تقارب ترامب وبوتين يضع إيران أمام خيارين أحلاهما مرّ

تقارب متزايد تشهده العلاقات الأمريكية الروسية مؤخرا الأمر الذي قد يؤدي إلى نهاية تحالف موسكو مع طهران وصولا إلى تغيير النظام في إيران.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمر الأسبوع الماضي بقصف الحوثيين في اليمن بسبب هجماتهم في البحر الأحمر، لكن هذا الاستعراض للقوة لم يهدف فقط إلى إبقاء ممرات الشحن مفتوحة، إنما كان رسالةً لإيران، بحسب صحيفة تليغراف البريطانية.
وقال ترامب: "سيُنظر إلى كل طلقة يُطلقها الحوثيون من الآن فصاعدًا على أنها طلقةٌ أُطلقتها أسلحة وقيادة إيران.. وستتحمل إيران المسؤولية، وستتحمل العواقب، وستكون هذه العواقب وخيمة!".
ورغم أن البرنامج النووي الإيراني أقل تداولًا من غزة وأوكرانيا، إلا أنه يُمثِّل إحدى أكبر المشكلات في أجندة ترامب، الذي انسحب من الاتفاق النووي الإيراني خلال ولايته الأولى في عام 2018.
واليوم، تمتلك إيران ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب لإنتاج مواد صالحة للاستخدام في صنع الأسلحة لخمس قنابل على الأقل، وتُقدَّر المدة الزمنية الفاصلة بين إصدار الأمر وبدء إنتاج الرؤوس الحربية بأسابيع.
وفي 7 مارس/آذار الجاري، كتب ترامب رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، مُحدِّدًا مهلة شهرين لتوقيع اتفاق نووي جديد.. وأصبح القرار الآن بيد الرئيس الأمريكي وحده لاتخاذ القرار لحل الأزمة، إما بالدبلوماسية أو بالوسائل العسكرية.
لكن كلا الخيارين سيضع ترامب في خلاف مع رجل يحاول التقرب منه، وهو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حليف إيران.
ووفقًا لصحيفة تليغراف البريطانية، فالسؤال الآن: هل ستدافع روسيا عن علاقتها بإيران أم ستضحي بها مقابل التقارب مع الولايات المتحدة؟
وقالت الصحيفة إن هناك الكثير مما يدعو إيران للقلق، مثل الاتصال الهاتفي بين ترامب وبوتين حول أوكرانيا، والذي تضمن حديثًا حول اعتبار الشرق الأوسط "منطقة تعاونٍ محتمل لمنع الصراعات المستقبلية".
بعدها مباشرةً، عرض بوتين خدماته على إيران كوسيطٍ مع الأمريكيين.. وقد يكون السيناريو الكابوسي لطهران أن يسحب بوتين دعمه لها مقابل ضمان دعم ترامب في أوكرانيا.
وقال مصدر إيراني مطلع لـ"تليغراف": "الروس قالوا إن ترامب يريد الحوار ويفضِّله على الحرب"، موضحًا أن عرض ترامب "يتأرجح بين خيارين، أحدهما يؤدي إلى الحرب والدمار، والآخر إلى الإذلال.. ومع ذلك، لا أحد هنا يرغب في رفض أي عرض من بوتين.. إنه وضع صعب".
وفي 2025، تواجه طهران عددًا من التحديات في آنٍ واحد، حيث أصبح ما يُطلَق عليه بـ "محور المقاومة" في حالة يُرثى لها، مع ضربات إسرائيل لحماس وحزب الله، وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، كما استُنزِفت الغارات الإسرائيلية العام الماضي شبكة الدفاع الجوي والآلات التي تُنتج وقود الصواريخ أرض-جو.
ويشهد الاقتصاد الإيراني تدهورًا مستمرًّا، إذ تجاوز معدل التضخم 35%.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فرضت الحكومة انقطاعًا متواصلًا للتيار الكهربائي لمدة ساعتين، استجابةً لنقص حاد في الوقود، كما أدى الجفاف الشديد لسنوات إلى نقصٍ حادٍّ في المياه.
وقال مسؤول غربي: "سقوط النظام مسألة مُلحة.. لكن هذا العام يبدو مختلفًا".
ولا يختلف الشعور في الداخل، فقال المخرج السينمائي المنفي محمد رسولوف عن مزاج أصدقائه وأقاربه في إيران: "الوضع صعب للغاية... يشعرون أن النظام لم يكن قط بهذا الضعف والعجز كما هو الآن... لقد أصبح يائسًا وعاجزًا"، مشيرًا إلى وجود "انقسامات كبيرة داخل النظام".
ومؤخرًا، أقرَّ غلام حسين محسني إيجئي، كبير القضاة في إيران، بأن الفساد المستشري يُضعف الدعم الرئيسي للنظام بين قاعدته الشعبية.
وأقر مسؤول إيراني كبير لصحيفة "تليغراف" بأن الوضع مُزرٍ لدرجة أن خامنئي مُضطر للاختيار بين التفاوض مع أمريكا لتخفيف المعاناة الاقتصادية، أو بناء قنبلة نووية كضمانة نهائية.
وحول خيارات ترامب، قال البروفيسور علي أنصاري، رئيس مركز الدراسات الإيرانية بجامعة سانت أندروز: "إذا أعاد تطبيق سياسة الضغط الأقصى كما كانت في الولاية الأولى، فستُسرِّع من عملية الانهيار الاقتصادي".
وإذا تعلق الأمر بعمل عسكري، يفترض معظم المراقبين أن ترامب يُفضِّل أن تقوم إسرائيل بالقصف الفعلي لإيران، ويُعد الدور الروسي مهمًّا أيضًا، فسيجعل دعم بوتين، أو على الأقل موافقته، المهمة أكثر أمانًا.
ولا تزال هناك تحديات كبيرة، حيث يتطلب القصف 100 طائرة مقاتلة، لكن المشكلة الحقيقية في القنابل المطلوبة، مثل قنابل "اختراق المخابئ"، التي منحتها الولايات المتحدة لإسرائيل، واستُخدمت لقتل حسن نصر الله، الأمين العام الراحل لحزب الله، في سبتمبر/أيلول الماضي.
وهذه القنابل مُصمَّمة لاختراق مترين من الخرسانة المسلحة، لكن منشأة فوردو الإيرانية لتخصيب اليورانيوم مبنية في جبل تحت ما يُقدَّر بـ 89 مترًا من الصخور الصلبة.
والسلاح غير النووي الوحيد القادر على تحقيق الهدف هو قنبلة خارقة للذخائر الضخمة (MOP) بطول 6 أمتار ووزن 12 طنًا، تُسمى GBU-57A/B، وهي ضخمة جدًّا لدرجة أنها لا يمكن حملها إلا بواسطة قاذفات أمريكية ثقيلة، مثل B2 Spirit أو B-52، لذا فإن التدخل الأمريكي أمر لا مفر منه.
كما يعتمد نجاح المهمة على معلومات استخباراتية موثوقة، والعام الماضي، أظهرت إسرائيل اختراقًا استخباراتيًّا ملحوظًا لأجهزة الأمن الإيرانية، مما مكَّنها من تحديد مواقع خفية.
لكن إذا أخطأ الجواسيس الإسرائيليون والأمريكيون منشأة واحدة تحت الأرض، أو فشلت القنابل في تدمير المواقع، فقد تفشل المهمة.
aXA6IDMuMTQ2LjY1LjczIA== جزيرة ام اند امز