اتفاق الإمارات وإسرائيل.. قبلة حياة لمساعي السلام
مختصون رأوا في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" كيف نجح اتفاق السلام في تحريك المياه الراكدة بعملية السلام بعد توقفها.
"إعادة عملية السلام لمسارها، وإحياء حل الدولتين، والأهم تجنيب فلسطين ومنطقة الشرق الأوسط اضطرابات في حال إقدام إسرائيل على خطة ضم الأراضي الفلسطينية، فضلا عن السماح للمسلمين بزيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه".
تلك أبرز المكاسب التي نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة في الحصول عليها عبر اتفاقها التاريخي مع إسرائيل، أمس.
وعلى مدى 72 عاما، هي عمر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، طرحت عدة مبادرات سياسية ومفاوضات عربية للسلام، لم تكلل إحداها بنجاح مكتمل عبر اتفاق، ينهي النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
ويرى مراقبون أن التحدي الأكبر الذي تشهده أي مفاوضات جديدة يتمثل في دفع إسرائيل لوقف خطة ضم أراضي فلسطينية واستئناف عملية السلام لمسارها بعد توقفها وإحياء حل الدولتين، بعد أن مات إكلينيكيا.
وفعليا نجحت الإمارات في هذا التحدي، وقطعت الطريق على المتاجرين، عبر اتفاقها التاريخي، لتتوج المفاوضات العربية الإسرائيلية باتفاق واضح له مكاسب ونتائج ملموسة على الأرض، لم يشهدها المسار التفاوضي منذ ١٩٦٧.
مكاسب الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي
الخبير العسكري المصري اللواء جمال مظلوم، يقول لـ"العين الإخبارية": "الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل يعد محاولة ناجحة لتجميد التوسع الإسرائيلي، ويأتي في إطار المبادرة العربية التي صدرت عن القمة العربية ١٩٨٢ ببيروت وهو أنه إذا اعترفت إسرائيل بدولة فلسطين سنقدم لها السلام".
ووصف العسكري المصري الاتفاق بأنه "ذو أهمية قصوى ليس فقط على صعيد وقف إسرائيل لخطط ضم أجزاء من الضفة ولكن أيضا على مستوى تعامل الإدارة الأمريكية التي كانت تحاول مساندة إسرائيل في أكثر مما تستحق".
وأضاف "مظلوم" وهو مستشار بأكاديمية ناصر العسكرية: "بهذا الاتفاق فإن الإدارة الأمريكية تتراجع وتعد مقترحا واضحا لمواصلة عملية السلام المجمدة".
ويرى الخبير العسكري المصري أن "اتفاق السلام بين الإمارات وإسرائيل يمثل بداية حقيقية وفعلية لحل الدولتين، وهو الأمر الذي كان قد مات إكلينيكيا معه أي حل سلمي لولا الاتفاق التاريخي".
بدوره، قال أشرف أبو الهول، مدير تحرير صحيفة الأهرام المصرية، لـ"العين الإخبارية"، إن "الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي شكل مكسبا للقضية الفلسطينية وللمنطقة بشكل عام"، موضحا أنه تضمن أهم عنصر وهو اشتراط وقف إسرائيل إجراءات خطة ضم أراضٍ من الضفة الغربية".
وأضاف المختص بالشؤون العربية: "هذا الشرط في اتفاق إقامة العلاقة بين الإمارات وإسرائيل هو بند شديد الأهمية لأن العالم أجمع كان قد عجز عن إجبار إسرائيل على وقف إجراءات الضم، وكانت قد تحدت الجميع وبدأت في التخطيط لكيفية بدء الضم، ولكن يبدو أن المفاوضات قد بدأت منذ فترة بشكل غير معلن بين الإمارات وإسرائيل وهو ما دفع بالإسرائيليين إلى التمهل حتى أعلن الاتفاق".
وبرأي "أبو الهول" أنه "كان يمكن للإمارات أن تقيم علاقة مع إسرائيل او أي دولة في العالم دون أن تأبى وخاصة أنها دولة مستقرة ولديها وضع اقتصادي جيد، كما أنها لا تحتاج إلى مساعدات من أحد ولكنها قررت أن تربط العلاقات مع إسرائيل بوقف الضم وهذا إجراء جيد ويصب في مصلحة الشعب الفلسطيني".
إحياء عملية السلام
ويرى اللواء جمال مظلوم أن "اتفاق السلام الإماراتي الإسرائيلي من شأنه إعادة عملية السلام إلى مسارها"، مضيفا: "علينا أن نتعلق بكل خيط من شأنه أن يوصلنا لعملية السلام والإمارات سحبت الخيط وعلينا دعمها".
وتابع: "إسرائيل في مأزق ودولة مبعثرة على عكس ما يظن الجميع ولا يوجد مستقبل لها دون تنفيذ خارطة الطريق التي تمت باتفاق أوسلو والالتزام بقرار ٢٤٢ بمجلس الأمن".
متفقا معه، قال السفير عزت سعد المدير التنفيذي للمجلس المصري للشؤون الخارجية، لـ"العين الإخبارية"، إن "اتفاق السلام بين الإمارات وإسرائيل يشكل خطوة إيجابية وتقود إلى سلام عادل ودائم، لأنها تحرك المياه الراكدة في عملية السلام المجمدة منذ وصول الرئيس الأمريكي ترامب للإدارة في يناير/كانون الثاني 2017".
وركز الدبلوماسي المخضرم على أن "أهمية الاتفاق يتمثل في قدرة الإمارات على ترجمة موقفها من القضية الفلسطينية بشكل عملي، استندت فيه إلى مبادرة السلام العربية، ونجحت في وقف خطة إسرائيل في ضم الأراضي الفلسطينية".
وتابع عزت: "الإمارات دولة مهمة من الدول المؤثرة في المنطقة العربية والشرق الأوسط والعالم، واتخاذها هذه الخطوة بتوقيع هذا الاتفاق التاريخي خطوة مرحب بها ومهمة، وعليه يجب أن تفهم إسرائيل وتدرك أن الأمر يتعلق بدولة ذات وزن اقتصادي وسياسي في المنطقة، ما يتطلب خطوة مماثلة من إسرائيل في طريق إعادة عملية السلام وحل الدولتين".
من جهته، أبدى المختص بالشؤون العربية "أشرف أبو الهول" تفاؤله بإحياء عملية السلام وإعادتها لمسارها، موضحا أن "هذه الخطوة هي المنتظرة بعد وقف الإمارات لخطة الضم لأن هذا السيناريو كان يمكن أن يؤدي إلى تبديد عملية السلام تماما".
وأضاف: "الضم كان ينص على أن إسرائيل ستلتهم ما يقرب من ٣٠% من مساحة الضفة الغربية منها منطقة وادي الأردن وهي أهم منطقة وتعد سلة غذاء الضفة الغربية، ولكن الآن مع وقف الضم يمكن لمفاوضات السلام أن تنطلق".
أسئلة مشروعة ردا على المتاجرين
ويرد الخبير في الشؤون العربية أشرف أبو الهول على انتقادات المتاجرين بالقضية الفلسطينية، ومحاولات تحريضهم ضد الاتفاق التاريخي، بسؤال مشروع ماذا لو كان هذا الاتفاق تم بين قطر وإسرائيل؟ هل كانت معارضة حماس ستكون بهذه القوة أم أنهم كانوا سيقولون إن هذا لمصلحة الشعب الفلسطيني.
وتابع: "نحن نعلم جيدا طبيعة العلاقة بين قطر وإسرائيل وكيف أن قطر تمول شهريا حماس بأموال تدخل عبر اتفاق مع إسرائيل، وليس أدل على ذلك من زيارات المسؤولين الإسرائيليين للدوحة".
وبطبيعة الحال لا تصل الأموال القطرية للسلطة الفلسطينية الممثل الشرعي للفلسطينيين، لأنها تخدم أجندة خاصة لقطر تزيد من عمق الانقسام الفلسطيني.
وفي نفس الاتجاه، قال اللواء جمال مظلوم إن "أي محاولة تحريض لا تعد سوى متاجرة بالقضية الفلسطينية، أما المتخوفون من إمكانية تراجع إسرائيل فنقول لهم الإمارات واضحة في هذا الخصوص إذا تراجعتم تراجعنا، وإن عدتم عدنا".
وبحسب الخبراء، فإن الموقف التركي لا يختلف كثيرا عن نظيره القطري المتاجر بمصالح الفلسطينيين وقضتيهم العادلة، فتناقضات أنقرة الحليف القوي لتل أبيب وصاحبة العلاقات التجارية والاقتصادية معها والتي انطلقت عام 1949، تظهر دوما انتهازية سياسية ومتاجرة بالقضية الفلسطينية في مختلف المحافل الدولية.
ويسعى النظام التركي عبر بروباجندا مضللة لاكتساب مكانة زائفة، لم تقدم في الواقع ما يبرهن على ذلك، بعكس المبادرة الإماراتية التي يتوقع أن تحقق انفراجة كبيرة تخدم القضية الفلسطينية، بدأت فعليا بقرار إيقاف الخطوة الإسرائيلية بضم أراضٍ فلسطينية.
يشار إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتفق، الخميس، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات، خلال اتصال هاتفي، على مباشرة العلاقات الثنائية الكاملة بين الإمارات وإسرائيل.
وبحسب بيان ثلاثي مشترك، فإن من شأن هذا الإنجاز الدبلوماسي التاريخي أن يعزز من السلام في منطقة الشرق الأوسط، وهو شهادة على الدبلوماسية الجريئة والرؤية التي تحلى بها القادة الثلاثة، وعلى شجاعة الإمارات وإسرائيل لرسم مسار جديد يفتح المجال أمام إمكانيات كبيرة في المنطقة.