خطط أمريكية لليوم التالي في فنزويلا.. سيناريو ما بعد مادورو
بعد أشهر من حملة الضغط الأمريكية التي شهدت نقل آلاف الجنود ومجموعة حاملة طائرات هجومية إلى منطقة البحر الكاريبي، وتوجيه الرئيس دونالد ترامب تهديدات متكررة ضد الزعيم الفنزويلي، تعمل واشنطن على خطط لليوم التالي في حال الإطاحة بنيكولاس مادورو.
ونقلت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية عن مسؤوليْن كبيرين في الإدارة الأمريكية ومصدر آخر مطلع على المناقشات قولهم إن الخطط تُصاغ بهدوء في البيت الأبيض.
وأضافت المصادر أن هذه الخطط تشمل خيارات متعددة لما قد يبدو عليه الإجراء الأمريكي لملء فراغ السلطة وتحقيق الاستقرار في البلاد إذا غادر مادورو طواعيةً في إطار مفاوضات الخروج، أو تم إجباره على المغادرة بعد ضربات أمريكية على أهداف داخل فنزويلا، أو أي إجراء مباشر آخر.
وقال مسؤولون بشكل علني إن الهدف من الحشد العسكري في منطقة البحر الكاريبي وضربات قوارب تهريب المخدرات هو الحد من تدفق المخدرات إلى الولايات المتحدة، إلا أن التخطيط الداخلي يشير بوضوح إلى تفكير ترامب في إجبار مادورو على التنحي، وهو ما يقر به مسؤولو الإدارة سرًا.
ووفقا لـ"سي إن إن"، لم يتخذ ترامب قرارًا بعد بشأن كيفية حل الأزمة، وأن هناك آراء متباينة داخل الإدارة وقال مسؤولان كبيران في الإدارة إنه لا توجد رغبة في تكثيف التدخل الأمريكي في فنزويلا.
وقبل أيام فقط من دخول تصنيف الولايات المتحدة لمادورو وحلفائه في الحكومة كأعضاء في منظمة إرهابية أجنبية، أجرى ترامب اتصالا هاتفيا مع الرئيس الفنزويلي.
وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن المكالمة لم تكن بالضرورة مثيرة للجدل، إلا أن ترامب وجه إنذارًا نهائيًا لمادورو وأخبره أن من مصلحته مغادرة البلاد، وأن واشنطن تنوي مواصلة "تفجير" القوارب.
وفي مقابلة مع مجلة "بوليتيكو"، قال ترامب إنه لا يريد الإفصاح عن مدى استعداده للإطاحة بمادورو، لكنه أضاف أن "أيامه معدودة".
وقال مسؤول كبير في الإدارة "من واجب الحكومة الفيدرالية الاستعداد دائمًا للخطط (أ) و(ب) و(ج)"، مشيرًا إلى أن ترامب ما كان ليُطلق هذه التهديدات لو لم يكن لديه فريق مُجهز بسلسلة من الخيارات لأي نتيجة محتملة.
وقال مصدر آخر إن "مسؤولية الحكومة الأمريكية هي الاستعداد لجميع السيناريوهات حول العالم التي قد تتحقق أو لا تتحقق" وأضاف أنه يتم وضع الخطط في مجلس الأمن الداخلي بالبيت الأبيض، برئاسة ستيفن ميلر، الذي عمل خلال الأشهر الأخيرة مع وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي بالإنابة ماركو روبيو بشأن الجهود المتعلقة بفنزويلا.
من جهة أخرى، تعمل المعارضة الفنزويلية بقيادة ماريا كورينا ماتشادو وإدموندو غونزاليس على خطط "اليوم التالي" منذ سنوات، وقد أعلنت عن عناصر من تلك الخطط.
وفي تصريحات لـ"سي إن إن"، قال زعيم المعارضة ديفيد سمولانسكي إن جهودهم ستتناول الأمن والاقتصاد والطاقة والبنية التحتية والتعليم، من بين محاور أخرى.
وأفاد مصدر مطلع بأن المعارضة تعد خططًا للخطوات التالية في حال الإطاحة بمادورو، وقد اطلعت عليها جهات مختلفة في إدارة ترامب. وقال المصدر إنه من غير الواضح ما إذا كانت واشنطن قد عملت على دمج أي جوانب من هذه الخطط في خططها.
وكانت إدارة ترامب قد صرحت بأن غونزاليس هو "الرئيس الشرعي" لفنزويلا بعدما زعمت الولايات المتحدة فوزه بأكبر عدد من الأصوات في انتخابات البلاد العام الماضي وخلال الصيف، جرت محادثات غير رسمية داخل الإدارة مرتبطة بماتشادو وغونزاليس.
وقال مسؤولون إن ماتشادو ستقود البلاد إذا تمت الإطاحة بمادورو وأشادت زعيمة المعارضة علنًا بترامب، وقالت إن فنزويلا ستعمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة.
لكن التخطيط لليوم التالي يتم الآن بشكل أكثر كثافة وسيتعين على الولايات المتحدة تحديد مقدار ونوع الدعم الذي ستقدمه للبلاد لمنعها من الانزلاق إلى الصراع والفوضى، وكيف ستضغط للتأثير على حكم البلاد.
وقال العديد من مسؤولي الإدارة إن ترامب غير مهتم بمفاوضات طويلة وممتدة مع مادورو خاصة بعدما قال روبيو لقناة "فوكس نيوز" الأسبوع الماضي "المشكلة هي أن مادورو أبرم 5 صفقات مع جهات مختلفة على مدار السنوات العشر الماضية، وأخل بجميعها" لكنه أضاف أن ذلك لا يعني عدم السعي لإبرام صفقة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، قال ترامب إنه سمح لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية بالعمل داخل فنزويلا للحد من تدفق المهاجرين والمخدرات لكنه امتنع عن التصريح بأنها تملك سلطة إقالة مادورو.
من جهة أخرى، رحب الخبراء بتخطيط الإدارة الأمريكية لليوم التالي لمادورو نظرًا لمدى تعقيد وخطورة الوضع.
وقال مارك كانسيان، كبير المستشارين في قسم الدفاع والأمن بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "إنها علامة جيدة.. إذا كانوا ينوون تغيير النظام، وهو ما يبدو أنهم عازمون عليه، فعليهم أن يكون لديهم بديل جاهز للتنفيذ منذ اليوم الأول".
وأضاف "في 2003 في العراق، لم تكن لدى الولايات المتحدة خطة واضحة لليوم التالي، وإدارة ترامب لن ترغب في تكرار هذا الوضع" وأشار إلى أن وجود هذه الخطط قد يصعب على ترامب التراجع عن أي جهود لتغيير النظام".
وقال فرانسيسكو رودريغيز، الخبير الاقتصادي المتخصص في شؤون فنزويلا "إذا تولت ماتشادو وغونزاليس السلطة فورًا، فمن الواضح جدًا أنهما سيعتبران رئيسين منتخبين شرعيًا، وبالتالي ستعيد الولايات المتحدة الاعتراف بهما من اليوم الأول".
وأضاف "لكن إذا كانت حكومة انتقالية تضم أشخاصًا من الحركة التشافيزية، فكيف ومتى يُعترف بالحكومة؟ سيحدد الاعتراف رفع العقوبات والحصول على الدعم الاقتصادي، وهو أمر بالغ الأهمية لاستقرار البلاد".
ووفقا لمصادر متعددة فإن الإدارة لا تزال على اتصال بالمعارضة الفنزويلية، لكن لا توجد اجتماعات منتظمة على مستوى رفيع مع مسؤولين مثل روبيو.