مسؤولان سابقان بـ"سي آي إيه": تخفيف الضغط على داعش يعرضنا للخطر
مسؤولان سابقان في وكالة الاستخبارات الأمريكية حذرا إدارة ترامب من أن تخفيف الضغط على داعش يمنح فلول التنظيم فرصة لإعادة ترتيب صفوفهم
حذر مسؤولان سابقان في وكالة الاستخبارات الأمريكية "سي آي إيه"، إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من أن تخفيف الضغط على داعش ربما يمنح فلول التنظيم الإرهابي فرصة لإعادة ترتيب صفوفهم، بما يشكّل تهديدا جديدا لأمن الولايات المتحدة وحلفائها.
جاء ذلك في مقال رأي مشترك نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية لمايكل موريل نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق، ومايك فيكرز الضابط السابق في القوات الخاصة ومسؤول عمليات سابق في "سي آي إيه"، وسكرتير وزير الدفاع لشؤون الاستخبارات سابقا.
وقال المسؤولان السابقان، "لقد شاركنا بقوة في حرب بلادنا ضد تنظيم القاعدة الإرهابي، ومعركتها المبكرة ضد داعش، وكلانا يعتقد أنه لا بد أن يتذكر الرئيس ترامب ما نعتبره أهم درس في مكافحة الإرهاب، وهو قدرة الجماعة الإرهابية على التجدد بسرعة إذا ما خف الضغط عليها".
وأضافا: "النموذج واضح إذا لم نقم بالضغط على داعش والجماعات الأخرى، فإننا نعتقد أننا سنواجه تهديدا جديدا لديارنا، ولقد رأينا هذا النموذج بشكل متكرر خلال حياتنا المهنية؛ دائما مع عواقب وخيمة محتملة".
وتابعا: "عندما أبعدت الولايات المتحدة تنظيم القاعدة من أفغانستان في خريف عام 2001، توجه عناصر الجماعة إلى منازل آمنة مرتبة مسبقا في المناطق الحضرية في باكستان، حيث استمروا في التخطيط للهجمات العدوانية".
وأردفا: "وعلى مدار العام التالي، تمكنت وكالة الاستخبارات المركزية، بمساعدة الاستخبارات الباكستانية، من ضبط العديد من عناصر القاعدة بصورة منتظمة، ومنهم عدد من كبار قادة الجماعة، ما قلص إلى حد كبير من قدرات الجماعة على مهاجمتنا".
وأشارا إلى أن "فلول القاعدة انتقلت مجددا، هذه المرة في عام 2003 إلى مناطق قبلية نائية بباكستان على طول الحدود بين أفغانستان وباكستان، حيث تسيطر الحكومة الباكستانية بقدر محدود، وبالتالي لم تعد الجماعة تتعرض لضغط الحكومتين الأمريكية أو الباكستانية".
وزادا: "بدون هذا الضغط، ارتدت قدرات الجماعة على مهاجمتنا، بحلول صيف عام 2005 دبرت القاعدة ونسقت تفجيرات لندن في يوليو/تموز 2005، وبحلول صيف عام 2006، تمكّنت القاعدة مجددا من مهاجمة الولايات المتحدة بشكل كارثي".
واستدركا بالقول: "لكن العمل الممتاز الذي قامت به الاستخبارات الأمريكية والبريطانية والباكستانية منع خطة لتفجير متفجرات على متن 10 إلى 15 طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة من مطار هيثرو في لندن".
وأوضحا أنه "ردا على ذلك، بدأت إدارة الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، واستأنفت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، تدابير هجومية لمكافحة الإرهاب لمدة سنوات على طول الحدود بين أفغانستان وباكستان، أضعفت القاعدة بشكل كبير".
ولفتا إلى تكرار دينامية مماثلة في اليمن، في أعقاب أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، حيث نمت جماعة مرتبطة بالقاعدة هناك من حيث الحجم والتهديد، وهي ثمرة فرار زعيم كبير للقاعدة من جنوب آسيا إلى شبه الجزيرة العربية، ونفذت عدة هجمات، قبل أن تتمكّن الولايات المتحدة بالتعاون مع الحكومة اليمنية، من السيطرة عليها من خلال اعتقال وسجن معظم قادتها، ولكن عملية هروب كبير من سجن في فبراير/ شباط 2006 سمحت للجماعة بإعادة تأسيس نفسها.
وفي غضون 24 شهرا من الهروب، شكّل تنظيم "القاعدة في الجزيرة العربية"، تهديدا للغرب مجددا، وشن هجومين على السفارة الأمريكية في صنعاء عام 2008؛ وكاد ينجح في إسقاط طائرة ركاب أمريكية متجهة إلى ديترويت، فتحرّكت إدارة أوباما بسرعة، وأضعفت الجماعة بحملة عسكرية، وهي عملية مستمرة حتى اليوم.
وأوضحا أن داعش بشكل جزئي، كان ثمرة لانسحاب القوات الأمريكية من العراق في نهاية عام 2011، عندما غادر الجيش الأمريكي البلاد، كان تنظيم "القاعدة في العراق" السابق لداعش، انهزم إلى حد كبير، وإن لم يكن بشكل كامل، ولم يتبقّ سوى بضعة آلاف من عناصر القاعدة، يختبئ معظمهم.
وبدون دعم عسكري أمريكي، بدأ تنظيم "القاعدة في العراق" في الارتداد بشكل شبه فوري، لأن الجيش العراقي كان أقل فعالية بكثير بدون دعم الولايات المتحدة، ولأن رئيس الوزراء العراقي آنذاك نوري المالكي، كان مترددا في قبول دعم المخابرات الأمريكية؛ وأصبح أكثر طائفية واستبدادية، ما أدى إلى عزل العراقيين السنة ودفع بعضهم للانضمام إلى القاعدة في العراق.
وبحلول وقت الحرب السورية وعبور "القاعدة في العراق" الحدود للانضمام إلى القتال، تمكنت الجماعة التي تطلق على نفسها اسم داعش، من السيطرة على ساحة المعركة السورية، حيث اكتسبت المزيد من القوة.
ووفقا للكاتبين، يعني هذا الدرس الرئيسي أنه يتعين على الولايات المتحدة وحلفائها أن يواصلوا الضغط على عشرات الآلاف من أعضاء داعش الذين ما زالوا في العراق وسوريا، وفعل نفس الشيء في أفغانستان حيث تنشط فلول القاعدة، وكذلك استئناف الضغط على تنظيم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية" باليمن.
واختتما بالقول، إذا لم نفعل هذا فستواجه الولايات المتحدة، في فترة قصيرة من الزمن، تهديدا خطيرا من هذه التنظيمات، يشمل تهديدًا للوطن. وبينما يتخذ قرارات بشأن الشرق الأوسط وجنوب آسيا، يحتاج الرئيس إلى أن يأخذ في الاعتبار القدرة التجددية لهذه الجماعات إذا أراد أن يحقق مسؤوليته الأولى: حماية الشعب الأمريكي.