عقبات ترامب تتزايد.. «حلم السلام» يصطدم بالواقع
![دونالد ترامب](https://cdn.al-ain.com/lg/images/2025/2/11/155-233320-trump-peacemaker-obstacles_700x400.jpg)
في خطاب تنصيبه، وعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن يكون إرثه الأكثر فخرا هو أن يصبح "صانع السلام".
في المقابل، خلال 3 أسابيع هدد ترامب العديد من جيران الولايات المتحدة واقترح تهجير سكان قطاع غزة، لكن في الوقت نفسه، لا يزال يدفع باتجاه محادثات السلام في أوكرانيا، ويشير إلى الانفتاح على اتفاق نووي جديد مع إيران، وإعادة فتح المحادثات مع كوريا الشمالية.
ووفقا لموقع "ريسبونسيبل ستايت كرافت" فإن قدرة ترامب على أن يكون صانع سلام ستعتمد إلى حد كبير عليه وتحديدًا على قدرته على إبقاء إدارته مركزة وعلى استعداده للمثابرة من خلال المحادثات الشاقة والانتقادات، بدلاً من الاستسلام والعودة إلى المواقف العدائية.
في ولايته الأولى وخلال حملته، كان سجل ترامب في صنع السلام ضعيفا رغم أنه لم يبدأ أي حروب جديدة عندما كان في البيت الأبيض، لكنه اقترب من إيران وانخرط في تبادل "النار والغضب" مع كوريا الشمالية قبل الانخراط في محادثات غير ناجحة.
ولم ينه ترامب أي حروب أو يعيد القوات الأمريكية المنتشرة إلى الوطن، رغم إشارته إلى الخروج من سوريا وتقليص الوجود في أوروبا وخلال حملته العام الماضي، انتقد ترامب إدارة الرئيس السابق جو بايدن لتنفيذ الانسحاب من أفغانستان الذي سبق أن تفاوض عليه في ولايته الأولى كإنجازه المميز في صنع السلام.
ومع ذلك، يبدو ترامب جادًا بشأن التوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا حول أوكرانيا، حتى لو لم يتمكن من تحقيقه في 24 ساعة كما تعهد في حملته.
ولم يقل ترامب الكثير عن كوريا الشمالية مؤخرًا، لكن تصريحاته السابقة تشير إلى أنه ينظر إلى الصفقة مع بيونغ يانغ على أنها عمل غير مكتمل.
والمثير للدهشة أن ترامب قال مؤخرًا إنه منفتح على صفقة نووية جديدة مع إيران وأعلن تسليم ذلك الملف إلى ستيف ويتكوف، وهو قطب عقارات معروف بقدرته على إبرام الصفقات بعيدا عن صقور إيران مثل وزير الخارجية الأسبق مايك بومبيو ونائبه برايان هوك.
وفيما يتعلق بإسرائيل وفلسطين، يقول ترامب إنه يسعى إلى السلام، لكن هذا ليس واضحًا حتى لو كان دعمه لاتفاق وقف إطلاق النار أمرًا بالغ الأهمية في إقناع الحكومة الإسرائيلية بالموافقة أخيرًا عليه.
ورغم رغبة ترامب في التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والسعودية فإنه من الصعب تحقيق ذلك خاصة بعد أن اقترح إبعاد الفلسطينيين عن غزة بالكامل قبل إعادة تطوير المنطقة وتحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".
وتقدم هذه المساعي للسلام في أوكرانيا وكوريا الشمالية وإيران وإسرائيل تحديات سياسية فريدة، لكنها تواجه مجموعة مشتركة من العقبات المحلية.
إحدى هذه العقبات هو الرأي العام، فالحكمة التقليدية في السياسة الأمريكية تقول إن صنع السلام أكثر خطورة من بدء الحروب.
ويصر الكثير من المعلقين على أن ترامب فاز في الانتخابات بسبب وعده بإنهاء الحروب في الخارج، إلا أن 4% فقط من الناخبين قالوا إن السياسة الخارجية كانت حاسمة لاختيارهم ومع ذلك يبدو أن الناخبين فضلوا ترامب في السياسة الخارجية بشكل عام لكن ذلك كان بسبب هالة القوة والتغيير، وليس مقترحاته.
ويبدو أن ناخبي ترامب لا يتفقون مع رغبته في إبرام صفقة مع إيران، ولا آرائه بشأن حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وتصريحه بأنه قد لا يدافع عن تايوان، لكنهم لم يعاقبوه على أي من ذلك ولن يقيد الرأي العام سعي ترمب إلى إبرام صفقات السلام.
ومن المرجح أن تأتي المقاومة الرئيسية لأجندة ترمب للسلام، من داخل واشنطن العاصمة سواء من الكونغرس أو المعلقين ومحللي مراكز الأبحاث وجماعات الضغط.
ويدرك ترامب التأثير المحدود للمناقشات في واشنطن على دفع سياساته كما أنه لن يكون لدى الكونغرس القدرة الكافية على وقف أي اتفاق سلام يوقعه ترامب، والذي من المرجح أن يكون اتفاقا تنفيذيا، وليس معاهدات يتعين على مجلس الشيوخ الموافقة عليها كما أن الأغلبية الجمهورية حاليا مخلصة لترامب وغير راغبة في تأكيد سلطاتها على السياسة الخارجية.
وقد تأتي المعارضة من الأجزاء الأكثر تشددا في إدارة ترامب، بدءا من مستشار الأمن القومي مايك والتز، ووزير الخارجية ماركو روبيو، وحتى وزير الدفاع بيت هيغسيث، لكن فريق ترامب في الولاية الثانية تم اختيارهم ليكونوا مطيعين.
وقد يستغرق إحضار الأطراف المتحاربة إلى الطاولة شهورا من المحادثات أو أكثر ومن ثم يمكن أن تستمر المفاوضات إلى أجل غير مسمى، ويبدو أن ترامب غير مؤهل لتحمل هذا النوع من الدبلوماسية الصبورة فهو أكثر اهتماما بالدعاية والأضواء المرتبطة بإبرام الصفقات أكثر من جوهرها، وهو أمر ليس قاتلا لأجندة السلام فحسب لكنه يثير أيضا الشكوك حول الالتزام والتحمل.
كما تثير البداية الإمبريالية الجديدة لولاية ترامب الثانية الشكوك حول قدرته على الحفاظ على تركيزه فيما يتعلق بالإرث السلمي الذي يدعي أنه يسعى إلى تحقيقه.