هل يتجه ترامب إلى "عسكرة" إدارته ؟
مخاوف واسعة من اتجاه الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لزيادة نفوذ العسكريين في إدارته وتأثيرهم على سياسات البيت الأبيض
أثارت التقارير بشأن اختيار الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لعسكري ثالث في إدارته مخاوف واسعة بشأن تزايد نفوذ العسكريين في إدارته وتأثيرهم على سياسات البيت الأبيض خلال السنوات الأربع القادمة.
وكان مسئولون مطلعون قد أكدوا أن ترامب اختار الجنرال المتقاعد، جون كيلي، لمنصب وزير الأمن الداخلي.
ووفقا لصحيفة "واشنطن بوست" الأمركية فإن ذلك هو ثالث عسكري من النخبة العسكرية يختاره ترامب للعمل في أعلى مستويات إدارته.
وأثار اختيار كيلي بالإضافة إلى اثنين آخرين من الشخصيات العسكرية المخاوف بين بعض أعضاء الكونجرس والخبراء في الأمن القومي بشأن تزايد هيمنة العسكريين على صياغة سياسات الإدارة الجديدة.
فيقول السيناتور كريس مورفي الديمقراطي عن ولاية كونيتيكت، وعضو لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس: إن "ذلك مقلق.. ربما يتمتع هؤلاء الثلاثة بخبرات عظيمة ولكننا تعلمنا خلال الـ15 عاما الماضية أننا نقترف خطأ كبيرا عندما ننظر إلى مشكلات العالم بعيون عسكرية".
وبالرغم من الانتقادات التي كان يوجهها ترامب خلال حملته الانتخابية للجنرالات فإنه أبدى مؤخرا ميلا للاستعانة بهم؛ حيث يبدو أن ترامب الذي لا يتمتع بأي خبرة عسكرية قد أصبح مولعا بخيلاء العسكريين وقصصهم عن ميدان المعركة.
وإذا تأكدت أخبار تعيين كيلي فإنه سوف ينضم إلى الجنرال المتقاعد جيمس ماتيز، المشهور باسم "الكلب المسعور" والذي تم تعيينه وزيرا للدفاع والجنرال المتقاعد مايكل فلين، الذي تم اختياره كمستشار ترامب للأمن القومي، بالإضافة إلى أن الجنرال المتقاعد ديفيد بترايوس هو أحد الأسماء المقترحة لمنصب وزير الخارجية، كما أن الأميرال مايكل روغرز هو أحد المتنافسين على منصب مدير الاستخبارات الوطنية.
وهناك عدد آخر من الشخصيات التي لديها خلفية عسكرية والمرشحة لاحتلال مناصب كبرى في إدارة ترامب من بينها السناتور مايك بومبيو الجمهوري عن ولاية كانساس والذي تخرج في الأكاديمية العسكرية الأميركية وكان يعمل في الجيش خلال حرب الخليج وهو مرشح ترامب لقيادة وكالة الاستخبارات المركزية بالإضافة إلى ستيفن بانون الضابط السابق بالبحرية والذي سيعمل ككبير المستشارين الاستراتيجيين للرئيس.
جدير بالذكر أن العديد من الشخصيات التي التقى بها ترامب وتشاور معها قضت معظم العقد ونصف الماضيين في الحرب وكانوا مشاركين على نحو خاص في معركة الولايات المتحدة ضد الإرهاب العالمي.
كما أن اختيارات ترامب تبدو مبهرة أيضا أخذا في الاعتبار أنه كان يتبنى مواقف ضد الاتجاه التدخلي للولايات المتحدة في حملته الانتخابية ويوجه انتقادات حادة لحرب العراق وغيرها من المغامرات العسكرية.
ويمثل ميل ترامب نحو القيادات العسكرية تغيرا رئيسيا عن الرؤساء الثلاثة السابقين الذين لم يختاروا سوى عدد محدود من القيادات العسكرية في المناصب العليا، واعتمدوا أساسا على الأشخاص الذين قضوا عقودا في الخدمة المدنية كسياسيين أو أكاديميين أو محامين.
ويقول وليام جالستون، الباحث بمعهد بروكينغز: "يبدو أن ترامب يعتمد على نموذج محدد.. فمعظم وزرائه سيأتون من الشخصيات ذات الخلفية العسكرية أو من ذوي الخلفية التنفيذية ويبدو أن العامل المشترك بينهم هو القيادة القوية والقدرة على صناعة القرار التنفيذي".
من جهة أخرى، اعتبر السناتور كلير ماكسكيل، الديمقراطي عن ولاية ميتسوري أن الإدارة القادمة ستقتصر على رجال غولدمان ساكس والجنرالات".
كما أعرب دانيل بينجامين، المسئول السابق بمكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية في إدارة أوباما والأستاذ بكلية دارتماوث عن مخاوفه من وجود ذلك العدد من الجنرالات في مناصب كانت في العادة مناصب مدنية".
ونظرا لأن العسكريين عادة ما يعملون في منظمات ذات هيكل تنظيمي واضح ولديهم عدد كبير من العاملين تحت قيادتهم وتراتبية واضحة للقيادة فإنهم يواجهون صعوبة أحيانا في العمل في مجال السياسة.
ويقول فيل كارتر، الباحث بمركز الأمن الأميركي الجديد:"إن الجنرالات الناجحين ليسوا بالضرورة وزراء وسياسيين ناجحين".
ومن جهة أخرى، يوجد من يدافع عن منح الفرصة للعسكريين خاصة إذا ما كان لديهم تاريخ طويل من النجاح فيقول جالستون، الديمقراطي الذي كان يعمل كمستشار لسياسات البيت الأبيض في إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون إن الاختيار بين إدارة من المحامين أو إدارة من العسكريين هو خيار صعب ولكن نظرا لأن تجربة إدارة المحامين لم تكن مبهرة، يقول جالستون إنه يجب منح العسكريين الفرصة.