كـ"قضية ثأر" وأجبرت أسرة أولياء الدم بقوة السلاح عن "العفو عن الجناة" بصفوف المليشيات.
وفي قضية ثالثة، في 18 ديسمبر/كانون أول 2019، اقتحم مسلحون يتبعون محمد علي الحوثي وتاجر موال لمليشيات الحوثي مدرسة كيان في بلدة "السبعين" بصنعاء واعتدوا بالضرب المبرح على المعلم "فيصل سعد الريمي" الذي لفظ أنفاسه تحت أعقاب البنادق.
وفي 8 مارس/آذار 2020، أي بعد أقل من 4 شهور تدخلت مليشيات الحوثي عبر القيادي نفسه لتجبر أسرة أولياء الدم على التنازل عن القضية بزعم "الحل الودي".
بحسب مصادر إعلامية ومحلية لـ"العين الإخبارية"، فإن القضية التي هزت الرأي العام آنذاك حاولت مليشيات الحوثي الالتفاف عليها تحت دعم سخي من القيادي الحوثي المتورط بالجريمة المدعو "مراد ناصر جبران الفقيه".
وقدمت وقائع الجون والشلح والمعلم الريمي صورة مصغرة من قضايا "العفو القسري" التي تفرضه مليشيات الحوثي لإغلاق قضايا قتل متعمد لعناصرها بـ"التحكيم" أو "الهجر" في ملف سيظل باق لسنوات لن تدفنه حلول الصفقات.
يشار إلى أن "التحكيم" و"الهجر" هي عملية تشمل اجتماع وجهاء القبائل والمحكمين إلى منزل المجني عليه في قضية قتل، وتجري عملية ذبح "ثيران" ليتم إطعام الحاضرين وهو ما تسعى مليشيات الحوثي لتطبيقه لكن بقوة السلاح.