حزم إنقاذ بتريليونات الدولارات ترسم صورة ضبابية لـ"الورقة الخضراء"
العديد من دول العالم بدأت في ضخ تريليونات الدولار ات في أسواقها لمواجهة التداعيات الاقتصادية لأزمة تفشي فيروس كورونا
بدأ العديد من البنوك المركزية حول العالم ضخ مليارات الدولارات في أسواقها، ضمن حزم إنقاذ للقطاعات المتضررة من تفشي فيروس كورونا، وتبعاته على أدائها ومؤشراتها، كقطاعات الخدمات والطيران والتصنيع.
وكان آخر حزم الإنقاذ المعلنة، في الولايات المتحدة بعد مصادقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على حزمة إنقاذ بقيمة 2.2 تريليون دولار، تعد الأضخم في تاريخ الولايات المتحدة، لمساعدة الأفراد والشركات في مواجهة التباطؤ الاقتصادي الناتج عن تفشي فيروس كورونا.
وتتضمن حزمة الإنقاذ 500 مليار دولار للصناعات المتضررة، و290 مليار دولار لتمويل مدفوعات تصل إلى 3 آلاف دولار لملايين الأسر؛ وتشمل 350 مليار دولار قروضا للشركات الصغيرة و250 مليار دولار للتوسع في إعانة البطالة و100 مليار دولار للمستشفيات.
التأثير على أسعار الصرف
وخلال الأسبوعين الماضيين، سارعت بلدان مثل ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة، وقبلها الصين، وغالبية دول الخليج، إلى ضخ مليارات من عملات الدولار واليورو في أسواقها لتخفيف وطأة تفشي الفيروس عالميا.
ومن شأن ضخ العملة الأمريكية، إن كان ورقيا أو رقميا، أن يؤثر على أسعار الصرف، التي ظلت طوال عقود محكومة بثنائية العرض والطلب، وبالتالي فإن وفرة الدولار في الأسواق العالمية ستخفض من قيمتها أمام النقد الأجنبي.
على سبيل المثال وفي مصر، وخلال الشهور الأولى من تعويم الجنيه الذي بدأ في نوفمبر/تشرين ثاني 2016، نفذ البنك المركزي المصري عملية ضبط في وفرة المعروض النقدي من العملة المحلية، للحفاظ على سعر صرف مقبول محليا، من خلال الاحتفاظ بكميات من العملة المحلية لدى البنك المركزي.
في المقابل، ومنذ 2017، أقرت الجزائر التمويل غير التقليدي خريف 2017، لتمويل الاقتصاد وسد العجز وسداد الدين الداخلي من خلال طبع العملة المحلية، لتفادي اللجوء إلى الاقتراض الخارجي، باقتراح من رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى.
إلا أن القرار الجزائري تم تعليقه في 2019، بعد ظهور سلبيات على الاقتصاد المحلي، منها تأثيرات على نسب التضخم من جهة، وأسعار الصرف من جهة أخرى، بعد ضخ ما يقرب من 3.114 تريليون دينار في اقتصاد الجزائري (26.39 مليار دولار)، بحسب بيانات حكومية.
الاحتياطيات الأجنبية
وسيؤثر تراجع سعر صرف الدولار سلبا على عدة محاور اقتصادية عالمية، منها احتياطيات دول العالم بالنقد الأجنبي خاصة بالدولار الأمريكي والعملات المرتبطة به، واستثمارات تلك الدول في السندات المقومة بالدولار الأمريكي.
ويعيد هذا الافتراض، الأذهان إلى ما حصل بعد الحرب العالمية الثانية، بعد أن أغرقت الدولارات الأمريكية الأسواق العالمية، وبدأت دول كثيرة تطالب بالذهب مقابل حيازاتها من الدولار، وذلك بحسب التقرير الذي نشرته شركة البحوث الأمريكية "The Motley Fool".
صدمة نيكسون
وكان ذلك سببا في ظهور صدمة نيكسون عام 1971، وتحديداً مساء الأحد الموافق 15 أغسطس/آب، عندما وافق الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون على سلسلة من التدابير الاقتصادية، أهمها كان إلغاء التحويل الدولي المباشر من الدولار الأمريكي إلى الذهب، وفك ارتباط العملة بالمعدن الأصفر.
إن صدمة نيكسون لا تزال حتى اليوم موضع نقاش لدى كبار الاقتصاديين العالميين، فيما يعد استمرار أزمة "كورونا" لشهور قادمة ممهدا لطباعة وضخ مزيد من الدولارات في الاقتصاد الأمريكي ومنها إلى الأسواق العالمية.