أجهزة الظل تحت المجهر.. ترامب يخطط لتفكيك «الاستخبارات الوطنية»

يمضي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قدما في خطته لتفكيك مكتب الاستخبارات الوطنية، الجهاز الأعلى للتنسيق الاستخباراتي في البلاد.
وذكرت مصادر مطلعة لوكالة بلومبيرغ أن ترامب ناقش هذه الفكرة مرات عديدة، بما في ذلك عند ترشيحه تولسي غابارد لرئاسة الجهاز في فبراير/ شباط الماضي.
وتأتي هذه الخطوة ضمن جهود إدارته لتقليص البيروقراطية الاستخباراتية، حيث قامت غابارد بالفعل بخفض عدد موظفي الاستخبارات الوطنية بنسبة 25%، وتجري مفاوضات مع الكونغرس لمزيد من التخفيض.
تهميش غابارد وتحوّل الصلاحيات
رغم إنكار البيت الأبيض (ممثلًا بمتحدثه ستيفن تشيونغ)، تشير تقارير إلى تهميش متعمد لدور غابارد، مع تحويل الصلاحيات نحو مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف.
وقد تجلّى هذا التوتر قبل أسابيع، عندما رفض ترامب تقييم غابارد بأن إيران "لا تسعى بقوة لامتلاك سلاح نووي"، ونفى تقارير استخباراتية أفادت بأن الضربات الأمريكية الأخيرة على المنشآت النووية الإيرانية كانت "محدودة الأثر" – وهو ما وصفه البيت الأبيض لاحقًا بـ"غير الصحيح تمامًا".
الخلاف الإيراني: استمرار للصراع القديم
لم يشرك ترامب غابارد في إحاطة سرّية قدمتها الإدارة للمشرعين حول الضربات على إيران، وفقًا للسيناتور الديمقراطي كريس مورفي.
هذا التهميش يذكر بصراعات ترامب السابقة مع مجتمع الاستخبارات خلال ولايته الأولى، عندما اتهم الأجهزة بـ"التسييس" ووقف إلى جانب بوتين ضد تقارير تدخل روسيا في انتخابات 2016.
وقد سعت غابارد نفسها لمكافحة "تسييس الاستخبارات" من خلال إحالة ضباط للتحقيق بتهم تسريبات، ما أدى إلى طرد مسؤولين بارزين من مجلس الاستخبارات القومي في مايو/ أيار الماضي.
مشروع قانون لتقنين التخفيضات
يدعم خطة التخفيضات السيناتور الجمهوري توم كوتون (رئيس لجنة الاستخبارات)، والذي تقدم بمشروع قانون يوم الجمعة يحدد عدد موظفي جهاز الاستخبارات الوطنية بـ650 موظفًا فقط – أقل من ثلث العدد الحالي المقدر بـ2,000.
وبرّر كوتون ذلك بالقول: "تأسس جهاز الاستخبارات الوطنية بعد 11 سبتمبر/ أيلول كهيئة تنسيقية مرنة، لا بيروقراطية مترهلة!" وقد ساهمت وعود غابارد بتقليص الجهاز في حصولها على دعم الكونغرس لمنصبها.
تحديات قانونية ومخاوف أمنية
خلافًا لمجلس الأمن القومي الذي تم تقليصه فجأة عام 2023، يواجه إغلاق مكتب الاستخبارات الوطنية عوائق قانونية لأنه تأسس بقرار من الكونغرس بعد إخفاقات 11 سبتمبر/ أيلول. وحذرت جين هارمان المكتب من أن التخفيضات العشوائية تعرقل "القدرة على ربط النقاط" بين وكالات الاستخبارات الـ17.
ويؤكد لاري فايفر، خبير استخباراتي سابق، أن جوهر الأزمة يكمن في انعدام ثقة ترامب بمجتمع الاستخبارات: و"يعتقد أنهم يتآمرون عليه".
تداعيات مستقبلية
يُظهر هذا الصراع تناقضًا صارخًا، ففي الوقت الذي يبني فيه ترامب قراراته الأمنية بناء على تقارير استخباراتية (كضربات إيران)، عمد إلى مهاجمة الجهة المنتجة لها.
وفي ظل تصاعد التوتر مع طهران، يطرح تقليص مكتب الاستخبارات الوطنية مخاوف حول قدرة الولايات المتحدة على مواجهة تهديدات معقدة تتطلب تنسيقًا استخباراتيًا دقيقًا – خاصة أن المكتب صُمم في الأصل لمنع تكرار "فشل ربط المعلومات" الذي مهّد لهجمات 11 سبتمبر/ أيلول.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjAzIA== جزيرة ام اند امز