قمة بغداد الثلاثية.. أهداف متعددة وإيران أكبر الخاسرين
عد مراقبون للشأن السياسي، انعقاد القمة الثلاثية في بغداد، التي جمعت العاهل الأردني والرئيس المصري مع رئيس الوزراء العراقي
مصطفى الكاظمي، بـ"المنعطف الهام"، فيما أشادوا بمخرجات ما وصل اليه القادة الثلاث.
ورأوا أن احتضان العاصمة العراقية بغداد، للقمة الثلاثية يمثل رسائل طمأنة للمجتمع الدولي والعربي بأن بغداد قد بدأت تسترد وهجها وتاريخها "المستلب".
توازن العلاقات
ويرى المحلل السياسي العراقي، ماهر جودة، أن "العراق اليوم بأمس الحاجة إلى عمق استراتيجي عربي وملء الفراغ الذي شغلته إيران خلال الأعوام التي تلت عام 2003"،معتبرا أن "طهران أكبر الخاسرين إذا ما عادت بغداد لفضاءها العربي والدولي".
ويوضح جودة في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "العراق اختط مسار مختلف تماما عما كان عليه قبل عام، وهو ما يمثل نقطة الانطلاق الصحيحة التي يجب إدامتها بالإرادات الوطنية وتعضيدها بمزيد من الخطوات اللاحقة".
من جانبه، يقول رئيس "مركز التفكير السياسي"، إحسان الشمري، إنه "من الضرورة بالإمكان تثبيت مبدأ توازن في العلاقات الخارجية للعراق لذا فإن تلك القمة أتت ضمن إطار استراتيجي بحكم أن المنطقة أمام مقاربات جديدة تفرض ذلك النوع والحجم من الحرك والتحرك".
ويضيف الشمري، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "الحكومة بدأت تحقق المنجزات على الصعيد الداخلي والخارجي ، وهذا ما انعكس تحقيق انعقاد القمة وصولاً إلى بغداد، برغبة حكومة الكاظمي المتبادلة مع الأردن ومصر في عودة العراق إلى المنظومة الدولية".
ويلفت بالقول، أن "نجاح انعقاد القمة الثلاثية لا تنحصر رسائلها الإيجابية مع الأردن ومصر وإنما هي إشارات واضحة إلى المجتمع الدولي برمته بأن هناك محور اعتدال في المنطقة بدأ يتسع شيئا فشيئاً".
الاكاديمي والمحلل السياسي العراقي، عامر الفياض، بدوره يرى أن "العراق وخلال حكومة الكاظمي، وضع نفسه بمكان لا ميل إلى الدائرة الاستقطابية أو النأي بالنفس وهي معادلة صعبة جداً ولكن جاءت نتائجها بالإيجاب".
ويضيف الفياض، لـ"العين الإخبارية"، أن "القمة الثلاثية تأتي لتأكيد رغبة العراق في ان يكون منطقة التقاء وليس نزاع"، مشدداً على ضرورة أن "تتابع بغداد ما خطته لنفسها مؤخراً في ملف السياسات الخارجية لكسب الاصدقاء وتحييد الاعداء عبر بوصلة المصالح المشتركة بعيداً عن المعايير المذهبية والطائفية".
تكامل اقتصادي
وفي الجانب الاقتصادي، يشير الفياض إلى أن "جميع الأطراف الثلاثة أمامهم فرص ذهبية في مجال الاستثمار والإعمار والطاقة بما يحقق التكامل الاقتصادي".
غير ان المحلل الاقتصادي، عبد الرحمن المشهداني ، يرى أنه من المبكر الخوض في حديث التكامل الاقتصادي لكون أن الاخير يحتاج إلى بناء اقتصادي مشترك بموجبه يتحرك الأفراد والأموال ولكن نستطيع القول إنه مقدمة للتعاون الاقتصادي".
ويعطف بالقول، إن "انعقاد القمة لم يأتي بدوافع اقتصادية وإنما برغبات وإردات سياسية تدخل فيها جوانب الاستثمار والتنمية والطاقة كمحركات أساسية وجوهرية".
وليس كذلك الأمر فقط كما يرى المشهداني خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، إذ ان هنالك ملفات أخرى لا تقل أهمية مثل تنسيق المواقف بين الدول الثلاث في جانب مكافحة الإرهاب والأمن المشترك.
وعن الفائدة المرجوة التي تعود من القمة الثلاثية، يبين المشهداني، أن "العراق يعاني من مشاكل كبيرة وخصوصا في مجال الإعمار والسكن والتنمية والطاقة، وحتى في المجال التكنولوجي والتقني، وبالتالي فإن مصر التي تمتلك من التجربة الناجحة في تلك المجالات ما تستطيع به الدخول بقوة لتنفيذ تلك البرامج بما يعود بالنفع على الطرفين".
وفي جانب أخر، تتضمن البروتكولات الموقعة خلال القمم الثلاث الماضية التي عقدت، مد أنبوب لتصدير النفط إلى مصر، عبر الأردن، وهو أمر يحقق ثماره الاقتصادية للدول الثلاث، يضيف المشهداني.
مخرجات القمة الثلاثية
وتأتي "قمة بغداد 2021"، الرابعة إذ أنه في أقل من عام عقد الرؤساء اجتماعات ثلاث، الأول كان بالقاهرة إبان عهد الرئيس العراقي عادل عبد المهدي عام 2019، وتبعه في سبتمبر/أيلول 2020 لقاء آخر على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك، والأخير بالعاصمة الأردنية عمان في ظل جائحة كورونا.
كان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، قد كشف خلال زيارة للولايات المتحدة، في أغسطس/ اب 2020، عن مشروع استراتيجي اسماه "الشام الجديد"، يجمع بغداد وعمان والقاهرة.
من جانبه يرى الخبير القانوني، طارق حرب، أنه "لو طالعنا نصوص هذا التعاون التي تحكم هذه الاندماج سنجد أن هنالك اتفاقية في الجامعة العربية صريحة في مواد خاصة بالتعاون العربي وزاد على ذلك هناك الاتفاقية العربية التي لازالت نافذة بموجبها على الدول التعاون والتكامل فيما بينها وبالتالي محكومة بالقوانين الدولية".
وبشأن التزام مخرجات ما وصلت اليه نتائج القمة الثلاثية بجميع جلساتها الأربع، يؤكد حرب خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، لابد أن نعطي المثل الاعلى فما يتم الاتفاق عليه ما بين الرؤساء بغية تطبيقه وتحويله إلى ارض الواقع".
وحول تحويل تلك الاتفاقات إلى برامج عمل فوق الأرض، يرى الخبير الاستراتيجي طالب سعد، أن "تحقيق ذلك ينطلق من تأسيس مشاريع مشتركة وصيغ جديدة للتعاون الاقتصادي وكذلك مدن صناعية للاستفادة المتبادلة في مجال الطاقة والاستثمار وخصوصا أن العراق يعاني في هذا المجال وهناك امكانات للتعاون مع الأردن ومصر ".
ويزيد سعد بالقول، إن "هنالك بلدان متباعدة وتتقارب وتعقد مع بعضها الاتفاقيات فكيف الحال بين دول المنطقة العربية"، موضحاً أن "العراق لا يمتلك علاقات جار مع جار فحسب وإنما علاقات عضوية على مستوى التقاليد والمورثات والتواشج الاجتماعي وهو ما يهيئ لشركات قوية على كافة المستويات".
كان الرئيس العراقي برهم صالح، وصف التعاون بين بغداد والقاهرة وعمان بأنه نقطة تحوّل نحو آفاق السلام والتنمية في المنطقة وتلبية لتحديات الأوضاع الإقليمية والدولية.
وعقب انتهاء انعقاد القمة الثلاثية في بغداد، مساء اليوم الأحد، أصدر المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء، البيان الختامي لقمة القادة، حيث شمل 29 فقرة، توزعت بين اتفاقيات اقتصادية وتعاون مشترك في مختلف المجالات بين الدول الثلاث.