آلاف الطلبة المغاربة العائدين من أوكرانيا.. مصدر يكشف لـ"العين الإخبارية" مصيرهم الدراسي
بعد مجهودات جبارة وناجحة لإجلائهم من بين المعارك الضارية، يواجه الطلبة المغاربة العائدون من أوكرانيا تحديات تتعلق بإدماجهم الدراسي.
وتعكف الحكومة المغربية، منذ مدة، على دراسة الخيارات المتاحة لمواكبة الطلبة العائدين من أوكرانيا في إتمام مسارهم الدراسي بعد تواصل الحرب في أوكرانيا منذ شهر.
جهود حكومية
وأكد مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، الخميس، بالرباط، أن الحكومة تعكف على دراسة الخيارات المتاحة لمواكبة الطلبة العائدين من أوكرانيا في إتمام مسارهم الدراسي.
وقال بايتاس، في لقاء صحفي عقب الاجتماع الأسبوعي للحكومة، إنه بعد فتح الباب أمام هؤلاء الطلبة للتعبير عن رغباتهم والتصريح بتخصصاتهم ومستوياتهم الجامعية، في مرحلة أولى، يجري العمل، في مرحلة ثانية، على تدقيق الطلبات والتحقق من المعطيات.
وتابع الوزير أنه بمجرد الانتهاء من جرد العدد الإجمالي لهؤلاء الطلبة وتحديد تخصصاتهم ومستوياتهم الجامعية، سيتم الانكباب على دراسة الخيارات الكفيلة بتمكينهم من إتمام السنة الدراسية، مبرزا أن الحكومة تعقد اجتماعات متواصلة مع كافة الأطراف التي بمقدورها الإسهام في إيجاد حلول لهذا الملف.
وأشار المسؤول الحكومي إلى أنه تم إلى غاية يوم الأربعاء إحصاء أزيد من سبعة آلاف طالب مغربي عائد من أوكرانيا على المنصة الإلكترونية التي أطلقتها وزارة التعليم العالي لهذا الغرض.
إدماج
وتفاعلا مع الموضوع، كشف مصدر من تنسيقية الطلبة المغاربة في أوكرانيا، أنه سيتم إدماج الطلبة الراغبين في إتمام دراستهم في المغرب على أن يتم التواصل مع البلدان المجاورة لأوكرانيا قصد تسهيل الدراسة فيها لمن رغب في العودة إلى هناك.
وأوضح المصدر ذاته، في حديث مع "العين الإخبارية"، أن مجموعة من الطلبة يطالبون بإدماجهم في النظام التعليمي المغربي لإتمام الدراسة، في حين أن هناك مجموعة أخرى تريد العودة إلى الدول المجاورة لأوكرانيا لإنهاء الدراسة فيها.
كما شكر الحكومة المغربية وعلى رأسها العاهل المغربي الملك محمد السادس، بعد أخذ المبادرة وإرجاع الطلبة المغاربة إلى أرض الوطن، بالإضافة إلى الوعد بإدماجهم في الجامعات المغربية لإتمام دراستهم.
وطالب من الحكومة المغربية وعلى رأسها وزارة الخارجية ووزارة التعليم العالي بالتواصل مع السلطات الأوكرانية قصد الحصول على وثائق الطلبة، وكذا كل ما يثبت المستوى والتحصيل الدراسي لهم في أوكرانيا قصد استعمالها للولوج إلى مختلف مؤسسات التعليم الجامعية، سواء في المغرب أو في البلدان الأخرى.
وأضاف عضو تنسيقية الطلبة المغاربة بأوكرانيا، أنه سيتم خلال الأيام المقبلة تقديم طلب لقاء المسؤولين المغاربة للحوار واقتراح مجموعة من الحلول والمشاركة في لجنة إعدادها.
وأشار الطالب المغربي، إلى أن المعطيات الرسمية التي تم تقديمها اليوم خلال الندوة الصحفية للناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، تشير إلى تسجيل ما يفوق 7 آلاف طالب في المنصة التي أحدثتها الوزارة الوصية.
وحول وجود مطالب بعدم دمج الطلبة القادمين من أوكرانيا في الجامعات المغربية، قال عضو التنسيقية، إن "هؤلاء الرافضين لولوجنا هي فئة قليلة تتحدث عن الموضوع"، مضيفا أن الأمر يبقى في يد السلطات الحكومية والتي لها الكلمة الأخيرة في اتخاذ القرار المناسب والذي يراعي مصالح جميع الطلبة سواء داخل المغرب أو خارجه.
من جهة أخرى، أبرز المتحدث عينه أن التنسيقية وضعت هي الأخرى منصة لتسجيل الطلبة المغاربة في أوكرانيا قصد معرفة حاجياتهم والتواصل معهم من أجل مناقشة قضاياهم والعمل على إعطاء مجموعة من المقترحات والحلول للجهات الوصية على القطاع، مضيفا أنه إلى حدود هذا الأسبوع تم تسجيل أكثر من 3 آلاف طالب في هذه المنصة.
دعم نفسي
وبعد عودة الطلبة إلى المغرب، والظروف التي اجتازوها للوصول إلى المملكة، هناك مناداة من فاعلين في قطاع التعليم وكذا الخبراء النفسيين لدعم هؤلاء الطلبة لتجاوز هذه الأزمة التي يمكن أن تصيبهم جراء الحرب في أوكرانيا وطريقة العودة إلى المغرب.
وفي تصريح لـ"العين الإخبارية"، قال محسن بنزاكور، الخبير النفسي، والأستاذ الباحث في علم النفس الاجتماعي إنه يجب الوقوف على "مفهوم الطلبة"، والذي يحدد "طلبة لم يتموا عامهم الأول في أوكرانيا وسنهم يقارب أو يتعدى قليل 18 سنة، كما أن هناك طلبة كانوا يستعدون للتخرج من الجامعات الأوكرانية خلال نهاية هذا الموسم الدراسي ولا يفصل سوى أربعة أو خمسة أشهر على نهاية تكوينهم الدراسي هناك.
وأضاف بنزاكور أن هاتين الفئتين هما الأكثر معاناة، نظرا لهشاشة التجربة، بينما تعيش الفئة الثانية التي شارفت على نهاية الدراسة "انتفاء الأمل"، وهو ما يجعل الفئتين تمثلان هشاشة البنية بالإضافة إلى صدمة الحرب، ثم التنقل بكل مخاوفه والصراع الحربي الذي يتميز بنوع من الخوف والرعب وكذا الوصول إلى الحدود مع الدول المجاورة لأوكرانيا مع وجود معاناة شخصية كبيرة، رغم وصول طائرات الإجلاء المغربية إلى الدول المجاورة لأوكرانيا.
وأبرز المتحدث ذاته، وجود إشكال يتمثل في أن بعضا من هؤلاء الطلبة لديهم قوة في الشخصية، وهو ما سيجعل تجربة مغادرة أوكرانيا في سياق الحرب بالنسبة لهم "دعامة وقوة نفسية" لشخصيتهم، في حين أن هناك أشخاصا آخرين لديهم "استعداد للخوف أو الهلع"، وهو ما يحتم أن يتم متابعتهم ودعمهم نفسيا من جراء الصدمة التي عاشوها من الحرب واستشراف المستقبل ونقص الأمل في العودة.
وحول بعض دعوات الطلبة المغاربة في عدم إدماج الطلبة العائدين من أوكرانيا في الجامعات المغربية حتى يتم تأهيل البنية التي ستستقبلهم، قال الأستاذ الباحث في علم الاجتماع، إنه من الناحية الاجتماعية فإن كلا الطرفين "على صواب".
موضحا أن الطلبة المغاربة العائدين من أوكرانيا يرغبون في نوع من الاستقرار والضمانات في إتمام الموسم الدراسي، في حين أن الطلبة هنا بالمغرب، يعانون مجموعة من الصعوبات، منها أن الطالب لا يصل مرحلة إجراء التدريب إلا بعد التحدث مع الأستاذ/ الطبيب المشرف ووجود مدة طويلة بسبب عددهم الكبير ونقص في البنية التحتية لاستقبالهم ووجود اكتظاظ كبير في أعدادهم على مستوى كليات الطب المغربية.
تدخل عاجل
وأضاف الخبير النفسي، أن على الجهات المسؤولة التدخل خصوصا وزارتي الصحة والتعليم العالي، باعتبارهما المسؤولتين عن هذا القطاع قصد وجود حل في إدماج الطلبة، معتبرا أنها فرصة لتدارك بعض الثغرات في البنية التحية لدى المستشفيات الجامعية.
ونوه إلى أن هذه الإشكالات تفضي إلى وجود مقاربات، تتمثل أولها في "مقاربة آنية"، وهي أن هؤلاء الطلبة مغاربة ويعيشون تقريبا نفس الوضعية، كما أنهم سيدخلون في وضعية "غير سليمة"، في حين لابد من أن يكون هناك استعداد من لدن السلطات الحكومية للأزمات وتطوير جودة التعليم خصوصا في كلية الطب.
وأشار إلى هناك تطمينات من الحكومة بعد تصريحات وزارات الصحة والتعليم العالي، والتي أكد فيها وزير التعليم على عملية إدماجهم في الجامعة المغربية، رغم وجود القلق لدى الطلبة، مشددا على ضرورة وجود دعامة نفسية لمواجهة المخاطر، لافتا إلى أن "الخطير هو عدم التجاوب والتوجيه مع هذا القلق من أجل إيجاد الحلول، وهو ما ينتج بعض الاضطرابات لدى هؤلاء الأشخاص".
الخبير النفسي، خلص إلى أنه يمكن القول "إنها كفاءات للتأقلم مع الظروف، وهذه الكفاءة لا بد من أنه على الإنسان تطويرها، ولا يخضع للاهتزاز النفسي، بالنظر إلى أن الوضعية كيف ما كانت طبيعتها تحتاج لفترة زمنية من أجل وجود الحل، واتفاقات وقرارات، وهو ما يؤكد ضرورة تملك الشخص القوة على التحمل".
ويُضيف بنزاكور، لا بد لهؤلاء الطلبة من الدخول في مفاوضات مع الجهات المعنية، لأنهم ليسوا أناسا عاديين، بالنظر لكونهم طلبة ويمتلكون مؤهلا علميا، ويحوزون على مكانة مهمة، وهو ما يؤكد أن هذا الحادث لا يجب أن يشكل لديهم هشاشة نفسية، ويستوجب قوة للدفاع عن حقوقهم، علما بأن المغرب لم يقم بالتفريط في طلبته في أوكرانيا وهو ما يعتبر ضمانة كبرى لهم.
aXA6IDE4LjExNy4xMDMuMTg1IA== جزيرة ام اند امز