الجيش يسيطر على 95% من ليبيا.. ماذا تبقى للمليشيات؟
البساط السياسي والجغرافي بدأ ينسحب نهائيا من تحت أقدام المليشيات المسلحة التي تتخذ من العاصمة الليبية طرابلس مقرا لها
بدأ البساط السياسي والجغرافي ينسحب نهائيا من تحت أقدام المليشيات المسلحة، التي تتخذ من العاصمة الليبية طرابلس وضواحيها مقرا لها والتي تشمل تاجوراء وجنزور وغيرهما.
وأصبح الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وبالتالي الحكومة الليبية المؤقتة، يسيطر على أكثر من 95% من الأراضي الليبية التي تتعدى مليونا و759 كيلومترا مربعا، وفق ما أعلنه اللواء أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش.
الانهيار الذي لاحق جغرافية المليشيات لاحق دبلوماسيتها وحكومتها، التي تراجع الدعم الدولي لها وفشلت على 3 أشهر في الحصول على قرار دولي واحد يدين تقدم الجيش الوطني الليبي لتحرير العاصمة من المليشيات.
الموقف الدولي من حكومة الوفاق غير الدستورية في طرابلس لم يأتِ نتيجة انكشاف حقيقة دعمها للإرهاب والمليشيات المسلحة فقط، بل نتيجة انفضاح أن هذه الحكومة غير الدستورية تخضع لأوامر مباشرة من المليشيات التي تملي عليها قرارات سيادية، أو إهانة هذه المليشيات للسراج نفسه، برفض ما أسماه مبادرة سياسية، ووصفها أنها "لا تساوي الحبر الذي كتبت به".
لم يبق للمليشيات إلا الدعم الخارجي
يرى المحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل أن المليشيات في ليبيا انتهت حقيقة، وأن المشكلة التي تواجه الليبيين الآن ليست المليشيات وإنما الدعم الخارجي.
وأوضح، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أن الجيش الليبي يحارب الآن في طرابلس إرهابيين نقلتهم تركيا قادمين من سوريا.
وتابع عقيل أن إمداد تركيا للمليشيات والإرهابيين بأسلحة نوعية يمكن أن تقلل الفارق العسكري بين الجيش الليبي المتفوق والمليشيات المنهارة.
وأوضح أن المليشيات لم يتبق لها سوى هذا الدعم القادم من تركيا، مؤكدا أنه لو تم رفع هذه اليد عنها لسقطت فورا.
وشدد عقيل على أن المجتمع الدولي عليه دور مهم في منع هذا الدعم بالسلاح والمال، خاصة أن غالبية من يحاربون في طرابلس هم إرهابيون ومرتزقة.
وأشار المحلل السياسي إلى أن المرتزقة يستطيعون تأمين إمداداتهم، لأنهم مرتزقة يقاتلون من أجل المال.
وكشف عقيل أن المليشيات تعاني انهيارا داخليا تاما خاصة في مدينة مصراتة، التي عرضت الانسحاب من المعارك في طرابلس على الجيش الليبي، في مقابل عدة طلبات رفضتها المؤسسة العسكرية تماما.
وتعاني مدينة مصراتة، حسب عقيل، من ويلات دعمها للمليشيات في معارك طرابلس، قائلا: "المآتم والمعازي كل يوم في مصراتة، لم يعد هنالك شباب، أكثر من 300 قتيل، ومفتي الإرهاب الصادق الغرياني أقر بذلك".
وفيما يخص فشلها على مر 3 أشهر في استخراج موقف دولي واحد داعم لها، أكد عقيل أن المجتمع تورط في تدمير ليبيا عقب تدخل الناتو عسكريا في ليبيا، وقد قدم باراك أوباما الرئيس الأمريكي السابق الاعتذارات عن سياسته "الخاطئة" في ليبيا، وكذلك المجتمع الدولي، ما يجعل المجتمع الدولي حذرا في التعامل مع الملف الليبي مؤخرا.
غطاء تركيا وقطر وإعلام الإخوان
ويرى عيسى رشوان الناشط السياسي الليبي أن انتقال وانتشار عمليات مؤسسة الجيش الليبي من قلب مدينة درنة إلى حدود طرابلس له دلالته ومؤشراته الواضحة عند المجتمع الدولي والمراقبين الدوليين للملف الليبي.
وأوضح رشوان لـ"العين الإخبارية" أنه لم يتبق للمليشيات التي تدافع على مصالحها وإيراداتها المالية من مبيعات النفط الليبي سوى المساحة المحصورة داخل حدود مدينة طرابلس جغرافيا.
وتابع رشوان أن المليشيات تسعى للبقاء، معتمدة على علاقات وتأثير وزارتي الخارجية التركية والقطرية، تحت غطاء سياسي يستخدم في الواجهة من حكومة فايز السراج وفتحي باش أغا، وما تروجه ماكينة إعلام تنظيم الإخوان الدولي الإرهابي.
وأكد أن الموقف الدولي واضح، في كونه لا يدعم مليشيات خارجة عن القانون، بعد أن تأكد من تصنيفها من خلال أجهزة استخباراته ومراكز الدراسات والأبحاث الاستراتيجية.
ونوه إلى أن المجتمع الدولي في المقابل متأكد من أن الجيش الوطني الليبي مؤسسة عسكرية واحدة منضبطة بقانون ولوائح إدارية، ويعول عليها بأن تكون هي القوة الوحيدة في البلاد، مشيرا إلى أن المجتمع الدولي قرر الوقوف في صف الجيش الليبي، خشية أن يحسب عليه في يوم من الأيام بأنه قد دعم مجرمين.
وأشار رشوان إلى أن الداخل الليبي ضاق من هذه المليشيات المسيطرة على العاصمة واستعراضاتها الهزلية ونهبها وإجرامها وسطوتها تحت مسمى الدولة المدنية التي تروجه لخداع المجتمع الدولي، في حين أنهم مجموعة من الإرهابيين والمليشيات غير النظامية.
الأقاليم الثلاثة
على الأرض يؤمن الجيش الليبي مدن شرق ليبيا بالكامل، بعد تحرير آخر معقل للإرهابيين في مدينة درنة العام الماضي، إضافة إلى جنوب ليبيا الذي حرره من العصابات التشادية والتنظيمات المتطرفة، وعلى رأسها تنظيما داعش والقاعدة.
ولم يعد وجود هذه العصابات الإرهابية إلا في صورة الخلايا النائمة التي تنفذ عدة عمليات خاطفة من حين لآخر، يتصدى لها الجيش الليبي وقوات الإسناد من أهالي هذه المدن، ويعتقد كثير من الباحثين والمحللين أن هذه العناصر الإرهابية تتمركز في سلسلة جبال الهروج جنوب وسط ليبيا، بسبب طبيعتها الجغرافية والطبوغرافية، سلسلة جبال بركانية.
وفيما يخص الغرب الليبي، فإن الجيش الليبي يطوق العاصمة طرابلس من 7 محاور، ويسيطر على مدينة ترهونة على الحدود الشرقية للعاصمة، وصبراتة على حدودها الغربية، وبشكل عام فإن المليشيات لم تعد تسيطر بشكل كامل في الغرب الليبي إلا على مدن الزاوية وطرابلس ومصراتة وغريان، أما بقيت المدن مثل الزنتان وإن لم تتبع الجيش الليبي بشكل كامل فإنها أرسلت عدة وحدات لتشارك مع الجيش الليبي في عملية تحرير العاصمة.
وعزز من هذه السيطرة فقدان المليشيات أحد أهم أذرعها العسكرية وهو سلاح الجو، إذ أصبحت السيادة الجوية للجيش الليبي، بعد فقدان الكلية الجوية بمصراتة لغالبية طائراتها وكذلك مطار معيتيقة، الذي عانى من تدمير الطائرات بدون طيار على مدرج القسم العسكري منه وغرفة عملياتها وهوائياتها، رغم استلامه طائرات تركية مسيرة جديدة.
aXA6IDMuMjMuMTAxLjYwIA== جزيرة ام اند امز