«ماغا» بين الولاء والتصدّع.. ترامب يمسك بخيوط اللعبة

منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني الماضي، غمرت الخلافات قاعدته الشعبية حول كل شيء، بدءًا من قضية الهجرة وصولًا إلى شنّ غارات جوية على إيران.
لكن في كل مرة، كان الرئيس الأمريكي حاضرًا لتجاوز التصدعات التي ظهرت في ائتلافه، مرمّمًا إياها، وقادرًا على سحب حركة ماغا من حافة الهاوية.
وفي الشهر الماضي، وصف رئيس حلف شمال الأطلسي مارك روته ترامب بأنه «أب يضطر في بعض الأحيان إلى استخدام لغة قوية» للسيطرة على فريقه.
كان روته يتحدث عن الشرق الأوسط، لكن من السهل وصف دور الجمهوريين باعتبارهم بطريرك حركة ماغا. وبينما قد تتشاجر هذه العائلة كغيرها، فمن النادر أن ينفصل أيٌّ منها بشكل دائم، بحسب صحيفة «التلغراف» البريطانية.
وأشارت إلى أن غرائز ترامب تنبع من تجربته كمطور عقاري في مدينة نيويورك، مؤكدة أن «اعرف سوقك» هو أحد الدروس الرئيسية من مذكراته الصادرة عام 1987، بعنوان "فن إبرام الصفقات".
وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن «ماغا» منسوجة بمزيج غريب من الشخصية والأيديولوجيا، إلا أن العديد من استراتيجيي الحزب الجمهوري يشككون في قدرتها على البقاء عندما يخرج ترامب أخيرًا من المسرح السياسي.
وعندما سُئل عن العامل الذي حافظ على تماسك الحركة، قال ديف كارني، وهو مستشار جمهوري مخضرم عمل في الحملات الرئاسية لجورج بوش الأب وبوب دول، ببساطة: «الرئيس ترامب».
الطائرة القطرية
كانت هناك علامات مبكرة على وجود مشكلة عندما قرر ترامب قبول طائرة فاخرة بقيمة 400 مليون دولار مقدمة من قطر لتكون بمثابة طائرة الرئاسة، الأمر الذي وحّد المعتدلين والمؤمنين بـ«ماغا» في الإدانة.
إلا أن الرئيس الأمريكي تجاوز الاضطرابات وحصل على الطائرة، ممتنعًا عن توجيه انتقادات مباشرة لحلفائه، بل يبدو أنه شنّ حملة ترويجية، حيث اتصل بلورا لومر، الناشطة اليمينية التي كانت محور العديد من الخلافات حول ماغا، بعد ذلك بوقت قصير، واعتذرت عن «استنتاجاتها المتسرعة».
وبحسب «التلغراف»، فإن ترامب يعرف كيف يختار معاركه، ويوحد قاعدته المضطربة ضد عدو مشترك بدلًا من السماح لهم بالتحول ضد بعضهم البعض.
الضربات الإيرانية
لقد كانت العديد من الأصوات البارزة في حزب ماغا، والتي عانت من المستنقعات العسكرية في العراق وأفغانستان، متشككة عندما شنّ الرئيس غارات جوية على المواقع النووية الإيرانية الشهر الماضي باستخدام «قنابل خارقة للتحصينات».
وأعلنت مارغوري تايلور غرين، عضو الكونغرس الجمهوري المتشددة، أنها «سئمت» من الحروب الخارجية، وحثّت ترامب على التركيز على القضايا الداخلية مثل «غزو» حدود الولايات المتحدة من قبل المهاجرين غير الشرعيين.
فيما حذر ستيف بانون، كبير مستشاري البيت الأبيض السابق في إدارة ترامب، من أن الضربات لن تكون ما «أراد الكثير من مؤيدي ترامب سماعه».
إلا أن ترامب امتنع عن الرد، وبدلًا من ذلك اختار القتال مع شخص من خارج ماغا - توماس ماسي، عضو الكونغرس الجمهوري الذي ينتمي إلى التقاليد الليبرالية للحزب.
ففي هجوم لاذع من 300 كلمة على حسابه في موقع Truth Social، وصف الرئيس عضو الكونغرس من كنتاكي بأنه «ليس ماغا ومُتظاهر ساذج»، وأعلن أنه يخطط لشنّ حملة ضده في الانتخابات التمهيدية العام المقبل.
وقد تلقى ترامب مساعدة من نواب فعالين قادرين على الترويج لضربات إيران، مثل نائبه جيه دي فانس، الذي أصر على أن الرئيس كان «متسقًا» بشأن إيران طوال حياته المهنية.
وأصر الناشط اليميني تشارلي كيرك، عندما اقترح ترامب أن تخضع إيران لتغيير النظام، على أنه كان يتحدث عن «ثورة من القاعدة إلى القمة» وليس عن قطع رأس القيادة.
الهجرة
وفيما يتعلق بالهجرة، تقول «التلغراف» إن الإدارة الأمريكية جُرّت في اتجاهات متعاكسة بسبب مطالب أصوات ماغا المتشددة، في حين تشعر شركات التكنولوجيا الكبرى والمزارعون بالقلق بشأن قوتهم العاملة.
وبرزت هذه القضية في ديسمبر/كانون الأول خلال خلاف بين كبير مستشاري البيت الأبيض السابق ستيف بانون وإيلون ماسك، الحليف الرئيسي لترامب آنذاك، حول تأشيرات H1-B للمهاجرين ذوي المهارات العالية.
بلغ الخلاف بين الرجلين حدًّا دفع بانون إلى التهديد بـ«تمزيق وجهه اللعين».
وقد انحاز ترامب إلى ماسك في ذلك الوقت، لكنه شرع أيضًا في حملة ترحيل جماعية، بينما تصدّى بقوة للهجرة غير الشرعية.
فوضى الديمقراطيين
هناك عامل آخر يصب في مصلحة ترامب، وهو أن الديمقراطيين، بعد أن خسروا البيت الأبيض ومجلس الشيوخ ومجلس النواب في نوفمبر/تشرين الثاني، أصبحوا في حالة من الفوضى لدرجة أنهم لا يهددون بتآكل قاعدة دعمه.
وقال كارني إن الرئيس «محظوظٌ جدًا. خصومه سيئون للغاية، وهذا يجعل نجاحاته تبدو أفضل».
ويزعم بانون أن هناك ثلاث ركائز أساسية لـ«ماغا»: تقييد التجارة الحرة، والحد من الهجرة، وإنهاء الحروب الأبدية، لكنّ هناك شيئًا يدعم كل ذلك: ترامب.
وقالت دانييل فينسون، أستاذة العلوم السياسية في جامعة فورمان بولاية كارولاينا الجنوبية، إن الحركة لم تكن «متسقة أيديولوجيًا أو موحدة بشأن القضايا»، مضيفة أنه «طالما أن ترامب هو الرئيس، فسيحظى بدعم ماغا».