الاختيارات صارت واضحة في عهد الرئيس الأمريكي الصلب دونالد ترامب، لن تدعي بعد اليوم الحلف مع أمريكا وأنت في المعسكر المعادي.
هناك مثل غربي شهير يقول ما معناه: «لا تستطيع أن تبقي على الكعكة كاملة وأنت تأكلها».
هذا المعنى أظن أنه ينطبق اليوم على دولة تركيا، تحت قيادة رجب طيب أردوغان. كما يسري بشكل ما على سلطة قطر الحالية.
الدولتان على علاقة تحالفية مع الولايات المتحدة. من مظاهر هذا وجود القواعد العسكرية. بالنسبة لقطر قواعد أمريكية صرفة في العديد والسيلية. وبالنسبة لتركيا قاعدة لحلف «الناتو» الذي تقوده واشنطن. أعني قاعدة «إنجيرليك» الشهيرة.
قطر، التي لا تملك الذهاب بعيداً في استفزاز الإدارة الأمريكية الحالية. يقال إن أردوغان غاضب من الدوحة بسبب خذلانها له مالياً، طالباً من سلطات قطر «رد الجميل»، بعدما اصطف بشكل «عصمنلي» صلف مع قطر ضد دول الخليج
الأمر لم يقتصر على هذه الصِلة العسكرية الحساسة؛ بل على انضواء هاتين الدولتين تحت لواء المعسكر العالمي الذي تتزعمه واشنطن، بالضد من مطامح وغايات وأعمال دول ضخمة، في مقدمتها روسيا والصين. بالنسبة لروسيا فالمواجهة الأمريكية معها تشمل الجانب الأمني والعسكري والسياسي والإعلامي. وبالنسبة للصين فعنوان المواجهة الأول اقتصادي. من غير نفي لأوجه المواجهة الأخرى.
بالطبع ثمة «هوامش» حركة لحلفاء واشنطن مع روسيا والصين، حتى وإن أزعج ذلك الأمريكان. لكن تختلف الصورة حين يرتقي العمل من التصرف ضمن نطاق الهوامش إلى العمل بطريقة الأعداء وليس الحلفاء. هنا، وهنا فقط، يكون على هذه الدولة أو تلك تحديد اختيارها صنف العلاقة مع واشنطن.
تركيا الأردوغانية، وبعدما شدّد عليها العقوبات الرئيس الأمريكي الصلب دونالد ترامب، تعيش وضعاً حرجاً بتدهور قيمة العملة الوطنية. والآتي أعظم. وما زال الرئيس «الشعبوي» أردوغان يهدد أمريكا بالويل والثبور وعظائم الأمور!
الخلاف بين أردوغان وترامب ليس محصوراً بقضية القس الأمريكي المسجون بتركيا. هذا عنوان الأزمة؛ لكن مضمونها هو انزياح أردوغان بدولة تركيا نحو المعسكر المعادي لواشنطن. وكانت تحديات أردوغان ورجاله للعقوبات على إيران شكلاً صارخاً من أشكال التحدي الأجوف.
الآن، من سيساعد أردوغان في عاصفته المالية والاقتصادية؟
قطر، التي لا تملك الذهاب بعيداً في استفزاز الإدارة الأمريكية الحالية. يقال إن أردوغان غاضب من الدوحة بسبب خذلانها له مالياً، طالباً من سلطات قطر «رد الجميل»، بعدما اصطف بشكل «عصمنلي» صلف مع قطر ضد دول الخليج، أو أهمها.
حتى الأحزاب الشيعية الحاكمة في العراق، لم تقدر على المضي بعيداً، في الانحياز لإيران المترنحة تحت سوط العقوبات الأمريكية. ففي الأخبار، أكد المتحدث الإعلامي باسم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الأنباء التي تحدثت عن إلغاء الأخير زيارته المقررة، أمس الثلاثاء، إلى العاصمة الإيرانية طهران، عازياً السبب إلى «انشغالاته الكثيرة» رغم أن العبادي سوف يتوجه إلى تركيا في اليوم نفسه.
وكانت وكالة «أسوشييتدبرس» قد نقلت عن مسؤولين عراقيين أن «طهران هي التي ألغت زيارة العبادي» بعد أن أثار غضب المسؤولين الإيرانيين، إثر إعلان التزام بلاده بالعقوبات الأمريكية ضد إيران الأسبوع الماضي.
على كل حال، الاختيارات صارت واضحة في عهد الرئيس الأمريكي الصلب دونالد ترامب. لن تدعي بعد اليوم الحلف مع أمريكا وأنت في المعسكر المعادي. ربما كان هذا «اللعب» ينفع في وقت الرئيس «المرن» باراك أوباما.
نقلا عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة