من "ترشح ترامب" لـ"حرب أوكرانيا".. هل تنبؤات "ذي سيمبسونز" حقيقية؟

كثيراً ما يُنسب إلى المسلسل الكرتوني الأمريكي الشهير "ذي سيمبسونز" أنّه تنبأ بأحداثٍ قبل حصولها. إلا أنّ المشاهد المستخدمة لإثبات هذه النظريّة تكون مركّبة أو مجتزأة من حلقات عدّة أو أخرجت عن سياقها.

وفي هذا الإطار، ظهر فيديو حصد ملايين المشاهدات على مواقع التواصل يعرض مجموعة أحداث زَعم أنّها "تنبؤات" للمسلسل تحقّقت خلال السنوات الماضية. إلا أنّ هذه الادعاءات غير صحيحة، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.

يتضمّن الفيديو مشاهد يبدو أنها مقتطفة من حلقات المسلسل الكرتوني، تقارَن مع أحداثٍ وقعت بالفعل مثل انفجار مرفأ بيروت وانتشار فيروس كورونا.

وجاء في النصّ المرافق "أنت جزء من مسلسل كرتوني..مسلسل سيمبسون يتنبأ بما يحدث حولك".

"ذي سيمبسونز" والتوقعات

حصد الفيديو عشرات آلاف المشاركات وملايين المشاهدات من صفحات عدّة، ويأتي انتشاره في سياق ادعاءات تظهر على مواقع التواصل بأن المسلسل الأمريكي، الذي بدأ عرضه سنة 1989، تنبأ بأحداثٍ قبل وقوعها.

إلا أنّ المشاهد المستخدمة في الفيديو لإثبات هذه النظريّة مضلّلة.. فما حقيقتها؟

فيروس كورونا

يزعم معدّو الفيديو أنّ المسلسل تنبأ بظهور كوفيد-19 وتحديداً في الصين. إلا أنّ المشاهد المستخدمة تعود لحلقة تحمل اسم Marge in Chains عرضت عام 1993، وتتحدّث عن انتشار مرض "إنفلونزا أوساكا" من خلال طردٍ وصل من اليابان، لا من الصين مثلما ورد في الفيديو.

ترشح ترامب للرئاسة

أمّا المشهد الذي استخدم في الفيديو لإثبات "تنبؤ" المسلسل بترشّح دونالد ترامب للرئاسة الأمريكيّة في حلقة عرضت عام 2020، فهو مقتطع من حلقة خاصّة بثّها صنّاع المسلسل عام 2015 بعد إعلان ترامب ترشّحه وتحمل عنوان Trumptastic Voyage.

وحتى لو بثّت الحلقة المذكورة عام 2000، كما ادّعى معدّو الفيديو زيفاً، لن تكون بمثابة "نبوءة". فقد تحدّث ترامب منذ الثمانينيات عن رغبته بالترشّح للانتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة وقد عبّر عن ذلك جدياً للمرّة الأولى عام 1999.

وفاة كوبي براينت

عرض الفيديو أيضاً مشاهد يُراد منها القول إنّ المسلسل تنبأ بوفاة لاعب كرة السلة الشهير كوبي براينت. إلا أنّ ما عُرض لا علاقة له بـ"ذي سيمبسونز"، بل هو في الحقيقة مقتطع من مسلسل كرتوني آخر يدعى Legends of Chamberlain Heights.

وقد ورد المشهد المذكور لبراينت في حلقة بّثت في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2016 على موقع Comedy Central.

انفجار مرفأ بيروت

من الأحداث التي ادّعت المنشورات أيضاً أن "ذي سيمبسونز" تنبأ بها هي انفجار مرفأ بيروت.

ولمحاولة إثبات ذلك، جمع معدّو الفيديو بين مشهدين، الأول لـ"هومر سيمبسون"، أحد أبطال المسلسل، وهو يشتري مفرقعات ناريّة خلال حلقة Summer of 4 Ft. 2 من الموسم السابع.

أما المشهد الثاني، فيظهر انفجار محطّة نوويّة لتوليد الطاقة مأخوذ من حلقة أخرى تحمل اسم The ned zone من الموسم السادس.

وأراد معدّو الفيديو من ذلك القول إنّ المسلسل توقّع أن تلعب المفرقعات الناريّة دوراً بحدوث انفجار ضخم، على غرار ما حصل في مرفأ بيروت، حيث تواجدت شحنة من المفرقعات الناريّة إلى جانب كمّيات من نيترات الأمونيوم التي انفجرت مخلّفة عشرات الضحايا وأضراراً جسيمة.

لكن على عكس ما حاول المنشور الإيحاء به، لم يَظهر المشهدان في الحلقة نفسها ولم يرد أنّ مفرقعات ناريّة سبّبت الانفجار الضخم، بل كان بطل المسلسل هو من ضغط على زرٍّ فجّر من خلاله المحطّة.

أمّا الصورة المستخدمة للقول إنّ شكل المباني المحيطة بمكان الانفجار هو نفسه في المسلسل الكرتوني وفي الواقع فلا تُظهر تطابقاً.

قصة الطفل ريان

تضمّن الفيديو مشاهد من حلقة بعنوان Radio Bart عرضت عام 1992، للإيحاء بأنّها تنبّؤ بمأساة الطفل المغربي ريّان الذي أخرج ميتاً من بئر علق فيها خمسة أيام في حادثة هزّت العالم.

صحيحٌ أنّ الحلقة تظهر طفلاً من عائلة "سيمبسونز" عالقاً في بئر، إلا أنّ تفاصيل القصّة لا تمتّ بصلة إلى حادثة الطفل المغربيّ، فالطفل في المسلسل نزل عمداً إلى البئر لاستعادة لعبة رماها فيها ثمّ عَلِق.

وغالباً ما تقع حوادث مماثلة حول العالم، وإحداها سقوط طفلة أمريكيّة في بئر عام 1987، أي قبل عرض الحلقة المذكورة بسنوات، ما يضع الأمر في خانة الاستلهام من الواقع لا التنبؤ به.

الغزو الروسي لأوكرانيا

وأخيراً استخدم الفيديو مشاهد من حلقة Simpson Tide التي عرضت عام 1998 للقول إن المسلسل تنبأ بالنزاع في أوكرانيا.

صحيح أنّ الحلقة تتحدّث عن أزمة بين الولايات المتحدة وروسيا تطوّرت إلى تهديدات نوويّة تسبّب بها "هومر سيمبسون"، إلا أنّ الحلقة لا تأتي على ذكر عملية روسيّة ضد أوكرانيا بل عن عودة مفترضة للاتحاد السوفيتي و"خروج لينين من قبره"، وإعادة بناء جدار برلين.

وقد علّق أحد منتجي المسلسل في حسابه على موقع تويتر على هذه المقتطفات قائلاً "للأسف لم يكن من الصعب أن نتوقّع ذلك"، في إشارة على ما يبدو إلى التوتّر التاريخيّ بين واشنطن وموسكو.