«عقدة نوبل».. ترامب يطارد إرث أوباما بسلام أوكرانيا

في عالم تتداخل فيه الأجندات الجيوسياسية مع طموحات القادة الشخصية، تبرز حرب أوكرانيا لا كصراع دموي على الأرض، بل كساحة لمعركة أخرى.
وبحسب صحيفة "ذا صن" البريطانية، تحولت حرب أوكرانيا إلى معركة داخل البيت الأبيض بين إرثين: إرث الرئيس الأسبق باراك أوباما الحائز على جائزة نوبل للسلام، وحلم الرئيس الحالي دونالد ترامب الجامح بالفوز باللقب ذاته.
فبينما تواصل الصواريخ الروسية تمزيق المدن الأوكرانية، يخوض ترامب معركته الخاصة لإثبات تفوّقه على سلفه الديمقراطي، عبر وعدٍ جريء بإنهاء الحرب "في 24 ساعة"، لا بدافع إنساني بحت، بل سعيًا لجائزةٍ راودته منذ أن رأى أوباما يحملها بيديه عام 2009.
ووفقًا لمستشاره السابق للأمن القومي، جون بولتون، يرغب ترامب في محو "إهانة تاريخية" يشعر بها، حيث يرى أن أوباما نال الجائزة دون استحقاق، بينما يُحرم هو منها رغم إنجازاته.
من "وقف النار في 24 ساعة" إلى جائزة مُتعثّرة
منذ عودته للبيت الأبيض في ولايته الثانية، وعد ترامب بإنهاء الحرب الأوكرانية خلال يوم واحد، مستندًا إلى علاقته الشخصية مع بوتين. لكن رغم مرور أكثر من شهرين، لا تزال موسكو ترفض أي هدنة لا تشمل تنازلات أوكرانية كبرى، مثل التخلي عن الانضمام للناتو، وتسليم مناطق دونباس وخيرسون.
في المقابل، توافق كييف على وقف إطلاق النار الأمريكي المقترح، لكنها ترفض التخلي عن أراضيها.
هذا التعنّت يُهدد حلم ترامب بتحقيق "انتصار سلام" يُؤهله لنوبل، خاصة بعد الهجوم الروسي الأخير على كريفي ريه.
ويكشف بولتون أن ترامب يعتبر فوز أوباما بالجائزة عام 2009 – بعد أشهر فقط من توليه الرئاسة – "خطأ تاريخيًا"، ويشير إلى أنه يريد تعويض هذا "الظلم" عبر إنهاء أطول حرب في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
ولم يخفِ ترامب غضبه سابقًا، قائلاً: "لو كانت الجائزة تُمنح بعدل، لكنت حصلت عليها مرات كثيرة"، بل إنه وصف فوز أوباما بأنه "شيء مُضحك"، لأن الرئيس "لم يعرف سبب منحه إياها".
ترشيحات متكررة.. وخيبات متوقعة
رغم ترشيح ترامب مرتين للجائزة خلال ولايته الأولى – من قبل سياسيين أحدهما نرويجي والآخر سويدي – فقد فشل في جذب اهتمام لجنة نوبل، لكن جهودهما باءت بالفشل، ولم تُؤهِّلا رجل الأعمال الجمهوري للفوز بالجائزة التي يتطلّع إليها بشدة.
وعاد الأمل عام 2024 مع ترشيحين جديدين: الأول من البروفيسورة الإسرائيلية أنات ألون-بيك، والثاني من النائب الأوكراني أولكسندر ميريجكو. لكن الخبراء يستبعدون فوزه، لا سيما مع إغلاق باب الترشيحات في يناير/كانون الثاني الماضي.
وهو ما أكده ترامب ذاته في اجتماعٍ له في المكتب البيضاوي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في فبراير/شباط الماضي، حيث: "لن يمنحوني جائزة نوبل للسلام أبدًا.. إنه لأمرٌ مؤسف.. أستحقها، لكنهم لن يمنحوها لي أبدًا".
حرب أوكرانيا: منصة سياسية أم بوابة لتحقيق الذات؟
يحاول حلفاء ترامب تعزيز فرصه عبر تصريحات مثيرة. فمستشاره مايك والتز وصفه خلال مؤتمر محافظ بأنه "صانع السلام الذي سينهي الحروب في أوروبا والشرق الأوسط"، بينما أكد وزير الخزانة سكوت بيسنت لقناة "فوكس نيوز" أن ترامب "يستحق نوبل خلال عام".
لكن الواقع يشير إلى أن الطريق لا يزال طويلاً: فبينما تُعدّ اللجنة النرويجية قائمتها القصيرة للفائزين في أكتوبر/ تشرين الأول تواصل روسيا حصد الأراضي، وأوكرانيا ترفض الاستسلام.