بوتين وترامب في ألاسكا..ما وراء الابتسامات والكاميرات

على أرض ألاسكا البعيدة، يلتقي ترامب وبوتين في مواجهة تبقي الكواليس مليئة بالأسرار، لتترك للابتسامات أمام الكاميرات تأويلات أخرى
فالقمة المقررة اليوم الجمعة، بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، هي الأولى للزعيمين منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022، وتحمل رهانات تتجاوز التصريحات المعلنة.
ومع اقتراب اللقاء، يُخفّض ترامب وكبار مساعديه سقف التوقعات، مشيرين إلى أن تحقيق السلام بين موسكو وأوكرانيا ليس من مهام الرئيس، واصفين القمة بأنها مجرد "جلسة استماع".
تصريحات كهذه، تخفي- بحسب صحيفة نيويورك تايمز- "المخاطر الهائلة التي ينطوي عليها أول اجتماع بين ترامب وبوتين منذ اندلاع الحرب، لا سيما بالنسبة للأطراف التي لا يُتوقع حضورها، بما في ذلك قيادة أوكرانيا والدول الأوروبية".
ترامب والاختبار المزدوج
حسابات المخاطر والمكاسب التي تحدثت عنها الصحيفة في تحليل طالعته "العين الإخبارية"، تشير إلى أن ترامب يواجه اختبارا مزدوجا: التوازن بين إنجاز رمزي يمكن الإعلان عنه أمام الرأي العام، وبين منع أي انعكاسات سلبية على أوكرانيا وحلفاء الناتو.
فترامب- تضيف الصحيفة- "يرى نفسه صانع سلام، وهذا مرتبط ارتباطا وثيقا برغبته المُعبّر عنها كثيرا في الفوز بجائزة نوبل للسلام، والتي عادة ما يقرنها بتعليق ما يشير إلى أن لجنة نوبل لن تمنحه إياها أبدا".
وقد نسب لنفسه الفضل في وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان. ولعب دورا مباشرا في اتفاقية السلام التي وُقعت بين أرمينيا وأذربيجان في البيت الأبيض، وكانت هناك صراعات إقليمية أخرى لعب فيها دورا مهما.
إلا أن أزمات كبيرة بقيت بلا حل حتى اليوم، منها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والحرب في أوكرانيا، التي صرّح علنا أنه سيحلها في غضون 24 ساعة، استنادا إلى علاقته الطويلة، والتي يراها محترمة، مع بوتين.
وقد بدأ يتساءل الآن عما إذا كانت تلك العلاقة كما ظنّها، أو على الأقل ما صورها، لأن بوتين أجرى معه سلسلة من المكالمات الهاتفية الودية والبناءة، ثم واصل العمل على نفس خطة المعركة التي كان يتبعها سابقا، محققا نجاحا ملحوظا مؤخرا.
وفي هذا الصدد، لفتت "نيويورك تايمز" إلى أنه إذا خرج الرئيس من ألاسكا دون خطة فورية أو وشيكة لوقف إطلاق النار، فسيكون من الصعب عليه تصوير ذلك على أنه انتصار.
ومن جهة أخرى، يشكل اللقاء فرصة لبوتين لكسب موقف تفاوضي قوي قبل أن تبدأ القمة حتى، من خلال تقديم عروض اقتصادية أو مناقشة اتفاقيات الأسلحة، ما يمنحه أفضلية نسبية في الصورة العامة للقاء.
من هو الأكثر عرضة للخطر هنا؟
الأطراف الأكثر عرضة للمخاطر هم أوكرانيا وزيلينسكي، خصوصا مع ما يطلق عليه ترامب فكرة "تبادل الأراضي"، والتي قد تمنح روسيا أراضٍ إضافية لم تكسبها عسكريا مقابل تنازلات أخرى.
كما يواجه ترامب خطر أن يكون ما يخرج به من ألاسكا مجرد مماطلة تمنح بوتين فرصة لتخفيف العقوبات، وإعادة بناء قوته، وربما إعادة محاولة غزو مستقبلية.
ولتجنب ذلك، يُصر الأوروبيون وزيلينسكي على ضمانات أمنية واستمرار شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا، بالإضافة إلى ضمان عدم تقديم ترامب أي تنازلات بشأن أماكن انتشار قوات الناتو في أوروبا الشرقية.
ماذا عن بوتين؟
أما بالنسبة لبوتين، فقالت الصحيفة إنه يبدو أقل الخاسرين من هذا الاجتماع، مشيرة إلى أن الرئيس الروسي يحقق بوتين انتصارا ما في اللحظة التي يصل فيها إلى ألاسكا "كونها تكسر العزلة الدولية".
وأضافت "سيحضر بوتين معه وفد تجاري، ولا توجد طريقة أفضل لجذب انتباه ترامب من التلويح بصفقة استثمارية كبيرة محتملة، لا سيما في المعادن الأساسية أو المعادن النادرة، مما سيجعل الولايات المتحدة أقل اعتمادا على الصين".
هناك أيضا احتمال أن يقدم بوتين نوعا من الاتفاق غير الرسمي لتمديد آخر معاهدة ثنائية رئيسية للحد من الأسلحة بين روسيا والولايات المتحدة، والتي تنتهي في أوائل العام المقبل.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNyA= جزيرة ام اند امز