ترامب في وجه الانتقادات بسبب داعش وروسيا
إفشاءات ترامب تغامر بحليف أمريكي ومصدر استخباراتي مهم حول تنظيم داعش.
ذكر مارك وارنر السيناتور الأمريكي الديمقراطي البارز في لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ أن ما يتردد عن أن الرئيس دونالد ترامب كشف عن معلومات سرية لروسيا سيكون "صفعة على وجه" المخابرات الأمريكية إذا كانت صحيحة.
وأضاف في تغريدة له على موقع "تويتر" وزعها مكتبه "لا عذر للمغامرة بالمصادر والوسائل وبخاصة مع الروس"، في إشارة إلى تقرير صحيفة "واشنطن بوست" بأن ترامب كشف عن معلومات سرية لوزير الخارجية الروسي أثناء اجتماعهما الأسبوع الماضي.
وكان مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون أوضحوا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كشف معلومات سرية للغاية لوزير الخارجية الروسي والسفير الروسي لدى الولايات المتحدة، خلال اجتماع بالبيت الأبيض، الأسبوع الماضي، لافتين إلى أن إفشاءات ترامب تغامر بمصدر استخباراتي مهم حول تنظيم داعش.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أفاد هؤلاء المسؤولون أن المعلومات التي كشف عنها ترامب قدمها شريك أمريكي من خلال اتفاق تبادل معلومات استخباراتية حساسة جدا لدرجة أنه تم حجبها عن حلفاء الولايات المتحدة، وحتى داخل الحكومة الأمريكية.
وأضافت الصحيفة أن الشريك لم يسمح للولايات المتحدة بمشاركة المعلومات مع روسيا، وأن اتخاذ ترامب هذا القرار يخاطر بالتعاون مع حليف لديه إمكانية وصول إلى الأعمال الداخلية لداعش.
كما أشارت واشنطن بوست إلى أنه عقب انتهاء الاجتماع، بادر مسؤولو البيت الأبيض باتخاذ خطوات لاحتواء المشكلة، وقاموا بإجراء بعض مكالمات هاتفية مع وكالة الاستخبارات المركزية ووكالة الأمن القومي.
ونقلت عن أحد المسؤولين الأمريكيين الملمين بالأمر أن ترامب كشف عن معلومات إلى السفير الروسي أكثر من فعله مع حلفاء أمريكا.
ويتزامن هذا الكشف مع مواجهة ترامب ضغط قانوني وسياسي متزايد من قبل عدة جبهات مرتبطة بروسيا. ويعتقد بعض منتقدي ترامب أن كشفه للمعلومات محاولة لعرقلة العدالة.
والأسبوع الماضي، أقال مدير إف بي آي، جيمس كومي، في أوج تحقيقات حول علاقة حملة ترامب بموسكو. وبعد يوم واحد من إقالة جيمس، رحب ترامب بسيرجي لافروف، وسيرجي كيسلياك في المكتب البيضاوي، وأثناء الاجتماع خرج الرئيس الأمريكي عن النص وبدأ في شرح تفاصيل عن التهديد الإرهابي لداعش فيما يتعلق باستخدام أجهزة اللاب توب على متن الطائرات، على حد ما ذكره مسؤولون أمريكيون للصحيفة.
وتعتبر مناقشة أي شخص في الحكومة الأمريكية لأمور من هذا النوع "غير قانونية"، لكن كرئيس، يتمتع ترامب بسلطة كشف أسرار الحكومة متى شاء، ما يقلل من احتمال انتهاك هذا الكشف للقانون الأمريكي.
من جانبه، قال هربرت ماكماستر، مستشار الأمن القومي، الذي حضر الاجتماع: "استعرض الرئيس ووزير الخارجية التهديدات الشائعة للتنظيمات الإرهابية وتشمل تهديدات الطيران".
مضيفا "لم تتم مناقشة أي مصادر أو طرق استخباراتية أو عمليات عسكرية لم تكن معروفة من قبل للعامة".
واشنطن بوست قالت إن سي آي إيه ووكالة الأمن القومي لم يستجيبا لطلب التعليق على الأمر.
وفي السياق ذاته، أعرب مسؤولون عن قلقهم من تعامل ترامب مع المعلومات الحساسة، والعواقب المحتملة لذلك وعلى رأسها إعاقة قدرة الولايات المتحدة وحلفائها من تحديد التهديدات المستقبلية.
ووصف أحد المسؤولين ما فعله ترامب بـ"الصادم"، وقال: "يبدو أن ترامب متهور جدا، وليست لديه جاذبية للاحتفاظ بالأمور التي يتعامل معها، خصوصا التي تتعلق بالاستخبارات والأمن القومي. وعلى ما يبدو أن كل هذا بسبب مشكلته مع روسيا".
ولم يكشف ترامب عن طريقة جمع المعلومات الاستخباراتية التي كشف عنها، لكنه وصف اتباع داعش لعناصر مؤامرة محددة ومدى الضرر الذي يمكن أن يتسبب فيه هجوم كهذا في ظل ظروف مختلفة.
والمثير للقلق أكثر، حسب أحد المسؤولين، أن ترامب كشف عن المدينة التي يسيطر عليها داعش وتمكن شريك أمريكا الاستخباراتي من تحديد التهديد فيها. هذا لأن روسيا يمكن أن تستخدم هذه المعلومة في تحديد حليف أمريكا أو القدرات الاستخباراتية التي تم استخدامها، والتي يمكن أن تكون مهمة لأغراض أخرى منها توفير استخبارات حول التواجد الروسي في سوريا. ولفت آخر أن هذا لن يكون صعب على الخدمات التجسسة الروسية.
ويعتبر داعش عدو مشترك بين روسيا والولايات المتحدة، ويتشاركان معلومات محدودة حول التهديدات الإرهابية. لكن لكل دولة فيهما أجندة مختلفة في سوريا، حيث نشرت روسيا قوات عسكرية هناك لدعم الرئيس السوري بشار الأسد.
وعن الحليف الأمريكي مصدر المعلومات، رفض المسؤولون الإفصاح عن هويته، واكتفوا بالقول إنه حليف أعرب عن إحباطه مسبقا حيال عجز واشنطن عن حماية معلومات حساسة متعلقة بسوريا والعراق. وأضافوا أنه إذا علم هذا الحليف بما كشفناه لروسيا دون علمه أو طلب الأذن منه، سيكون الأمر بمثابة "صفعة" في العلاقات.
وقام ترامب أيضا بالتحدث عن إجراءات اتخذتها الولايات المتحدة أو تفكر فيها مليا لمواجهة التهديد، ويشمل ذلك عمليات عسكرية في العراق وسوريا علاوة على خطوات أخرى لإحكام الأمن.
ولم يناقش المسؤولون هذه الإجراءات بالتفصيل، لكن قالت واشنطن بوست، إن وزارة الأمن الداخلي كانت قد كشفت مؤخرا عن أنها تفكر في حظر أجهزة اللاب توب والأجهزة الإلكترونية الأخرى من الحقائب اليدوية أثناء الرحلات الجوية بين أوروبا والولايات المتحدة.
أشارت الصحيفة أيضا إلى أنه لم يسمح لأي مؤسسة إعلامية أمريكية بحضور أي جزء من الاجتماع، في ما عدا مصور "روسي" التقط صورا لجزء من الجلسة، ونشرت عبر وكالة الأنباء الروسية الرسمية تاس.